الأخ العونى
كل عام وأنتم بخير
أسر كثيرا حينما أرى اسمك
ونحن نحبك فى الله
موضوع ابن عثيمين واللغة الإنجليزية مشهور جدا لكن يتم الآن ( ومن قبل ) تلميع وتصحيح ومحو وحجب أخطاء ابن عثيمين ومن على شاكلته من أتباع ابن تيمية
لذلك تجدهم كثيرا فى حالة إصلاح وتهذيب للموقع الخاص به
ومن ضمن صرف الناس عن أقوال ابن عثيمين الباطلة تجد أتباعه ينشرون فتاوى عنه بتحريم الغش ولو كان فى اللغة الإنجليزية
المصدر الذى حرم فيه اللغة الإنجليزية هو
المرجع : شرح زاد المستقنع – كتاب النكاح – الشريط الثاني الوجه الثاني ، في معرض إجابته على بعض الأسئلة ( وتجد كلام ابن عثيمين آخر الصفحة )
واعتقد أننى قرأت ذلك أيضا فى أحد المنتديات ، سأحاول البحث قبل أن يحذفوا كلام ابن عثيمين
وسوف أنقل لك بعض المناقشات فى ذلك حتى تعلم أنه ليس ابن عثيمين وحده هو الذى يحرم الإنجليزية
صفحة (1)
http://www.khayma.com/kfh/sheet.htm
ومحتوى الصفحة هو
دراسة عن تدريس مادة اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية
( للشيخ/ سليمان الخراشي )
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ..
أما بعد : فقد اطلعت كما اطلع غيري على تصريح وزير المعارف : الدكتور محمد بن أحمد الرشيد – وفقه الله للخير – المنشور في جريدة الرياض بتاريخ: 10/6 / 1422 هـ ، عن عزم الوزارة على تدريس اللغة الإنجليزية لطلاب المرحلة الإبتدائية في ( جميع ) مدارس المملكة العربية السعودية ، بعد سنتين من الآن .
وبما أنني كنت سابقًا قد جمعت بحثًا عن هذا الموضوع مما اطلعت عليه من المقالات والدراسات وغير ذلك مما يخص هذا الموضوع ، فقد أحببت نشره في هذا الوقت ؛ لعل القائمين على الوزارة وعلى رأسهم الدكتور محمد –وفقه الله– يتروون في هذا الأمر الخطير الذي يمس حياة أبناء الأمة ومستقبلهم ، ولعلهم يجدون فيه ما قد ينبههم إلى أمر قد غفلوا عنه .
مع التنبه إلى أن مثل هذه الخطوة لو أقرت سوف يصعب التراجع عنها مستقبلاً ، أما الآن مادمنا – كما يقال – في بر الأمان ، فإن ذلك سيكون سهلاً يسيرًا .
أسأل الله الكريم أن يمن علينا جميعًا بالهداية ، وأن يجعلنا مفاتيح خير مغاليق شر، ممتثلين لقوله صلى الله عليه وسلم : ( كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ) ، موفقين إلى مايبقى لنا أجره وأثره بعد الممات ، كما قال تعالى ( ونكتب ما قدموا وآثارهم ) ، وصلى الله على نبينا محمد .
أولاً : دراسة متخصصة حول أثر الإنجليزية على اللغة العربية في المرحلة الإبتدائية :
نُشرت في جريدة الوطن الكويتية بتاريخ 8 / 10 / 1419هـ.
كتب طه أمين: أكد باحث أكاديمي أن غالبية من تحمس لفكرة تدريس اللغة الإنجليزية أو عارضها كان لا يستند في رأيه على دراسة علمية جادة من خلال نتائجها بحيث يستطيع تبني موقفا من تلك التجربة.
وقال الباحث محمد الظفيري في بحث يتعلق بأثر إدخال مادة اللغة الإنجليزية على اللغة العربية في المرحلة الابتدائية بدولة الكويت أن الهدف من تلك الدراسة التي قام بإعدادها هو معرفة الأثر الحقيقي لإدخال الإنجليزية على اللغة العربية، مشيراً إلى أنه تتبع أثر ذلك على ثلاثة محاور هي: أثر إدخال الإنجليزية على اللغة العربية من حيث تحصيل الطلبة وكذلك الاتجاهات والتداخل والمهارات اللغوية الأخرى.
يُذكر أن هذا البحث تقدم به أكثر من عضو بمجلس الأمة الشهر الماضي للاستشهاد به حول أثر إدخال مادة اللغة الإنجليزية على اللغة العربية في المرحلة الابتدائية منذ أن طبقت في الكويت اعتباراً من عام 93 وحتى الآن ومنذ هذا التاريخ هناك مؤيد ومعارض لتلك الخطوة.
ويشير الباحث الدكتور الظفيري إلى استخدامه أكثر من منهج للقيام بالدراسة والتي من بينها مقابلاته للطلبة والمدرسين وتصميم اختبار تفصيلي لمادة اللغة العربية وتحليل وثائق وكتابات للطلبة.
عينة البحث: وقد اختار الباحث بشكل عشوائي: عينتين متكافئتين من الطلبة بهدف المقارنة وتحليل نتائج كلتا المجموعتين، المجموعة الأولى درست حتى مرحلة الثالث الابتدائي دون التعرض للغة الإنجليزية، أي قبل تطبيق تدريس اللغة الإنجليزية بسنة واحدة واستمروا إلى الفصل الثالث دون تدريسهم اللغة الإنجليزية. أما المجموعة الثانية، فدرست اللغة الإنجليزية منذ السنة الأولى وحتى السنة الثالثة، كما اختار الباحث أيضاً عينة تبلغ 100 مدرس ومدرسة موزعين على مناطق الكويت التعليمية. إذ اختار الباحث مدرستين عن كل منطقة تعليمية، واحدة للبنين وأخرى للبنات.
نتائج البحث: وقد أظهرت نتائج البحث أن الطلبة الذين لم يدرسوا اللغة الإنجليزية بجانب اللغة العربية تفوقوا في تحصيلهم في مقرر اللغة العربية وكان الفرق بين تحصيل المجموعتين ذا دلالة إحصائية حيث كان المعدل التحصيلي للمجموعة الأولى 74% والثانية 53%، وعند تقسيم كلتا المجموعتين إلى شريحتين: أعلى من المعدل وأقل من المعدل، وجد أن الهبوط في الدرجات كان أكثر عند الطلبة الأقل من المعدل منه للطلبة الأكثر من المعدل، وكانت نسبة الهبوط للطلبة الأكثر من المعدل 17%، بينما جاءت نسبة الهبوط في الدرجات للطلبة الأقل من المعدل 36%، وعند تقسيم نتائج الاختبار على مهارات اللغة مثل ((القراءة –الكتابة- القواعد- المفردات)) نجد أن الهبوط في التحصيل شمل جميع تلك المهارات.
