موقع د. محمود صبيح

معنى الحياة البرزخية

إن الحياة البرزخية مرحلة بين الحياة الدنيا والآخرة , مختصة بالأرواح دون الأجساد ,تتطلع فيها الأرواح على الحياة الدنيا , وتبلغهم عنها أخبارها .

وقد يجرون فيها تصرفات بأمر الله , من عون ودعاء ونصر على حسب مكانة العبد بعد انتقاله , شهيدا أو نبيا أو وليا من الصالحين , ومنها : الظهور في الرؤيا والمنامات وغيرها , كما أنها تعرض ملاذ الجنة للمؤمنين , أما الكافرون فيشاهدون منها عذاب النار .
وقد ورد في الحديث :

(...قال : فينادي مناد من السماء : أن صدق ؛ فأفرشوه من الجنة ,وألبسوه من الجنة , وأوروه منزله من الجنة , قال : ويمد له في قبره , ويأتيه روح في الجنة وريحاها ,قال : فيفعل ذلك بهم , ويمثل له رجل حسن الوجه , حسن الثياب طيب الريح , فيقول : أبشر بالذي يسرك , هذا يومك الذي كنت توعد , فيقول: من أنت فوجهك يبشر بالخير ؟ قال: فيقول أنا عملك الصالح , قال : فهو يقول : رب أقم الساعة ؛ كي أرجع إلى أهلي ومالي , ثم قرأ : ( يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) [ إبراهيم : 27 ].

وأما الفاجر...فينادي منادٍ من السماء : أن كذب، ؛ فأفرشوه من النار , وألبسوه من النار , وأروه منزله من النار , قال : فيضيق عليه قبره , حتى تختلف فيه أضلاعه ,قال: ويأتيه ريحها وحرها , قال: فيفعل به ذلك, ويمثل له رجل قبيح الوجه , قبيح الثياب منتن الريح ؛ فيقول : أبشر بالذي يسوءك , هذا يومك الذي كنت توعد , قال : فيقول : من أنت فوجهك الوجه يبشر بالشر ! قال : فيقول : أنا عملك الخبيث , قال : وهو يقول : رب لا تقم الساعة ) .

أخرجه أحمد في مسنده : ( 4/287) . والحاكم في المستدرك : (1/93 , 94 )
وابن أبي شيبة في المصنف : (3 / 54 , 55). وصحح إسناده البيهيقي في الشعب : (1 / 357 ,359 ) .

إن الحياة البرزخية هي الشعور التام , والإدراك الكامل , والمعرفة الصادقة ؛ فإنها حياة طيبة صالحة ,تحتوي على دعاء وتسبيح , وتهليل وتحميد , وصلاة وذكر ؛ فإن الموت ليس عدم محض , وإنما هو انتقال من حال إلى حال , ويدل على ذلك أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون , فرحين بما أتاهم الله , منعمين بفضله عليهم , وحياة البرزخ تكون للصالح والطالح والحياة الدنيا بالنسبة إليها غفلة
قال تعالى : ( لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [ ق : 22 ) .
يتبع بمشيئة الله