موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: فوائد تتعلق بكرامات الأولياء نفعنا الله تعالى بهم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 10:23 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2011 10:41 am
مشاركات: 2778
فوائد تتعلق بكرامات الأولياء نفعنا الله تعالى بهم

اعلم أن الكرامة الواقعة لولي هي في الحقيقة من معجزات النبي – صلى الله عليه و سلم - الذي هو الولي متبع له لأنها إنما ظهرت بسبب إتباعه وبركته .

وقد اختلف فيها :
فذهب أهل السنة إلى جوازها .
وأنكرها المعتزلة و الأستاذ أبو إسحاق بناء على أن إمام الحرمين إنما قال في «الإرشاد» : و الأستاذ يميل إلى قريب منهم .

وممن نقل جوازها إمام المتكلمين القاضي أبو بكر الباقلاني ، وإمام الحرمين ، والغزالي ، والقشيري في رسالته، والرازي، ونصر الدين الطوسي في قواعد العقائد، والنسفي، والبيضاوي في طوالعه ومصباحه، ومن المالكية الشيخ أبو الوليد بن رشد ونص كلامه في أجوبته : أن إنكارها، والتكذيب بها بدعة وضلالة يثبتها في الناس أهل الزيغ والتعطيل الذين لا يقرون بالوحي والتنزيل، ويجحدون آيات الأنبياء والمرسلين اهـ.

والدليل على جوازها وقوعها، إذ لو لم تكن جائزة لم تقع، وقد ثبت وقوعها بالكتاب،والأحاديث، والآثار المسندة الخارجة عن الحصر والتعداد، وآحادها وإن لم تتواتر فالمجموع يفيد القطع بلا إشكال.
أما الكتاب فقصة أهل الكهف، وقصة الخضر مع موسى عليهما الصلاة والسلام، وقصة ذي القرنين، وما أخبر الله تعالى به عن مريم بقوله: ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا، قال يا مريم أنى لك هذا؟ قالت هو من عند الله ) [آل عمران 37]

قال ابن عباس وغيره: كان يجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء .

وقوله تعالى:
( وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا ) [مريم 25]

وقصة آصف بن برخيا عليه السلام مع سليمان عليه السلام في إحضاره عرش بلقيس قبل ارتداد الطرف، كما قال عز وجل: ( قال الذي عنده علم من الكتاب: أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ) [النمل 40]

وأما السنة
فقد روى الشيخان من حديث جريج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان في الأمم محدثون، فإن يكن في أمتي أحد منهم فعمر ابن الخطاب رضي الله عنه» .

واحتجت المعتزلة بأن الخوارق لو ظهرت على يد غير الأنبياء لالتبس النبي بالمتنبئ، لأن تمييز الأنبياء عن غيرهم إنما هو بسبب ظهور خوارق العادات منهم، إذ الأمة تشاركهم في الإنسانية ولوازمها، ولولا ظهور المعجزة منهم لما تميزوا عن غيرهم فلو جاز أن يظهر الخارق للعادة على غيرهم لالتبس النبي بالمتنبئ .

والجواب: لا نسلم حصول اللبس، بل يتميز النبي بالتحدي، ودعوى النبوة ، وهذا هو الفرق بين المعجزة والكرامة .
ولأن الولي لا يقطع بالكرامة ، لجواز أن تكون تلك الكرامة مكرمة .

واختلف مجوزوا الكرامات ، فقال بعضهم : شرط الكرامة صدورها بلا اختيار من الولي، وأن الكرامة تفارق المعجزة من هذا الوجه ، قال إمام الحرمين في الإرشاد: وهذا غير صحيح قال: وصار صائرون إلى جواز وقوعها اختيارا، ومنع وقوعها على قضية الدعوى، ورأوا أن الدعوى هي الفرق بينها وبين المعجزة، وهذه الطريقة غير مرضية أيضا .

وصار بعض أصحابنا إلى أن ما وقع معجزة لنبي لا يجوز تقدير وقوعه كرامة لولي ، فيمتنع عند هؤلاء أن ينفلق البحر، وقلب العصا ثعبانا، وإحياء الموتى وإلى غير ذلك، وهذه الطريقة غير سديدة أيضا .

والمرضي عندنا تجويز جملة خوارق العوائد في معارض الكرامات، وفي «رسالة القشيري» : اعلم أن كثيرا من المقدورات لا يجوز أن تظهر كرامة للأولياء لضرورة أو شبه ضرورة كحصول إنسان من غير أبوين، وقلب جماد بهيمة أو حيوانا، وأمثال هذا كثير .

وشرط الكرامة أن يصحب صاحبها (السر) من الله تعالى وإلا فهو ناقص مغرور وهالك متبور.

