كلمة فى تنزيه الله سبحانه وتعالى
لأمير المؤمنين سيدنا على بن أبى طالب كرم الله وجهه
قال الحافظ أبو نعيم الأصفهانى فى {حليه الأولياء}ج1 ص72:
حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث ثنا الفضل بن الحباب الجمحى ثنا مسدد ثنا عبدالوارث بن سعيد عن محمد بن إسحاق عن النعمان بن سعد قال :
كنت بالكوفة فى دار الإمارة دار على بن أبى طالب إذ دخل علينا نوف بن عبدالله فقال :يا أمير المؤمنين بالباب أربعون رجلا من اليهود فقال على. علىّ بهم,فلما وقفوا بين يديه قالوا له :يا على صف لنا ربك هذا الذى فى السماء كيف هو ؟
فاستوى على جالساً وقال:معشر اليهود اسمعوا منى ولا تبالوا ألا تسألوا أحدا غيرى
إن ربى عز وجل هو الأول لم يبد مما,ولا ممازج مع ما ولا حال وهما ولا شبح يتقضى ,ولا محجوب فيحوى ,ولا كان بعد أن لم يكن فيقال حادث,بل جل أن يكيف المكيف للأشياء كيف كان ,بل لم يزل ولا يزول لاختلاف الأزمان,ولا لتقلب شأن بعد شأن وكيف يوصف بالأشباح وكيف ينعت بالألسن الفصاح,من لم يكن فى الأشياء فيقال بائن ,ولم يبن عنها فيقال كائن ,بل هو بلا كيفية وهو أقرب من حبل الوريد ,وأبعد فى الشبه من كل بعيد,لا يخفى عليه من عباده شخوص لحظة ,ولا كرور لفظة,ولا ازدلاف رقوة ,ولا انبساط خطوة فى غسق ليل داج,لا يتغشى عليها القمر المنير,ولاانبساط الشمس ذات النور بضوئها فى الكرور,ولا إقبال ليل مقبل,ولا إدبار نهار مدبر,إلا وهو محيط بما يريد من تكوينه ,فهو العالم بكل مكان,وكل حين وأوان,وكل نهاية ومدة,والأمد إلى الخلق مضروب,والحد إلى غيره منسوب,لم يخلق الأشياء من أصول أولية,ولا بأوائل كانت قبله بدية,بل خلق ما خلق فأقام خلقه,وصور ما صور فأحسن صورته,توحد فى علوه فليس لشىء منه امتناع,ولا له بطاعة شىء من خلقه انتفاع,إجابته للداعين سريعة,والملائكة فى السموات والأرضين له مطيعة,علمه بالأموات البائدين كعلمه بالأحياء المتقلبين,وعلمه بما فى السموات العلى كعلمه بما فى الأرض السفلى,وعلمه بكل شىء,لاتحيره الأصوات ولا تشغلة اللغات سميع للأصوات المختلفة بلا جوارح له مؤتلفة,مدبر بصير,عالم بالأمور,حى قيوم.
سبحانه كلم موسى تكليماًبلا جوارح ولا أدوات,ولا شفة ولا لهوات سبحانه وتعالى عن تكييف الصفات,من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود,ومن ذكر أن الأماكن به تحيط لزمته الحيرة والتخليط,بل هو المحيط بكل مكان.
فإن كنت صادقاً أيها المتكلف لوصف الرحمن,بخلاف التنزيل والبرهان فصف لى جبريل وميكائيل وإسرافيل هيهات,أتعجز عن صفة مخلوق مثلك وتصف الخالق المعبود!وما تدرك صفة رث الهيئة والأدوات فكيف من لم تأخذه سنة ولا نوم؟له ما فى الأرضين والسموات وما بينهما وهو رب العرش العظيم.
المصدر:مقالات الكوثرى للإمام محمد زاهد الكوثرى
يتبع بمشيئة الله