وطبقاً للدراسة تبين للباحث وجود علاقة عكسية بين اعتقاد الطالب بصعوبة المادة ودرجة إقباله وحبه للمادة الدراسية، حيث كان معظم الطلبة أبدوا قناعات سلبية عن اللغة العربية كانوا من الطلبة الذين يعتقدون بسهولة اللغة العربية. وهذه النتيجة تتفق مع المنطق فغالباً ما يكره الإنسان ما يعجز عنه ويحب ما يستطيعه.
فيما يخص الجانب الثالث من البحث وهو التداخل من اللغة الإنجليزية إلى العربية تأكد للباحث وجود ظاهرة التداخل من الإنجليزية إلى العربية على جميع الجوانب اللغوية. فعلى مستوى التداخل الصوتي أكد 35% من المدرسين أن نطق الطلبة أصبح أسوأ مما كان عليه قبل إدخال مادة اللغة الإنجليزية. ويتجلى ذلك في تسمية بعض أصوات اللغة العربية المفردة بأسماء أصوات اللغة الإنجليزية. على سبيل المثال عندما يسأل الطالب عن اسم الحرف ((الصوت)) ك يقول Kay والميم ((م)) إم((Ma)) والسين ((س)) أس ((Sa)) كما في اللغة الإنجليزية، وبدأ الخلط بين حرف الباء في العربية مع حرفي B.P في الإنجليزية ، وأشار الباحث إلى تداخلات أخرى متنوعة ضمنها بحثه .
أخطاء الطلبة: أما ما يخص نتائج تحليل أخطاء الطلبة فقد صنف الباحث أخطاء الطلبة إلى ثلاثة أقسام ، وبتصنيف أخطاء الطلبة على الأنواع الثلاثة، وجد الباحث أن الطلبة الذين درسوا اللغة الإنجليزية كانوا أكثر ارتكاباً للأخطاء الإملائية والغامضة والخارجية ، وبعد تحليل الجوانب الثلاثة ((التحصيل –الاتجاهات- التداخل)) أظهرت الدراسة وجود علاقة بين تلك الجوانب الثلاثة موضع الدراسة ، فالطلبة ذوو التحصيل العالي كانوا أكثر إيجابية تجاه اللغة العربية وأقل معاناة من التداخل. تؤيد هذه النتائج الكثير من الدراسات مثل دراسة Gardner عام 1985 وكل من Burs al, Iamieson Cohen, Hargreaves وغيرهم كثير، يقول الباحث الأمريكي القدير M.Iaughlin أن الطفل الثنائي يتحمل عبئا أكبر من الطفل الأحادي ويرجع إلى حاجته إلى التمييز بين نظامين لغويين وهذا يحتاج إلى مهارات ذهنية أكبر.
بعد ملاحظة الأثر السلبي لإدخال مقرر اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية، على الجوانب الثلاثة موضع الدراسة يأتي السؤال الأهم وهو: كيف ولماذا أثر تدريس اللغة الإنجليزية على اللغة العربية؟
ويجب الباحث :بأن تدريس اللغة الأجنبية في المرحلة الابتدائية ممكن أن يؤدي إلى غير تلك النتائج التي ظهرت لو تغيرت البيئة اللغوية التي ظهرت لو تغيرت البيئة اللغوية التي تدرس فيها اللغة العربية. فثمة أسباب عديدة ساعدت على تعميق الأثر السلبي للغة الأجنبية على اللغة العربية.
من هذه الأسباب :
1- الثنائية كعامل .
2- تقليص حصص المواد المحببة للطلبة ((الرياضة-الرسم)) وحصص النشاط الحر.
3- منافسة اللغة الإنجليزية للغة العربية .
4- إضافة مادة جديدة للطلبة ((الإنجليزي)) مما زاد في العبء الدراسي عليهم. ) انتهى . ( وتنبه إلى أن الباحث ركز على تأثير الإنجليزية على اللغة العربية ؛ نظرًا لمكان الدراسة وهو الكويت ، أما عندنا فسيكون تأثيرها على المواد الشرعية إضافة للعربية ! ) .
ثانيًا : دراسة بعنوان ( تدريس اللغة الإنجليزية في المملكة العـربيـة السعودية : لمن ؟ ومتى ؟ وكيف ؟ ) للباحث / عبـدالله بن سـالم الشمري، نُشرت في مجلة جامعة الملك سعود ، المجلد الأول ، العلوم التربوية ، جاء فيها ما يلي :
(سلبيات تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الإبتدائية
1-إن بدء تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الإبتدائية سيزاحم مناهج الدين واللغة العربية التي تشكل معظم مناهج المرحلة الإبتدائية. إذ إن الوقت الذي سيخصص لدراسة اللغة الإنجليزية، سيكون على حساب تلك المواد الأساسية في المرحلة الابتدائية، وسيكون تدريس اللغة الإنجليزية في مرحلة يكون الطالب فيها أحوج ما يكون لدراسة لغته الأم، ومبادئ دينه، في الوقت الذي تتجه نية القائمين على التعليم إلى تخفيف مناهج المرحلة الابتدائية وتطوير تعليم الدين واللغة العربية، وتركيزها في المرحلة الابتدائية !
يضاف إلى هذا أن بدء تعليم اللغة الإنجليزية في المرحلة الإبتدائية سيربك الطلاب لغوياً وعاطفياً، ويزعزع ثقتهم بلغتهم، وسيجعلهم يتشربون بعض المفاهيم الأجنبية منذ الصغر، وهذا قد يبقى تأثيره إلى مراحل لاحقة .
2-استحدثت نظريات جديدة في تدريس اللغات تقول بتدريس اللغة عبر تدريس ثقافة تلك اللغة وثقافة الشعب الناطق بها وانتشرت هذه النظريات ولاقت هوى في نفوس الدول الإستعمارية، وذلك لأنها تحقق نشر لغاتها وثقافتها، ويتبع هذا انتشار نفوذها الإقتصادي والسياسي. وقد حصل هذا في الماضي في فَرنسَة المغرب العربي والعديد من الدول الأفريقية. ويحصل الآن في العديد من الدول الفقيرة، حيث يقضى على لغاتها وثقافتها، وبالتالي تتحول إلى مستعمرات ثقافية. ولقد ألفت كتب لتدريس اللغات تنطلق من هذه النظريات. وتدريس اللغة بهذا المضمون الثقافي في عمر مبكر له مخاطره، خاصة إن كانت اللغة لغة دولة أو حضارة مهيمنة اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً وعلمياً وتقنياً. فهذا سيهز ثقة الطفل بلغته وثقافته، ويجعله يتعاطف مع اللغة الأجنبية وثقافتها. وقد تؤثر على ولائه العاطفي لدينه ولغته وثقافته.
3-إن بدء تدريس الإنجليزية في المرحلة الإبتدائية توجه يتناقض مع توجه الدول العربية في سياستها الرامية إلى تعريب التعليم عموماً، وتعريب التعليم الجامعي خصوصاً . وسيكون الوقت والمال الذي يصرف على تعليم اللغة الإنجليزية في المراحل المبكرة، على حساب اللغة العربية ومجهودات التعريب .
4-إن بدء تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الإبتدائية يزيد من أزمة مدرسي هذه اللغة ، فحسب إحصائية العام الدراسي 1404/1405هـ يعمل 2272 مدرساً للغة الإنجليزية في المرحلتين المتوسطة والثانوية للبنين منهم 531 مدرساً سعودياً والبقية غير سعوديين ، ولو بدأ تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الإبتدائية – على افتراض أن اللغة مادة اختيارية أو إجبارية – في السنتين الخامسة والسادسة الإبتدائية ، فإن هذا يقتضي توفير مدرس واحد على الأقل في كل مدرسة ابتدائي في المملكة. وبعض المدارس تحتاج إلى أكثر من مدرس لكثرة الفصول. وهذا يعني ضرورة توفير ما يزيد على 4400مدرس للغة الإنجليزية إضافة إلى الموجودين ؛ لأن عدد المدارس الابتدائية حسب ما ورد في الكتاب الإحصائي لوزارة المعارف لعام 1404/1405هـ يزيد على 4400 مدرسة ابتدائية. أما إذا دُرست اللغة الإنجليزية منذ بداية المرحلة الإبتدائية فإن هذا يعني مضاعفة عدد المدرسين السابق عدة مرات. هذا في مدارس البنين فقط، فماذا ستكون الحال لو طبق هذا بالنسبة لمدارس البنين والبنات معاً؟!
إن الدعوة إلى تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الإبتدائية من شأنها أن تخلق أزمة في توفير العدد اللازم من مدرسي هذه المادة لا قبل لوزارة المعارف أو رئاسة تعليم البنات بحلها. هذا فضلاً عن الأعباء المالية الباهظة التي ستترتب على تنفيذ مثل هذا الاقتراح، علماً بأن كلا الجهتين تعاني حالياً من نقص حاد في عدد المدرسين والمدرسات السعوديين لتلك المادة.
5-إن بدء تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الإبتدائية سيزيد من الهالة التي رسمت في عقول كثير من الآباء حول أهمية اللغة الإنجليزية، واقتران تعلمها بالمستقبل الجيد، وما إلى ذلك من الأوهام. ولقد أدت هذه الهالة إلى اندفاع بعض الآباء إلى تدريس أبنائهم اللغة الإنجليزية في الروضة، وفي المدارس الخاصة الإبتدائية. وساعد ذلك على انتشار تلك المدارس، وابتزاز تلك المدارس للآباء، واستغلال خوفهم من رسوب أبنائهم في اللغة الإنجليزية مستقبلاً. وأسهم هذا في اندفاع الناس إلى المدارس الخاصة، غير آبهين بما سيلحق بأبنائهم من مخاطر ثقافية ولغوية وعاطفية .
6-إن هذا الإجراء –وهو دفع تدريس اللغة الأجنبية إلى المرحلة الإبتدائية- قد جربته دول كالولايات المتحدة وبريطانيا في الستينيات (Foreign Language in the Elementary School(FLES movement) ولقد ثبت فشله، وكثرة تكاليفه، وخطورته على نمو الطلاب اللغوي والعاطفي، وولائهم لثقافتهم، الأمر الذي جعل تلك الدول تقصر تدريس اللغة الأجنبية على المرحلة الثانوية .
أما الطرف الآخر في الحوار حول تدريس اللغة الإنجليزية، فهو يدعو إلى إلغاء تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلتين المتوسطة والثانوية، ويدعو لتعريب التعليم، وإنشاء مؤسسة ترجمة وطنية، تهتم بالترجمة من كل اللغات إلى العربية. أو قصر تدريس اللغات الأجنبية في كليات للغات في الجامعات .
وهذا الطرف ينطلق في اقتراحه هذا من واقع تدريس اللغة الإنجليزية، وحصيلة خريجي الثانوية. ويبرز اقتراحه هذا بالمبررات والاعتبارات الآتية:
1- إن حصيلة الطالب بعد دراسة اللغة الإنجليزية لمدة ست سنوات بمعدل 4 حصص أسبوعياً لو جمعت لبلغت 48 ساعة فصلية، وهي لا تساوي ما بذل فيها من جهود وما أنفق عليها من مصروفات.
2- تشكل اللغة الإنجليزية سبباً من أسباب تسرب الطلاب، وذلك لارتفاع نسبة الرسوب، وفشل كثير من الطلاب في تعلمها.
3- الواقع المشاهد أن كل من احتاج إلى اللغة الإنجليزية في حياته العملية من موظفي الدولة أو من القطاع الخاص، سواء كان حاصلاً على الثانوية أو الجامعة تعقد له دورات مكثفة فيها، ويبدأ دراسة الإنجليزية من جديد، في الداخل أو الخارج. وهذا دليل على عدم استفادة الطلاب من دراستها في المرحلتين المتوسطة والثانوية.
4- إن جميع الكليات العلمية في جامعات المملكة تعيد تدريس اللغة الإنجليزية لطلبتها كمبتدئين وذلك في سنة تحضيرية، كما في كليات الطب وجامعة البترول، وفي الدورات المكثفة في باقي الكليات العلمية الأخرى.
5- إن كليات التربية والآداب تقدم للطلبة المتخصصين في اللغة الإنجليزية دورة مكثفة في اللغة، وذلك لضعف حصيلتهم فيها، وعدم قدرتهم على مواصلة الدراسة في برنامج البكالوريوس .
6- إن طلبة البعثات في أمريكا وبريطانيا من خريجي الثانوية يبدأون دراسة اللغة الإنجليزية من جديد، وكأن دراستهم لها لمدة 6 سنوات لم تكن.
7- إن المؤسسات والشركات التي تحتاج إلى اللغة الإنجليزية في أعمالها كالخطوط السعودية وأرامكو أنشأت معاهد لتدريس اللغة الإنجليزية لخريجي المدارس الثانوية على شكل دورات مكثفة.
8- إن كثيراً من الآباء الموسرين يرسلون أبناءهم في العطلات الصيفية لتعلم اللغة الإنجليزية في بريطانيا وأمريكا حيث يعيدون دراسة اللغة الإنجليزية من جديد.
هذه نماذج من واقع تدريس اللغة الإنجليزية وشواهد على أن تدريس اللغة الإنجليزية لم يأت بالنتيجة المرجوة، رغم طول الوقت المخصص له في المنهج، ورغم سخاء الدولة في الصرف عليه.
إن تدريس اللغة الإنجليزية يعاد مرتين، الأولى في المرحلة المتوسطة والثانوية، والثانية بواسطة مؤسسات تعليمية أخرى في شكل دورات مكثفة، وسنوات تحضيرية في الجامعات، أو عبر معاهد في الداخل أو الخارج.
هذا هو واقع تدريس اللغة الإنجليزية، الذي دعا البعض لاقتراح إلغاء تدريس اللغة الإنجليزية من مناهج المرحلتين المتوسطة والثانوية. ) انتهى .
ثالثاً: مجموعة مقالات عن الموضوع مستفادة من مجلتي ( البيان ) و (المعرفة) وغيرهما:
قبل أن نبدأ النفل
(كثر الأخذ والرد والعطاء والمنع، حول تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الإبتدائية ولكلٍ رأيه وتعليله، ولكني أصدح بكلمة الحق، ولا أزعم أني أعلم أو أعرف من الذين جالوا وصالوا في تلك القضية الحساسة، بل إني أجزم أن المنظرين ليسوا كالمطبقين مهما يكن، وصدق القائل:
لا يطعم الصبر إلا من يكابده ولا المرارة إلا من يقاسيها في تلك المرحلة يجب أن يوجه الطفل، ويُعطى من الموروث بقدر ما يجعله مرتبطاً بماضيه المشرق الذي هو امتداد له، فينمى فيه حب الانتماء إليه والاعتزاز به، بحيث يتحول هذا المورث إلى عمل تحريك وتنشيط للطفل نحو المستقبل على غرار كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
أمر هز كياني ولعل الأخوة التربويين الميدانيين أحسوا بما شعرت به؛ إذ ليس من المعقول أن يدرس ذلك الطفل الغر الفطري تلك المادة في مرحلته الأم، لأسباب عدة، ولعل من أهمها: أن تلك المرحلة تحتاج إلى تعليم التلاميذ المهارات الأولية، مثل القدرة على القراءة، والكتابة، والرياضيات المبدئية، مع تعريفهم بالعقيدة الإسلامية، وتمكينهم من ترجمة ذلك وممارسته فكيف يرهق ذهن التلميذ، ويشحن جدوله بمادة ثانوية لا علاقة لها بما يتعلمه، أو هو مع ذلك لا يزال يئن تحت وطأة تلك الحقيبة التي تقارب وزنه، وتنوء بكاهله؟! .
بل إن هناك خللاً جلياً في كيفية تعلمه للغة العربية الأم التي هي مفتاح لمغاليق العلوم والمعارف الأخرى.
يغادر التلميذ مقاعد الدراسة في المرحلة الإبتدائية –غالباً- وهو لا يعرف أن يفرق بين أنواع الفعل، أو قد لا يفرق بين الاسم والفعل! يرفع من صفه إلى صف آخر، ولما تكتمل عنده أركان اللغة الأساسية كالقراءة، والكتابة ،والتحدث، والاستماع، والفهم والاستيعاب! بل يغادر المرحلة الثانوية ومستواه في القراءة متدن، أقل مما ينبغي ! حتى إن أمالي الدارسين في المستوى الجامعي تنم عن ضعف وقصور في تلك المادة، وما ندوة ظاهرة الضعف الإملائي التي عقدت في كلية اللغة العربية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية منذ ما يقارب الخمس سنوات إلا لتنفخ في صور المجتمع ليهب لعلاج تلك الفادحة! أسباب عدة تكالبت على أبنائنا، ليسيروا دفعاً لا اندفاعاً. أصابع عدة تشير إلى المنهج، وأخرى تشير إلى الطالب نفسه، وأخرى إلى المدرس وطريقة التدريس..
أليس من الإجحاف أن يوعز تدريس اللغة العربية في بعض المدارس الإبتدائية لمدرسين غير متخصصين.؟! كأن يوجه أحدهم إلى منطقة يرغبها ويشترط عليه تدريس اللغة العربية.؟! والضحية هو التلميذ الضاحك الباكي! في تلك المرحلة الأم، القاعدة الأساس!
إن أهم ما يمكن أن نسعى إليه هو إخراج أطفالنا من هذه الدائرة الضيقة المؤلمة وهي دائرة الفراغ اللغوي ،ينتقل الطفل إلى كل مراحل عمره حتى يصل إلى الشيخوخة وهو لا يجيد الحديث والتعبير.؟!
مأساة متلفعة بأثواب غليظة يجدر بنا معالجتها وعن كثب، والنفوذ إلى شغافها لاجتثاث تلك الظاهرة النشاز.
لنمضي بإذن الله والحق أبلج نعالج فرضاً قبل أن نبدأ النفل ).
فهد بن علي الغانم، مجلة المعرفة، العدد (57) .
من الرطانة إلى المسخ
محمد بن حامد الأحمري ( البيان / 54) :
(هناك معارك تعترك فيها اللغات كما تعترك الجيوش على حدود الدول وفي أعماقها وقد لا تراها العيون، ولأن الناس يصلون نار المعارك العسكرية وتسيل الدماء وتهلك الجموع ؛ فلا يهتم أحد بالمعارك الثقافية الأخرى ، وبخاصة معارك اللغات..
اليوم تنكمش اللغة العربية، وتحاصر في كل ركن، وتحل محلها اللغة العبرية والإنجليزية والفرنسية . فدول المشرق العربي تعيش نهباً للغة الإنجليزية وأحياناً الفرنسية ، في القرى النائية وأعماق الصحراء تجد اللوحات باللغة الإنجـلـيـزيـة فـي الوقت الذي لم يقف على أبواب هذه الأماكن متحدث بهذه اللغة . بل وصل الأمر بشركتين عربيتين في بلد عربي أن تـكـتـبا العقود بينها بالإنجليزية وتمنعا عمالها من الحديث بالـعـربـيـة، وبـلـغ الـجـهل والـتخـلـف بهــؤلاء أن تكون جميع اللوحات الإرشادية بالإنجليزية، وأحـيـانـاً نـصـف اللوحات .
وفي دول المغرب العربي مشروع فرنسة شامل، ففرنسا تقوم بمعونات ثقافية مجانية بإرسال مدرسي اللغة الفرنسية وإغراق الأسواق بالـكـتـب والأفـلام الفـرنسية بالإضافة إلى البرامج التلفزيونية . وأوقف مشروع التعريب في هذه البلدان بحجة أن التعريب أدى للأصولية .
ويوم ينتهي النفوذ السياسي والاقتصادي للفرنسية والإنجلـيـزيـة - وقد يكون قريباً - هل سترثها اللغات المتخلفة جداً كاليابانية والصينية والهندية وندرسـهـا فـي مدارسنا ونحول وسائل إعلامنا لها ، أم أن المستقبل للعبرية والتي تتزايد شهرتها واهتمام العالم بها ، لأن اليهود احترموا لغتهم ففرضوها على العالم ، ولم يكن أحد يتحدث بـهـا إلا كهـنـة معابد اليهود وكانت العبرية والديانة اليهودية أهم وسائل تكوين دولة مـتـرابـطـة، لأن الـيـهود قدموا من شعوب شتى ولغات شتى فجمعتهم العبرية والديانة اليهودية.
إننا لنلوي ألسنتنا بعجمتهم ورطانتهم في كل بلدانهم حيث لا يحترمون لنا لغة ولا ذات، ويـوم يدخـلـون بلداننا ترانا نستبق تحت أقدامهم لنترجم لهم خدماً طيعين بلا أجر ، بل ونحــرص ألا تعكــر مزاجهم كلمة عربية واحدة ، بل إن المريض في الدول العربية عندما يشتد به المرض قد لا يفـكـر في الذهاب إلى المستشفى لأنه لا يستطيع أن يشرح مرضه بلغة أخرى ، وهم لا يفهمونه بل ربما أمرضوه أو قتلوه لأنه لا يعرف لغتهم ولا يعرفون لغته .
لقد انهارت الثقافة الإسلامـيــة وعلومها العربية يوم أن كانت اللغة التركية لغة ثانية بل لغة مسيطرة في البلاد العربية، وعشنا زمناً طويلاً من الانطواء وضعف العلوم والثقافة ، لأن اللغة المهيمنة لم تكن لغة المجتمع فلم تكن العربية ، ولم يتعرب الأتراك ، واليوم سيكون بقاء اللغات الأجنبية مسيطرة في بلاد المسلمين علامة انهيار ثقافي وتبعية سياسية شاملة ، فمجتمع يعيش بلغتين ويحيا ثقافتين مجتمع مصيره المسخ والانهيار ، فاختاروا لكم حياة ثقافية وحضارية واحدة، إما أن تكون العربية، أو الفرنسية، أو الإنـجـلـيـزيـة، وتجنبوا مشاريع التقليد الفاشلة قديماً وحديثاً . ونحن اليوم نعيد تجربة العهد التركي الـفـاشـلـة ثقافياً مع أنها حمت المسلمين عسكرياً زمناً طويلاً ، نعيد التجربة مع الغربيين. لقد آن لنا أن نعي ثقـافـتـنـا ونـعـرف أهمية لغتنا وألا نحيا حياة المسوخ ، وليس في هذا منع لوجود مختصين ونقلة لما نحتاجه من الغرب أو الشرق ، فتكون هناك حاجة دائماً لمن يعرف هذه اللغات سواء اليابانية أو الصينية أو العبرية أو الإنجليزية أو الفرنسية ، ولكن ليس بهذه العملية الماسخة لشعوبنا، الممزقة لها سياسياً وثقافياً، آن لنا أن نتخلص من هذا الاستعمار الفكري المزري).
تعليم اللغة الأجنبية للأطفال
محمد الناصر( البيان ، 36) :
(إن إتقان اللغة الأجنبية لا يـتـم إلا على حساب اللغة الأم لغة العرب ، ومع اللغة تدخل المُثُل التي يريدها الأعداء ، فضلاً عن الإتقان الضائع على حساب لغة القرآن.
ولا يقول عاقل أو مخلص : بتعليم اللغة الأجنبية للأطفال ونترك تعليمهم الفصحى لتشيع العامية وينتشر اللحن بين الناشئة.
"والوقت المناسب لدراسة اللغة الأجنبية يكون عادة في سن المراهقة أو قبلها بقليل ، وذلك عندما يبدأ الناشئ يهتم بالعالم الخارجي ، وبالأقوام الذين يعيشون خارج وطنه ممن لهم به صلة في تاريخ أمته القديم أو الحديث ... ففرنسا وإنجلترا ومعظم دول أوربا لا تعلّم في المرحلة الأولى إلا لغة الطفل القومية" ( ).
"وقد أدرك الإنكليز وأمثالهم أن التربية الإسلامية أكبر خطر على الاستعمار ، ولكنهم لم يجابهوها بالعنف والإكراه ، وإنما عمدوا إلى إفسادها من الداخل باسم الإصلاح والتحديث . ومن النقط الأساسية التي أصبحت تحدد إطار التربية في البلاد المختلفة فرض لغة المستعمر ، واستعمال كل الوسائل التي تؤدي إلى ضياع لغة البلاد الأصلية.."( ).
وقد فطن ابن خلدون إلى مضار الجمع بين لغتين أو علمين فيقول : "ومن المذاهب الجميلة والطرق الواجبة في التعليم : أن لا يخلط على المتعلم علمان معاً ، فإنه حينئذ قلَّ أن يظفر بواحد منها لما فيه من تقسيم البال وانصرافه عن كل واحد منهما إلى تفهم الآخر ، فيستغلقان معاً ويستصعبان ، ويعود منهما بالخيبة".
والذي نلمسه بوضوح أن الإنكليز وكل الدول المستعمرة يحاولون أن يجعلوا لغتهم لغة التعليم أينما حلُّوا ، وقد أورد الدكتور محمد أمين المصري - رحمه الله - من كلام أبي الحسن الندوي قوله : "وإن الاهتمام الزائد باللغات الأجنبية ، وإعطاءها أكثر من حقها - يجعلها تنمو على حساب اللغة العربية. وإن تدريس عدة لغات في وقت ما قد أصبح موضع بحث عند خبراء التعليم خصوصاً في المراحل الابتدائية والمتوسطة"( ) .
فما بالك - أيها القارئ الكريم - بَمن هم دون تلك المراحل ؟ ممن لم يتقنوا النطق الجيد بلغتهم بعد ، ثم يُطلب منهم معرفة لغة أقوام آخرين ؟! .
ومن الغرائب أن بدعة حديثة أصبحت تغزو المدارس الخاصة في ديار المسلمين ، إذ يخصص لمادة اللغة الإنجليزية مثلاً أربع حصص في الأسبوع وأين ؟ وفي أي مستوى ؟ في رياض الأطفال ، وسن التمهيدي ، أي قبل السنة الأولى من المرحلة الابتدائية .
وصار يعتبر ذلك معياراً لجودة هذه المدارس ، بسبب إقبال الأهالي ورغبتهم ثم المتاجرة بهذه الرغبات .
إن تعلم لغة أخرى لضرورة ملحة ، أو أمر طارئ - لا غبار عليه ؛ فزيد بن ثابت – رضي الله عنه – كان في الحادية عشرة من عمره ، لما قدم رسول الله – صلي الله عليه وسلم – المدينة المنورة ، وكان يكتب العربية ويروي عن نفسه فيقول : "أُتِيَ بي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – مقدمه المدينة ، فقالوا : يا رسول الله ، هذا غلام من بني النجار ، وقد قرأ مما أُنزل عليك سبع عشرة سورة، فقرأت على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأعجبه ذلك ، وقال : يا زيد تعلّم لي كتاب يهود ؛ فإني - والله - لا آمنهم على كتابي . قال : فتعلَّمته فما مضى لي نصف شهر حتى حذقته"( )
نلاحظ هنا : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلب من زيد أن يتعلم لغة اليهود بعد أن حذق اللغة العربية كتابة ، وحفظ من القرآن الكريم ما حفظ .
أما أن يعلم أطفال المسلمين لغة أجنبية - وهم لا يتقنون لغتهم نطقاً أو كتابة - فهذا لا يقوله عاقل أو منصف. ونستفيد من هذا الحديث أيضاً أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يختار في تربيته الشخص المناسب للمكان المناسب ، فعلينا ألا نبدد الطاقة الحية ، والكفاءة الممتازة ، ونفوّت بذلك مصلحة من مصالح المسلمين .
وهاهو واقع المسلمين يشهد بأن الطاقات تهدر ، وفي أبناء هذه الأمة العباقرة والممتازون ، لأمر أو لآخر ، مما لا يُرضي الله ، ولا ينسجم مع مصلحة المسلمين.
وكثيراً ما نضع الشخص غير المؤهل لمنصب لا يصلح له ، ولسان الحال يقول :
"ليس بالإمكان أحسن مما كان" .
ونحن لا نتحدث هنا عن أبناء المسلمين في ديار غيرهم ، فهؤلاء يعانون من الضغوط عليهم - هم وأهلوهم - الكثير ، والحاجة هنالك ماسة لوجود مؤسسات تربوية تصون لغة الجيل الثاني وعقيدته ، وقد اضطر هؤلاء غالباً أن يعيشوا في تلك الديار مكرهين ، أعانهم الله وسدد خطاهم نحو الخير.
وأخيراً نختم هذه الفقرة بقول ابن تيمية - رحمه الله - : "وأما مخاطبة أهل اصطلاح باصطلاحهم ولغتهم فليس بمكروه ، إذا اُحتِيج إلى ذلك وكانت المعاني صحيحة .. وإنما كرهه الأئمة إذا لم يُحْتَجْ إليه")( ).
أطفالنا ومدارس اللغات الأجنبية
د. مصطفى حسين ( البيان ، 122) :
(شهدت بعض البلدان العربية في الآونــــة الأخـيـرة انـتـشـــاراً واسعاً لما يسمّى: (مدارس اللغات)، وهي نمطٌ من المدارس يُعنى بتدريس اللغات الأجنـبـية بشكل مكثّف منذ مرحلة (رياض الأطفال) إلى نهاية المرحلة الثانوية، ولا تكتفي هذه المدارس بلغةٍ أوروبيةٍ واحدة، بل تدرّس لغتين اثنتين، إحداهما هي اللغة الأوروبية الأولى، وتـبــدأ مــن مرحلة (رياض الأطفال)، والثانية هي اللغة الأوروبية الثانية، وتبدأ في مرحلة متأخرة نسـبـيـــاً. ويتم في هذه المدارس تدريس موادّ العلوم والرياضيات باللغة الأوروبية الأولى إلى جانب مقرّر مكثّف لهذه اللغة، ومقرّر أقل كثافة للغة الأوروبية الثانية، يظل مرافقاً للتلميذ إلى نهايـة المرحلة الثانوية. وبطبيعة الحال يتم تدريس مقرري اللغة العربية والدين، والموادّ الاجتماعـيـــــة (وهذه تدرس باللغة العربية)، بالمستوى السائد في المدارس العربية.
وهذا النهج الدراسي يعتبر نمطاً خطيراً من (ازدواجية التعليم) يذكرنا بما صنعه (دنلوب) ـ الـوزيـر الـبـريـطـانــي خلال العشرينيات الميلادية من هذا القرن ـ في مصر خلال حقبة الاحتلال البريطاني.
ومن الملاحظ أن هذا الـنـمــــط من المدارس ينتشر ويتزايد إلى حدّ التفاقم، ويتزايد الإقبال عليه، حتى وصل الأمر إلى تحـويـــــل بعض المدارس الحكومية إلى مدارس للغات. وعلى حـين كانت مـدارس اللغات مقصـورة ـ إلى عهدٍ قريب ـ على أبناء الأثرياء القادرين، فقد بدأت تشهد إقبالاً متزايداً من جانب محـدودي الدخل، أولئك الذين يعانون إرهاقاً شديداً، ومع هذا يصرّون على احتمال هذا الإرهـاق، بسبب تصورهم الواهم عن هذه المدارس، وما تصنعه لأبنائهم من مستقبل زاهرٍ مضيء.
وأمام المنافسة الشديدة لهذه المدارس، وأمام رواجـها الـمـتزايد، اضطر بعض أصحاب المدارس الأهلية، التي أخذت على عاتقها تكثيف الـجـانـب الإسـلامي في الإعداد والتدريس، نقول: اضطرّت هذه المدارس الأهلية إلى أن تصدِّر إعلاناتها ولافتاتها بعبارات مثل: (تعلّم الإنجليزية) أو (مدارس... الأهلية الإسلامية للغات).
والأعـجــب من ذلك والأخطر أن المسؤولين عن التعليم في هذه البلدان يقفون صامتين أمام تلك الظاهـرة، ويشاركهم صمتهم الجمهرة الغالبة من خبراء التربية. وقصارى ما يفعله الخبراء أن يكتبوا بحثاً عن (الثنائية اللغوية في المرحلة الابتدائية)، بين مرحِب ورافض، وحتى إن بعض أولئك الرافضين يتحدثون عن هذه الثنائية من ناحية القدرات دون أدنى تعرّض للخطــر الداهم الذي تتعرض له الأمة نتيجة هذا الغزو الداهم لكيانها وهويتها، ممثلاً في الناشئة.
وهكذا، فإن هذا النمط من المدارس الذي يتكاثر ويتفاقم، ويستجيب لاندفاع جماهير الناس في موجاتٍ محمومة يوشك أن يكون الأصل والأساس، وأن تصبح (المدارس العربية) عنصراً طفيلياً دخيلاً، يفقد بالتدريج مقومات وجوده بل ومسوغات استمراره في ساحة التعليم.