وظهور الكرامة لا تدل على أفضلية صاحبها، وإنما تدل على صدقه وفضله، وقد تكون لقوة يقين صاحبها، وإنما الأفضلية بقوة اليقين، وكمال المعرفة .

ولهذا قال أستاذ هذه الطريقة أبو القاسم الجنيد رحمه الله تعالى : مشى رجال باليقين على الماء، ومات بالعطش أفضل منهم.

لأنهم يقصدون ادخار الكرامة للآخرة .

ويدلك على ما ذكرنا من أن الكرامة لا تدل على الأفضلية : كثرة الكرامات، بعد زمن الصحابة .

قال الإمام أحمد بن حنبل: وذلك لأن إيمان الصحابة كان قويا احتاجوا إلى زيادة تقوى إيمانهم .

وأيضا : فلأن الزمان الأول كثير النور لا يفتقرون لزيادة ، ولو حصلت لم تظهر لاضمحلالها في شمس النبوة بخلاف من بعدهم .

ألا ترى أن القنديل لا يظهر نوره من القناديل بخلاف الظلام ، والنجوم لا يظهر لها ضوء مع الشمس .

ولهذا قال بعض المشايخ في مريم بنت عمران رضي الله عنها : أنها كانت في بدايتها يتعرف إليها بخرق العادة بغير سبب، تقوية لإيمانها، فكانت : ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا، قال: يا مريم أنى لك هذا؟ قالت: هو من عند الله )
ولما قوي إيمانها ردت إلى السبب ، فقيل لها: ( وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا ) [مريم 25] .

ولهذا سأل موسى ربه مع كمال رتبته بقوله : ( رب أرني أنظر إليك ) [الأعراف 143]

( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ) [القصص 24]

قال علي وغيره: والله، ما طلب إلا خبزا يأكله، ونادى باسم الربوبية، فإن الرب من رباك بإحسانه، وغذاك بإنعامه .

فإن قلت: فلأي شيء لم يطلب الخليل عليه الصلاة والسلام حين رمي بالمنجنيق في النار، و تعرض له جبريل، وقال: ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا، وأما إلى الله فبلي ، قال: سله قال:
حسبي من سؤالي علمه بحالي ؟ .

فالجواب: أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يعاملون كل مقام بما يفهمون عن الله تعالى أنه الأليق بهم، ففهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام أن مراد الحق في ذلك المقام، عدم إظهار الطلب والاكتفاء بالعلم، فكان كما فهمه ، لأن الحق أراد أن يظهر سر قوله : ( إني أعلم ما لا تعلمون ) [البقرة 30] في جواب قوله : ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) [البقرة 30]

قال سيدي أبو الحسن الشاذلي فكأنه يقول: يا من قال:
( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) كيف رأيتم إبراهيم خليلي ؟ .


وإنما تصدر الكرامة على طريق الالتفات من غير قصد ، و أن يكون لمصلحة ، و إلا فإنه يجب عليه ستر الكرامة و إخفاؤها : نص على ذلك القشيري وغيره .

وقد تكون بقلب العين ، وطيّ الأرض ، وكلام الجماد ، وبرء العلل، ونبع الماء ، والاطلاع على الضمائر، وجفاف البحر، وكلام الموتى.

ففي رسالة الشيخ أبي القاسم القشيري رحمه الله تعالى بإسناده : أن أبا عبيد البسري رحمه الله تعالى غزا سنة، فخرح في السرية فمات المهر وهو في البرية ، فقال: يا رب ، أعرني إياه إلى بسر - يعني قريته - فإذا المهر قائم، فلما غزا ورجع قال لابنه : خذ السرج عن المهر، فقال: إنه عرق، فقال:
إنه عارية، فلما أخذ السرج وقع ميتا.




وفيها أيضا عن الشيخ أبي سعيد الخراز قال :
كنت مجاورا بمكة، حرسها الله تعالى، فجزت يوما بباب بني شيبة فرأيت شابا حسن الوجه ميتا، فنظرت له، فنظر في وجهي وتبسم، وقال لي :
أما علمت أن الأحباب أحياء وإن ماتوا، وإنما ينقلون من دار إلى دار.

وفيها أيضا عن بعضهم قال :
كنا في مركب فمات رجل معنا ، فأخذنا في جهازه وقصدنا أن نلقيه، فصار البحر جافا، ونزلت السفينة فخرجنا وحفرنا له قبرا ودفناه، فلما فرغنا جاء الماء وارتفع واستوى المركب وسرنا .

والحكايات كثيرة و في ما ذكر كفاية لمن وفق .

و الله أعلم .



المرجع :
سبل الهدى و الرشاد 10\810

_________________
مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 9 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط