موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: إكفارُ الوهابيِّ الرجيم لتحريمِ قولِ صدق الله العظيم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء فبراير 25, 2009 1:49 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة مارس 05, 2004 9:14 am
مشاركات: 95
مكان: MADINA
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الطاهر الأمين
أما بعدُ فقد بلغ كفرُ الشِرذمةِ الوهابيةِ مبلغًا عظيمًا، لا تقبلُهُ حجةُ العقلُ فضلاً عن قواعدِ الشرعِ الطاهر، يستترون بالصحابةِ وسلفِ الأمةِ حتى يبثّوا سمومَهم فيهلكون ما شاء الله من خلقٍ في كفرِهم وضلالِهم والعياذ بالله، وهذه الطائفةُ الضالةُ لا تتراجعُ عن ضلالِها بل تصرُّ وتزدادُ ضلالاً على ضلالِها، وهذا مصداقُ قولِه صلى الله عليه وسلم: (حبُّكَ الشىءَ يُعمي ويُصِمُّ) رواه أبو داودَ وحسّنه الحافظُ العراقي وغيرُه.

قال الشيخ مجدي معروف ومما سمعتُه عنهم قديمًا ولم يثبت عندي حتى رأيته بعينيّ اللتين ستشهدان بإذن الله على كفرهم، قولُهم: "لا يجوز قولُ (صدق الله العظيم) بعد قراءة القرءان". قاتلهم الله يهود هذه الأمةِ وأخبث، وحجتهم باطلة كدينهم كعقيدتهم، يقولون (الصحابةُ ما فعلوه، الصحابةُ والتابعون لم يقولوا هذا، لم يثبت عنهم هذا) يرددون هذه العباراتِ وإنما هي "كلمة حق أريد بها باطل"، هذا ولا يصحُّ إطلاقُ هذا القولِ، قواعدُ الشرعِ تأباه كما سيظهرُ معك بإذن الله يا طالبَ الحق، فأقول طالبًا من اللهِ التوفيقَ فيما هنالك بعد ذكر حججِهم والرد عليها مرتَّبًا على ترتيبِهم بإذن الله العليّ العظيم:

1- قولُهم: (قراءةُ القرءانِ عبادةٌ والعباداتُ توقيفية) يعنون بأننا نعبد اللهَ كما ورد في الشرع، الأمر في هذه العباداتِ موقوفٌ على الشرعِ.
الجواب: هذه القاعدةُ صحيحةٌ، لكنّ أفهامَهم سقيمةٌ، لأنّ تلبيسَهم هذا مردودٌ بأمر واحد وهو:
العبادةُ هنا هي قراءةُ القرءانِ، فإذا انتهى المرءُ من قراءةِ القرءانِ "فقد انتهت عبادتُه هذه"، ويكون بهذا واقفًا على حدودِ الشرعِ لم يزد في هذه العبادةِ (قراءةِ القرءانِ) شيئا لأنها انتهت عند توقفه عن القراءة، وقولُ "صدق الله العظيم" خارجَ هذه العبادةِ، فالقاعدةُ كما قلتُ يا حفظك الله صحيحةٌ وأفهامُهم سقيمةٌ فبطل استدلالُهم الأول هذا، بل ببديهةِ العقل هو باطل عند من يعرفُ أن الواحدَ نصفُ الاثنين، والحمد لله.

وعلى فهمِهم العجيبِ لهذه القاعدةِ يحرُمُ على الشخص إذا انتهى من صلاتِهِ أن يقرأ مثلاً جزءَ عمَّ دونَ غيرِه أو أن يُسبِّحَ اللهَ ألفَ مرةٍ بلفظ "سبحان الحي الذي لا يموت"، لأن العبادةَ توقيفٌ وبهذا يكونون جعلوا جزءَ عمَّ جزءًا من هذه العبادة، ويحرّمون هذا بحجة أن الصحابةَ ما فعلوه، وهذا الفهمُ والله لَمِن العجائب.

فإن قالوا قراءة القرءان مستحبة، قلنا والثناء على الله مستحبٌّ، ذكرُ اللهِ مستحبٌّ فمن قال "صدق الله العظيم" فقد أثنى على الله ثناءً بليغًا وهو من جملةِ الحمدِ لله الذي يؤجَر عليه بإذن الله.

ألم يقل اللهُ "وافعلوا الخير" فبعدَ قراءةِ القرءانِ أليس من الخير أن يقولَ "صدق الله العظيم" أو يزيدَ "وصدق رسولُه الكريم" هل فيه غيرُ حمدِ الله ومدح رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟

وههنا سؤالٌ في غاية الاختصارِ فهل يجيبون عليه: شخص أنهى قراءة القرءانِ، أيُّهما أفضلُ أن يصمتَ أو يثنيَ على الله؟
ونحن نجيب: عند الوهابيةِ حمدُ اللهِ بهذه الصيغة الطيبةِ التي تدل على تصديق المؤمن لما قرأ في كتاب الله عز وجلَّ حرامٌ، يكون الشخص عاصيًا واقعا في الحرام إذا قال: "صدق الله العظيم"، قاتلهم الله ما أكفرهم.

2- قولهم: (لأنه لم يثبت عن الصحابة أو مَن بعدَهم) يعني أن الصحابةَ تركوا هذا الأمر.
فظنّ هؤلاءِ المنحرفون أنه بمجردِ التركِ يحرم، بل هذا من تضليلِهم وتمويهِهم، فإن القاعدةَ المقررةَ في شرعِ اللهِ تبارك وتعالى أن التركَ لا يدلُّ على النهيِ فضلاً عن التحريم، ودليلُ هذا حديثُ الضَبِّ الذي رواه البخاري ومسلمٌ عن سيفِ اللهِ المسلولِ خالدِ بنِ الوليدِ أنه دخل مع رسولِ الله صلى الله عليه و سلم على ميمونةَ وهي خالتُه وخالةُ ابنِ عباسٍ فوجد عندها ضَبًّا محنوذا – أي مشويا - قدِمَت به أختُها حفيدةُ بنتُ الحارثِ من نجدٍ فقدَّمَتِ الضبَّ لرسولِ الله صلى الله عليه و سلم وكان قلَّما يُقدِّم يدَه لطعامٍ حتى يُحَدَّثَ به ويُسمَّى له فأهوى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدَه إلى الضبِ فقالت امرأةٌ من النسوةِ الحضورِ أخبِرْنَ رسولَ الله صلى الله عليه و سلم ما قدَّمتُن له، فقُلنَ: هو الضبُّ يا رسولَ اللهِ، فرفع رسول الله صلى الله عليه و سلم يده عن الضب فقال خالد بن الوليد أحرامٌ الضَبُّ يا رسول الله؟ قال ( لا، ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدُني أعافُه ) قال خالد فاجتررته – أي سحبتُه - فأكلته ورسول الله صلى الله عليه و سلم ينظر إليّ. انتهى، والحديث موجودٌ في كتب الحديثِ وجودَ كثرةٍ.

قال الإمام ابن بطال المالكي في شرح البخاري: قوله: (( فأجدني أعافه )) يقال: عاف الطعام يعافه عيافًا وعيوفًا: ((إذا كرهه)). وقال النووي في شرح مسلم: قال أهل اللغة معنى أعافه أكرهه.

فإذا كان عليه الصلاة والسلام تركه كارهًا له ولم يحرِّمه مع احتمالِ كونِه ممسوخًا، فكيف يَستدلُّ هؤلاءِ الضالّون بالتركِ على تحريمِ قول "صدق الله العظيم"، وهذا يكفي وحدَه في بيان ضلالِهم وردّتِهم.

3- أما قولُهم لم يفعله الصحابة ومن بعدهم فكذبٌ.

فقد ورد في الحديثِ المرفوعِ ما يؤيّدُ قولَ "صدقَ الله العظيم" فقد روى البيهقي في شُعَبِ الإيمانِ وضعّفَه: (مَن قرأ القرءانَ وحَمِدَ الربَّ وصلّى على النبيِّ واستغفرَ ربَّه فقد طلبَ الخيرَ مِن مكانِهِ). الحديثُ ضعيفٌ لضعفِ راويهِ أبانِ بنِ أبي عياشٍ، أبانٌ هذا كان رجلاً صالحًا لكن ابتلي بسوء الحفظِ، وأغلبُ العلماءِ على تركِ الروايةِ عنه لأجل سوءِ حفظِه ولم يكن يتعمّدُ الكذبَ كما قال ابنُ أبي حاتم عن أبيه في الجرح والتعديل وغيرُه، إلا أنّ أبا داودَ قد روى له في المتابعاتِ أي مقرونًا برواية غيرِهِ مستشهدًا بها، وهذا يدل على ما قلنا إنه متى وردَت روايةٌ تشهدُ لروايتِهِ فروايتُه مقبولةٌ لزوالِ خشيةِ عدمِ الضبطِ، هذا مقرَّرٌ في كتب علومِ الحديث، وهذا ما يدل عليه تصرفُ الإمامِ الحافظِ شمسِ الدينِ بنِ الجزريِّ فقد رواه في كتاب المشهور "النشر في القراءات العشر" وقال: (والحديثُ له شواهدُ وسيأتي ءاخِرَ الفصلِ في حديثِ عليٍ بنِ الحسين رضي الله عنهما ما يشهد له).انتهى، فالحديث له شواهدُ عدةٌ لا شاهدٌ واحدٌ وهذا يجعله أقوى احتجاجًا.
فعبارة الإمام ابن الجزري صناعةً تدلُّ على حُسنِ الحديثِ أي أنه حَسنٌ لغيرِهِ باعتبارِ الشواهدِ وهذا صنيعُ الإمامِ أبي داودَ صاحبِ السننِ رضي الله عنه مع أبان.

أما الشاهد الذي عناه الإمامُ ابنُ الجزريِّ فهو أيضًا ما رواه البيهقيُ في شعبِ الإيمانِ وفيه: (اللهُ أحكمُ وأكرمُ وأجَلُّ وأعظمُ مما يشركونَ والحمدُ للهِ بل أكثرُهُم لا يعملون، "صدق الله" وبَلّغَتْ رُسلُه وأنا على ذلكم من الشاهدين)
قال الإمام البيهقي: إسناده ضعيف، وقال: وقد يتساهلُ أهلُ الحديثِ في قبول ما ورد من الدعواتِ وفضائلِ الأعمالِ ما لم يكن في رواتهِ من يُعرَفُ بوضعِ الحديثِ والكذبِ في الروايةِ.انتهى
قلتُ: وهذه القاعدةُ عليها عملُ أئمةِ الإسلامِ ومِن الأجلاّءِ الذين نصُّوا على هذه القاعدة الإمام أحمد بنُ حنبل قال: إذا روينا في الحلالِ والحرامِ تشدّدنا وإذا روينا في غيرِهِ تساهلنا. والقاعدةُ هذه لا جدالَ فيها، هي من المُسلَّماتِ بحمد الله.

ثم قال الإمامُ ابنُ الجزري: ورأينا بعضَ الشيوخِ يبتدئونَ الدعاءَ عقيبَ الختمِ بقولهم: (صدق الله العظيم) وبَلَّغَ رسولُه الكريم، وهذا تنـزيلٌ من ربِّ العالمينَ، ربنا ءامنّا بما أنزلت واتّبَعنا الرسولَ فاكتبنا مع الشاهدين. وبعضُهم يقول: لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له إلى ءاخره أو بما في نحو ذلك من التنـزيه وبعضهم (بالحمد لله رب العالمين) لقوله صلى الله عليه وسلم "كلُّ أمرٍ ذي بالٍ لا يُبدأ فيهِ بالحمدُ للهِ فهو أجذم" ورواه أبو داود وابن حبان في صحيحه (ولا حرجَ في ذلك، فكلُّ ما كان في معنى التنـزيهِ فهو ثناء).انتهى

ومن أئمة السلفِ قال الإمامُ الحافظُ الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن حُرمةِ القرءانِ: ومن حرمته إذا انتهت قراءتُه أن يصدِّقَ ربَّه، ويشهدَ بالبلاغِ لرسولِه صلى الله عليه وسلم، ويشهدَ على ذلك أنه حق.انتهى
ونقله الإمام القرطبي في تفسيرِهِ وأقرّه، كما في مقدمةِ تفسيره.

أما الحكيم الترمذي الحافظ فقد ترجمَه ابنُ الدِمياطي صاحبُ المستفاد من ذيل تاريخ بغداد بما نصه:
أبو عبد الله الترمذي المعروف بالحكيم كان إماما من أئمة المسلمين، له المصنفات الكبار في أصول الدين ومعاني الأحاديث، وله كتاب (نوادر الأصول).انتهى

فانظُر يا طالبَ الحقِّ كيف يكذبونَ على أمةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم ويقولون ما فعله الصحابة ولا التابعون ولا مَن بعدهم. أليست هذه إحدى طامّات هذه الفرقة الكافرة والعياذ بالله؟

أئمةُ القرءان والذين إذا ذُكروا ذُكِرَ القرءانُ معهم من شدة اعتنائِهم بكلِ علومِهِ كالإمام ابنِ الجزريِّ يقول: ولا حرج في ذلك فكل ما كان في معنى التنـزيه فهو ثناءٌ على اللهِ، أما الوهابية فمن كُفرِهم يقولون: هذا حرام، الثناءُ على اللهِ بعد قراءة القرءان الكريم حرام حرام، أسألُ الله أن يقطع دابرهم كما قطع دابر الذين كفروا قبلهم.

4- قولُ اللهِ تبارك وتعالى: (ولما رأى المؤمنون الأحزابَ قالوا هذا ما وعدَنا اللهُ ورسولُه وصدقَ اللهُ ورسولُه)
من الواضحِ جدا أن اللهَ تعالى ذكر قولَهم في مقامِ المدحِ، اللهُ تعالى مدحَهم على ثنائِهم على الله وتصديقِهم لله، وثناءُ اللهِ وذكرُهُ مأمورٌ به العبدُ في كلِّ حالٍ، وهذا حالُ أفضلِ خلقِ اللهِ تعالى كما في الحديث الصحيح عن السيدةِ عائشةَ رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه و سلم يذكر الله على كل أحيانه) رواه الإمام أحمدُ والبخاريُّ معلقًا ومسلم وغيرُهم. فلا ريب أنه صلى الله عليه وسلم كان يذكرُ اللهَ بعد قراءةِ القرءانِ، قال العلماءُ كالطحاوي كما في شرحِ مشكِلِ الآثارِ: كان صلى الله عليه وسلم يذكرُ اللهَ حتى في حال الجنابةِ.انتهى ومن عمومِ الحديثِ قال اللكنويُّ في شرح الموطأ: دليلٌ على ذكرِ اللهِ ذكرًا قلبيًا حتى في حالِ قضاءِ الحاجةِ فهذا لا يدخلُ في النهيِ عن الذكرِ باللسانِ بل الذكرُ القلبيُّ حسنٌ في كل حالٍ.انتهى، وهذا لا ينكرُه إلا جاهل.

والوهابيةُ يقولونَ بأن الآيةَ فيها إخبارٌ فقط، ونحنُ أهلَ السنةِ نقولُ نعم، وقولُ القارئِ بعدَ الفراغِ من قراءتِهِ "صدق الله العظيم" إخبارٌ وثناءٌ على اللهِ تعالى وتقدَّس اسمُهُ أنه صادقٌ في كل ما أخبرَ به في كتابِهِ العزيز وهو داخلٌ تحتَ قولِهِ تعالى: (وافعلوا الخير) وقوله تعالى: (واذكروا اللهَ ذكرًا كثيرًا)، أيكونُ المؤمنُ واقعًا في الحرامِ مستحقًا للعذابِ لأنهُ قال بما قال به القرءانُ الكريم؟ ويدّعونَ بعد ذلك أنهم مسلمون؟ لا واللهِ لا يكون من حرَّم هذا إلا كافرًا مرتدًا وردّتُه واضحةٌ وضوحَ الشمسِ في كبدِ السماء.