ومع الاندفاع المحموم نحو (مدارس اللغات)، وأمام تكاثرها المتزايد، بدأ فريق من رجال الأعمال والمستثـمـرين يشاركـون في تأسيس هـذه المـدارس، ولا همّ لهم إلا تحقيق الكسب المادي؛ والغريب المثير أن هذه الفئة لا صلة لها ـأصلاًـ بحقل التربية والتعليم، فبعضهم من التجار، والآخر من أصحاب المشاريع الصناعية.
ذريعة مدارس اللغات:
ولكن ما هي الذريعة التي يتشبث بها المؤيدون لهذا النمط من المدارس، سواء في ذلك الآباء أو التربويون؟
وجوابهم هو: أن المستقبل والحاضر يقفان إلى جانب اللغات؛ فها هو العالم قد تحول إلى قرية صغيرة مفتحة النوافذ؛ مما يفرض تعلم لغة أجنبية واحدة على الأقل يستطيع الإنسان من خلالها أن يتصل ويتواصل، وأن ينفتح على المستجدات المتسارعة في المجالات المعرفية والتقنية، وأن الاقتصار على اللغة الأم يعني العزلة والانغلاق، وحتى يستطيع إنسان العصر المتجدّد أن يحافظ على بقائه، فإنه ينبغي عليه أن يتواصل مع الآخرين.
ونودّ قبل أن نردّ على أصحاب هذه الذريعة، أن نقرر حقيقة هامة: وهي أننا لا نعارض ـ قط ـ مبدأ تعلم اللغات الأجنبية، ولا نؤيد ـ قط ـ مبدأ الاقتصار على العربية لغتنا الأم، سواء في عصرنا أو في عصرٍ سبق أو عصر لاحق؛ ولكننا نقرر جملةً من الحقائق نفند بها ذرائع المؤيدين لمدارس اللغات، ونوجزها فيما يلي:
أولاً: نحن نؤيد تجربة اللغات ومدارس اللغات، شريطة أن تكون هذه التجربة في إطار هدف سامٍ نابع من هويتنا وجذورنا، وشريطة أن نُخضع هذه التجربة لنظام دقيق؛ بحيث لا يسمح لها بالانفلات والتكاثر المحموم، وشريطة أن يتوافر لها العناصر القادرة المدرّبة: تدريساً وتوجيهاً وإدارةً، وأن تقتصر على أبناء المبتعثين العائدين من دول أجنبية، أو من في حكمهم من أبناء الأجانب: أعضاء البعثات الدبلوماسية، ورجال الأعمال( ).
ثانياً: لِنكنْ واقعيين مع أنفسنا، ومع الواقع ذاته ولْنتساءلْ: هل استطاعت الأسر التي ألحقت أبناءها بهذه المدارس أن تتابع أبناءها؟ وهل لدى غالبية تلك الأسر القدرات اللغوية التي تمكنهم من تلك المتابعة؟
ثالثاً: هل استطعنا أن نحسم قضية تعريب كليات الطب والعلوم والهندسة، حتى نضيف إلى القضية قضايا أخرى؟
وللأسف الشديد فإننا نصرّ على المغالطة وإغماض أبصارنا وبصائرنا عـن الحقيقةِ والواقعِ، والحقيقةُ والواقـعُ أن طلابنا في كليات الطب ـ مثلاً ـ وكذلك أطباؤنا يجدون صعوبات جمّة تحول دون الاستيعاب الحقيقي للمادة الطبية، لا فرق في ذلك بين من حصل على (الثانوية العامة) من مدارس عربية أو مدارس اللغات.
رابعاً: وضع اللغة العربية: للغتنا الأم، وضعٌ مقلق مزعج إلى أبعد الحدود؛ والدليل واضح ماثل لكل ذي بصرٍ وبصيرة؛ فطلابنا يعانون ضعفاً مزرياً في لغتهم الأم، وقد بدت الشكوى متزايدة من هذا الضعف، فخريجو الجامعات ضعاف في اللغة العربية، لا فرق في ذلك بين خريجي أقسام اللغة العربية ومعاهدها، وبين غيرهم، والأغلاط اللغوية في الكتب والصحف متفشية. وهذا الضعف ليس في أساسيات اللغة العربية ومهاراتها ـ فقط ـ بل يمتد إلى معارفها وثقافاتها المتصلة بها. فكيف نضيف إلى ضعفنا في لغتنا الأم ضعفاً في سائر اللغات؟
خامساً: نشير هنا إلى رأي فريق من علماء التربية لا يستهان به؛ فالبعض يؤكد أن ثمة ظاهـرةً تسمى ظاهـرة: (الاعتماد أو التوافـق المتبادل Interdependence ) بين اللغة الأم واللغة الأجنبية، مما يؤثر في إتقانهما معاً؛ فالطفل الذي يتلقى دروساً في لغة ثانية (أجنبية)، قبل أن يتقن لغته الأولى لن يتقدم في هذه أو تلك( ).
سادساً: يقسّم بعض علماء التربية الثنائية اللغوية إلى نوعين: (الثنائية اللغوية الطارحة، والثنائية اللغوية الجامعة) فالأولى هي تلك التي تسود بين أطفال يتهدد لغتهم الأم خطر الاندثار، وأما الثانية فهي تلك التي تسود بين أطفال تتمتع لغتهم الأم بقدرٍ كبيرٍ من الرسوخ والتفوق.
والسؤال: إلى أي النوعين تنتمي الثنائية اللغوية في ظل ما يسمّى بمدارس اللغات؟
نضيف إلى ما تقدّم حقيقة تربوية لا يختلف عليها التربويون برغم اختلافهم حول قضية (الثنائية اللغوية)، وهي: (أنه كلما ازداد أساس اللغة الأم رسوخاً، واستمرت في تطورها ازدادت القدرة على اللغة الثانية)( ).
سابعاً: يتشبث المتحمسون لمدارس اللغات بمـنطق مغلوط معكوس؛ فالمعلوم ـ من واقع التاريخ الإنساني ـ أن المجتمع لا يحافظ على بقائه في عالم مفتّح متواصل، بالحفاظ على هوية الآخرين والذوبان المطلق فيهم، ولكن بحفاظه عـلـى هويته أولاً، وتحصين ذاته ضدّ عوامل الفناء والاندثار؛ فإن صنع الإنسان العكس، فقد غالط طبيعة الأشياء، ورضي لنفسه أن يكون التابع الذليل.
وإذا راجت بيننا اليوم مقولة أن (لا مكان في عالم اليوم لمن لا يتسلح باللغات)، فإن الأصحّ من هذه المقولة أنه (لا مكان لمن يدخل بيوت الآخرين، بـعــد أن نســـف بيته، وأتى على بنيانه من القواعد).
ثــامناً: نؤكد ـ ونحن مضطرون للتكرار ـ أننا لا نرفض مبدأ تعلم اللغات، ولكن شريطة أن يكـون هــــــذا المبدأ مؤسساً على أهداف وثيقة الصلة بوجودنا وكياننا وأصالتنا، ومرتبطاً بخطة مدروســـــــة لا تتجاهل واقع مدارس اللغات، وحصاد هذه التجربة بعد اتساعها واستفحالها، على أن نخضع ذلك كله لدراسة علمية فاحصة، تسبر الواقع ونتائجه دون تجاهل أو تعصب.
تاسـعاً: ليس مـن الـلازم الـلازب ـ لكي نحقق مبدأ التواصل مع عالمنا وعصرنا ـ أن نترك الحبل عل غاربه لـمــدارس اللغات، وأن يُرهق أبناؤنا وبيوتنا مادياً ونفسياً؛ إذ يكفي أن ندعِّم مقررات اللغات الأجنبية (اللغة الثانية) في المرحلة المتوسطة (الإعدادية)، وأن نعمل عــلـى تـطـويـرهـــا، مع الملاحقة والمتابعة لمقررات اللغة العربية، بالتطوير والدعم المستمر وتدريب المختصين بـهـــــا: معلمين وموجهين، وإخضاع الكتب المقررة للدراسة الدائمة في ضوء مرئيات التلاميذ والمعـلـمـيـن وأولـيــاء الأمور وسائر من ينبغي الاستئناس بآرائهم من الخبراء وأساتذة التربية.
عاشراً: إن قضية (ثنائـيـة التـعـلـيـم) منذ المراحل الأولى للتعليم (رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية) قضية ما تزال مثارة، والخلاف حولها ما يزال قائماً، فلماذا نتصرف على أنها قضية محسومة؟ ولماذا هذا التدافع المحموم نحو اللغات ومدارس اللغات.
حادي عشر: إن نجاح الأمم يقاس بمـبـدأ: (التوازن الثقافي) الذي تحققه لنفسها، وبقدر هذا التوازن بين كيانها وأصالتها من جانب وثقافات الآخرين من جانب آخر تكون قوتها وقدرتها على العطاء الإنساني الذي يكسبها الاحترام والوجود المتميز.
بقيت حقيقة أخرى نختم بها مقالنا وهي تتعلق بما يسمى دولة (إسرائيل) واللغة العبرية؛ فقد استطاع اليهود أن يجعلوا لغتهم الأم، (وهي الـعـبـريـــــــة)اللغةَ الدارجة السيّارة: في المدرسة والجامعة، والحقـــل والـمزرعة، والمتجر والمصنع، والشارع العام؛ وهي لغة العلم والتعليم والإعلام والسياسة. وقد عـــــاش اليهود ـ على آمادٍ طويلة من الأحقاب ـ يعملون بكل سبيل على أن تظل لغتهم حية تحـتـكّ بكل لغات العالم، لكي تبقى وتعيش لا لتفنى وتندثر.
وفـي كـل بـلــد عاش فيه اليهود، كانوا يتحدثون بلغتهم، ويشاركون بأقلامهم في الإبداع الأدبي والعلمي بلـغــــة هذا البلد، ولكنهم داخل (الجيتو (الذي حرصوا على أن يصنعوه لأنفسهم، كانوا يتحدثون العبرية ويلقنونها أبناءهم.
فهل نتنكر نحن للعربية، ونذوب عشقاً وهياماً في الآخرين؟
إن العربية أعرق وآصل من العبرية ومن غير العبرية، وأيادي العربية على العبرية وغيرها من اللغات يؤكدها الـتــاريخ. والناشئةُ من أبنائنا أحوج في هذا العصر، وأكثر من أي عصر مضى، إلى أن يرتبطوا بلغتهم حباً وولاءً.
والعربيةُ ـ بعدُ ـ ارتبطت بكتاب سماوي خالد، وارتبط بها ذلك الكتاب السماوي(*).
فهل تصحو ضمائرنا؟!!).
علة اهتمام الأمم بلغاتها
حبيب أبو قيس ( البيان ، 17) :
(إن وجود أمة قائمة ذات شخصية متـمـيـزة وكـيان مستغل ، وذات تقاليد وأعراف وطبائع نفسية وسلوكية مرتبط تمام الارتباط ببقاء لغة هــذه الأمة ، بل مرتهن بحياة هذه اللغة أو موتها ومحاذٍ لمستويات ازدهارها وضعفها.
إن الأمة عندما تفقد لغتها الأصلية وتهيمن عليها لغة أخرى غير لغتها فإن ما يحدث هو أن نجد بعد فترة من الفترات أمة أخرى لها كيانـهـا وخـصـائـصـها التي تختلف عن تلك الأمة الأولى ، فكلاهما أمتان مختلفتان وإن كانوا في الأصل نفس الأمــة السـابقة في الموطن الجغرافي والسلالة البشرية ، وينطبق هذا إلى حد كبير على أفراد الجيل الذين يطرأ عليهم هذا التغير اللغوي ويعيشون في عصرين مختلفي اللغة ، فهؤلاء وإن كانوا جـيــلاً واحـداً ، إلا أنـهـم يـصح القول عنهم : إنهم كانوا في اللغة الأولى أناساً مختلفين عما هم عليه الآن من غير نسيان لما للبيئة الأولى ولغتها على وضعهم الجديد من تأثير على أيّ مستوى يكون.
إن اللغة ذات دلالــة وسـمة للأمة الناطقة بها ، بل : "إن لغة الأمة دليل نفسيتها وصور عقليتها ، بل هي أسارير الـوجــه في كيانها الاجتماعي الحاضر ، وفي تطورها التاريخي الغابر ، لأن وراء كل لفظة في الـمـعـجـم مـعـنـى شعرت به الأمة شعوراً عاماً ، دعاها إلى الإعراب عنه بلفظ خاص ، فوقع ذلك اللفظ في نـفـوس
جمـهـورهــا موقع الرضى ، وكان بذلك من أهل الحياة ، وما معجم اللغة إلا مجموعة من المعاني الـتـي احـتاجت الأمة إلى التعبير عنها ، فاختارت لكل معنى لفظاً يدل على الجهة التي نظرت الأمة منها إلى ذلك المعنى عندما سمته باللفظ الذي اصطلحت عليه ، فلغة الأمة تتضمن تاريخ أساليب التفكير عندها من أبسط حالاته إلى أرقاها ، يعلم ذلك البصير في أبنية اللغة وتلازمها ومن له ذوق دقيق في ترتيب تسلسلها الاشتقاقي"( ).
وتزداد أهمية اللغة وضوحاً عندما نتكلم عن ما يعرف بصراع اللغات.
يتبع