ولو أردنا لاكتفينا بردِّ كفرِهم هذا بقوله تعالى: (وافعلوا الخير) وقوله تعالى: (واذكروا الله ذكرًا كثيرًا) ولم يبقَ لهم إلا المكابرةُ والتقلبُ في كنَفِ الكفرِ، والحمدُ للهِ الذي عافانا مما ابتلاهم بهِ وفضّلنا على كثيرٍ ممن خلق تفضيلا.

5- استعمالُ النبيِّ عليه الصلاة والسلام لها على أنها ذكرٌ وتصديقٌ وثناءٌ في وقائع مختلفة وأحوالٍ شتى دليلٌ على هؤلاءِ الضالين، فعن بريدة قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنـزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبرِ فحمَلهما فوضَعهما بين يديه ثم قال: "صدق اللهُ ورسولُه" (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثُران فلم أصبر حتى قطعت حديثي فرفعتهما) رواه أصحاب السنن وابن حبان وقال الترمذي حسن.

وما رواه النَسائيُّ عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (من صام ثلاثة أيام من الشهر فليصم الدهر كله ثم قال: "صدق اللهُ ورسولُه" في كتابه (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها).

وقولُ سيِّدِنا عبدِ الله بنِ مسعودٍ: روى الإمامُ أحمدُ في مسنده عن أبي عقرب قال غدوت إلى ابن مسعود ذات غداةٍ في رمضانَ فوجدتُه فوق بيت جالسا فسمعنا صوته وهو يقول: (صدق اللهُ وبلَّغ رسولُه) فقلنا سمعناك تقول صدق الله وبلغ رسوله فقال: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليلة القدر في النصف من السبع الأواخر من رمضان تطلع الشمس غداتئذ صافية ليس لها شعاع فنظرت إليها فوجدتها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) ورواه البزار في مسنده بنحوه.

قولُ سيِّدِنا عليٍّ عليه السلام في خبرِ الخارجين الذين يمرُقونَ من الدين كما يمرقُ السهمُ من الرمِيَّةِ، بعدما ناشدَهم اللهَ أنه حذَّرَهم منه فقالوا نعم، فقال: "صدق اللهُ ورسولُه"

وفي سنن النسائي أيضًا عن مسروق قال سمعت علي بن أبي طالب يقول في شيء "صدق الله ورسولُه"، قلت: هذا شىءٌ سمعتَه؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (الحرب خدعة).

وقد وردت عن سيّدِنا أبي هريرة وعن سيدِنا ابنِ عباسٍ رضي الله عنهم كما في طرح التثريب للحافظ العراقي أن ابن عباسٍ سأل يهوديًا قال: فأين موتُك يا يهودي؟ قال: لا أدري، فقال ابن عباس: "صدق الله" (وما تدري نفس بأي أرض تموت).

فالمستفادُ من هذا كما تقدَّمَ استعمالُ هذه العبارةِ تصديقًا وثناءً على اللهِ ورسولِهِ في أحوالٍ مختلفةٍ هي موضعُ التصديقِ والثناءِ، فما بالُ هؤلاءِ المرتدينَ يحرِّمون على قارئِ القرءانِ قولَ "صدق الله العظيم"، أليس من أحسنِ مواضعِها قولُها بعد الفراغِ من القراءةِ؟ لكن لا عجبَ من كافرٍ يندسُّ بينَ الأمةِ ليُفسدَ دينَها ولكن هيهات فدون هذا خرطُ القتادِ والله المستعانُ.

6- قد ذكرَتِ المذاهبُ الفقهيةُ المتبّعةُ من زمن السلفِ حكم المصلي إذا قال "صدق الله العظيم" أثناءَ أو بعدَ قراءةِ الإمامِ في الصلاةِ، كالمذهبِ الحنفيِّ والشافعيِّ وغيرِهما
ففي "تبيين الحقائقِ شرحِ كنـزِ الدقائقِ" نقلاً عن سيّدِنا أبي يوسفَ القاضي أحدِ أئمةِ السلفِ وصاحبِ الإمامِ أبي حنيفةَ رضي الله عنهما ما نصُّه: (وقال أبو يوسفَ لو قرأ الإمامُ ءايةَ الرحمةِ أو العذابِ فقال المقتدي: صدق الله، لا تفسد).انتهى

وفي المبسوطِ للإمام محمدِ بنِ الحسنِ الشيباني أحدِ أئمةِ السلفِ وثاني أصحابِ الإمامِ أبي حنيفة رضي الله عنهما ما نصه: (أرأيتَ الرجلَ يكون خلفَ الإمامِ فيفرُغُ الإمامُ من السورةِ أتكرهُ للرجلِ أن يقولَ "صدق الله وبلَّغَت رسلُه" قال: أحبُّ إليَّ أن يُنصتَ ويستمعَ، قلت: فإن فعلَ هل يقطعُ ذلك صلاتَه قال: لا صلاتُه تامة).انتهى

وفي أسنى المطالبِ لشيخِ الإسلامِ زكريا الأنصاريِّ الشافعيِّ ما نصه: (وسئل ابنُ العراقي عن مصلٍّ قال بعد قراءةِ إمامِه: "صدق الله العظيم" هل يجوز له ذلك ولا تبطل صلاتُه؟ فأجاب بأن ذلك جائزٌ ولا تبطلُ به الصلاةُ، لأنه ذِكرٌ ليس فيه خطابُ ءادميٍّ).انتهى ومثلُه في كتب الشافعية المشهورة كشرح البهجة الوردية وغيره.

ونختمها بقولِ سيّدِنا العُمدةِ العلاّمةِ شيخِ المقرئين ومُراجعِ المصاحفِ في المقارئِ المصريةِ عليِّ بنِ محمدٍ الضبّاعِ رحمه الله في فتح العليِّ المنّان في ءادابِ حمَلةِ القرءانِ ما نصه: (ويستحبُّ للقارىء إذا انتهت قراءته أن يصدِّقَ ربَّه ويشهدَ بالبلاغِ لرسولِه صلى الله عليه وسلم ويشهدَ على ذلك أنه حق فيقول: صدق الله العظيم وبلَّغ رسولُه الكريم، ونحن على ذلك من الشاهدين).

وهذا الذي قاله هو الذي يعرفه المسلمون أنه ذكرٌ للهِ مستحبٌ إلا هذا الكفرَ الذي جاءت به هذه الطائفة الضالةُ أسألُ الله أن يشتّتَ شملَهم ويُريحَ الأمةَ من كفرِهم وسمومِهم، وليُعلَم بعد هذا البيان أن هذه المسئلةَ كفرٌ صريحٌ، إذ فيها جعلُ ذكرِ الله تعالى حرامًا معصيةً وفاعلُه ءاثمٌ نعوذ بالله من كفرِهم.

وفي هذه العُجالةِ السُنّيةِ كفايةٌ بإذنِ الله وءاخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ وسلامٌ على المرسلين

وكتبَها أفقرُ الناسِ إلى رحمةِ مولاهُ الغنيِّ الرءوف، عبدُه مجدي معروف الحسينيُّ نسبًا الأشعريُّ معتقَدًا الشافعيُّ مذهبًا عفا الله عنه وسامحه وسترَه بسَترهِ الجميل ءامين بحقِّ وجاهِ وحُرمةِ أفضلِ الأنبياءِ عليه الصلاة والسلامُ وعلى جميع إخوانِهِ النبيينَ والمرسلين.

_________________
"إعلم أيدك الله بتوفيقه وسلك بنا وبك سواء طريقه، أن مذهب الفرقة الناجية وما عليه أجمع السنيون أن الله تعالى منزه عن مشابهة الحوادث مخالف لها في جميع سمات الحدوث، ومن ذلك تنزهه عن الجهة والمكان كما دلت على ذلك البراهين القطعية"ا.هـ

www.alsunna.org


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 9 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط