موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 10 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: 65 ـ بحث فى البدعة .. معناها وأقسامهاوأحكامها
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يونيو 05, 2004 12:36 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله

لما كانت الخوارج من سماتهم الأصيلة تكفير الأمة وهو أمر متركز فى أصل شجرة بدعتهم .. ظهر فى فروعهم الموجودة الآن من المتمسلفة امتداد لهذا الأصل .. ولكن برمى الأمة بالبدعة .. فلا يرون أمرا أو عملا داومت عليه الأمة .. ودليل الأمة فى ذلك فهم صحيح من القرآن أو السنة .. إلا حكمت تلك الفرقة عليه بالبدعة !!

فتوجه القصد بعون الله تعالى وببركة الطاهر المبارك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذكر السنة والبدعة وأقسامها وأدلة الأحكام الشرعية وأقوال أهل العلم المعتبرين فى هذا المبحث .. مستفيدا مادة المقال من كتب أهل العلم ومقالات الباحثين .

أولا :
السنة التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ( عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى عضوا عليها بالنواجذ ) هي منهج التعامل مع أصول الشريعة وأحكامها ، لا يعني به السنة التشريعية التي هي الأصل الثاني من أصول التشريع ؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم بعد انقطاع الوحي ليس بمقدورهم أن يؤصلوا أصلاً إلا على مثال سبق

فسنة الصحابة المهديين ليست هي ذات سنة المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم ؛
فسنة الرسول صلى الله عليه وسلم حقيقتها التشريع ، وسنة الصحابة وأهل الحل والعقد حقيقتها التفريع..

فكأن النبي صلى الله عليه وسلم يشير في هديه هذا إلى تأسيس أصل من أصـول الشــريعة ألا وهــو الــقياس ، الذي دلت عليه الآية الكريمة في معرض قوله سبحانه
( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )[النساء:59].

يذكر الإمام الفخر رحمه الله في تفسيره أن هذه الآية تجمع في ثناياها مصادر التشريع الأربعة:
الكتاب والسنة والإجماع والقياس.
- أما الكتاب والسنة فمأخوذان من قوله سبحانه( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول).
ـ وأما الإجماع فمأخوذ من قوله سبحانه وتعالى( وأولي الأمر منكم ) أي أهل الحل والعقد.
- وأما القياس فمأخوذ من قوله تعالى( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول).اهـ.

ثم قال : اعلم أن قوله( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) يدل عندنا على أن القياس حجة ، والذي يدل على ذلك أن قوله( فإن تنازعتم في شيء ) إما أن يكون المراد:
فإن اختلفتم في شيء حكمه منصوص عليه في الكتاب أو السنة أو الإجماع
أو المراد: فإن اختلفتم في شيء حكمه غير منصوص عليه في شيء من هذه الثلاثة

والأول باطل , لأن على ذلك التقدير وجب عليه طاعته فكان ذلك داخلاً تحت قوله( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) وحينئذ يصير قوله( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) إعادة لعين ما مضى وإنه غير جائز.
وإذا بطل هذا القسم تعين الثاني...
إلى أن قال: فوجب أن يكون المراد رد حكمه إلى الأحكام المنصوصة في الوقائع المشابهة له وذلك هو القياس، فثبت أن الآية دالة على الأمر بالقياس. انتهى.

وقد كان ذلك فهم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين جمع الناس على صلاة
التراويح وقال : نعم البدعة هذه , فتلاقى مع قول النبى صلى الله عليه وسلم
( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلىيوم القيامة ، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة )

فيمتدح النبي صلى الله عليه وسلم تلك البدعة الحسنة ويسميها سنة حسنة تأصيلاً منه لقاعدة القياس، وبياناً منه أن ما يحدث في عهده سنة تقريرية إن أقرَّها أو أقرَّتها سنته
من بعده، ويوضح الفاروق رضي الله عنه ذلك المفهوم بقوله فيما أُحدث على مثال نعم البدعة هذه .

بناء على ما تقرر تبين فُحش وغلط من فسّر قول سيدنا عمر بالبدعة بالمعنى اللغوي، حيث إنه اتهم الفاروق والصحابة أجمعين بأنهم يُحْدِثون ما ليس على مثال سبق، وقابل فعلهم بعد التنزيل بفعلهم وقت التنزيل،وأنزلهم منزلة النبي صلى الله عليه وسلم في المصدرين الأساسيين للتشريع وكأن الوحي لم ينقطع .

وهذا المفهوم ابتليت به خوارج هذه الأمة منذ ميلاد الرسالة ، وكمن ذلك البلاء في أفراخهم إلى يومنا هذا ..حتى ضللوا جميع من خالفهم وسرى ذلك الضلال ـ على رأيهم ـ في علماء الأمة حتى شمل بعض الصادقين من أبناء هذه الأمة دون أن يلقوا لتلك المقولة بالاً، وأول من ضرب على ذلك الوتر بعد ذي الخويصرة ابن تيمية الحرّاني ومن لفَّ لفه .
وسنتابع الحديث إن شاء الله تعالى فى مقالات تالية..


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يونيو 11, 2004 8:57 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
الحمد لله المتفضل بالنعم , الذى علم بالقلم , علم الإنسان مالم يعلم , والصلاة والسلام على سيد الخلق خير من قام بأمر الله فسن وشرع وحكم .. وبعد
فاستكمالا لموضوع البدعة وتعريفها وأقسامها وأحكامها .. نتناول المسائل الآتية :

تحديد مفهوم البدعة :
- في اللغة.
ـ في الاصطلاح.
ـ في القرآن.
ـ في السنة المطهرة.

أولا : تعريف البدعة في اللغة

البدعة في اللغة العربية: اسم من الابتداع، يقال: أبدع الشيء يبدعه بدعاً، وابتدعه: أنشأه وبدأه. والبدع والبديع : الشيء الذي يكون أولاً.
وفي القرآن الكريم ( قل ما كنت بدعاً من الرسل )[الأحقاف:9]. أي: ما كنت أول من أرسل بل أرسل قبلي رسل كثيرون.

والبديع : من أسماء الله تعالى لإبداعه الأشياءوإحداثه إياها، وهو البديع الأول قبل كل
شيء. وهو الذي بدع الخلق، أي بدأه، كما قال سبحانه ( بديع السماوات والأرض ) [البقرة:117] أي خالقها ومبدعها

والكلمة غلب استعمالها فيما نقص من الدين، أو زيد فيه .
قال أبو البقاء في الكليات : البدعة هي عملُ عَمَلٍ على غير مثال سبق.

ومفهوم هذا التعريف أن كل عمل يُعْمَلُ دون أن يكون له مثال سابق سواء كان على أصل أو غير أصل فهو بدعة، ودليله من الكتاب ( بديع السماوات والأرض ) [البقرة:117]. أي مبدعهما وخالقهما على غير مثال سابق أي على غير أصل سابق، والمثال هنا يشمل الأصل والصورة، إذ إنه أوجد السماوات والأرض من العدم المحض من غير أصل سابق يستند إليه ولا صورة صنع مثلها
ودليله أيضاً ( قُلْ ما كنتُ بدعاً من الرُسل )[الأحقاف:9].

فتحصَّل من ذلك أنَّ معنى قولِ أبي البقاء : على غير مثال. أي على غير أصلٍ أو صورةٍ مشابهة .
وبهذا المعنى يكون التعريف مفيداً للعموم، فلا يؤخذ منه دليل قاطع في هذه المسألة، فلابد من الرجوع إلى بيان القرآن الكريم المتقدم ، وإفصاح السنة.
فقوله سبحانه ( بديع السماوات والأرض ) يعني: إحداثاً لهما على غير أصلٍ ولا صورة ِ.
وأكَّد الحقُّ بقوله سبحانه وتعالى ( قُلْ ما كنتُ بدعاً من الرُّسل ) بمعنى ما كنتُ إلا على مثال سابق , وهذا المثال هم الأنبياء والمرسلون .

وبذلك يتضحُ لنا أن البدعة قسمان : بدعةٌ ذاتُ أصل، وبدعة ليست ذات أصلٍ، أشار إلى ذلك الملمح قوله سبحانه في سورة النساء ( من يشْفع شفاعة حسنة يكن له نصيبٌ منها، ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها )
والشفاعة هي السنة والنهج الذي سنَّ الله عليه وفطر عليه النحل والملل، وعليه قام الكتاب والسنة ولأجله جاءت الشرائع للتمييز بين الطيب والخبيث. فالقائل بالبدعة الحسنة قد استنبط هذا الاصطلاح من روح الشريعة ومقاصدها .

ثانيا : تعريف البدعة في اصطلاح العلماء
هناك تعاريف كثيرة للبدعة عند العلماء فمن ذلك :

ـ تعريف الإمام المجتهد محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى المتوفى سنة 204هـ:
قال الشافعي: المحدثات من الأمور ضربان:
أحدهما: ما أحدث يخالف كتاباً، أو سنة، أو أثراً، أو إجماعاً. فهذه البدعة الضلالة.
والثانية: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، وهذه محدثة غير مذمومة.
وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان : نعمت البدعة هذه يعنى أنها محدثة لم تكن ، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى .وإسناده صحيح. وأخرجه من طريق آخر:أبو نعيم في حلية الأولياء : قال الشافعي: البدعة بدعتان: بدعة محمودة، وبدعة مذمومة ، فما وافق السنة فهو محمود، وما خالف السنة فهو مذموم .

ـ تعريف الحافظ علي بن محمد بن حزم رحمه الله، المتوفى سنة 456هـ:
قال ابن حزم : البدعة في الدين كل ما لم يأت في القرآن، ولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
إلا أن منها ما يُؤجر عليه صاحبه ، ويعذر بما قصد إليه من الخير، ومنها ما يؤجر عليه ويكون حسناً، وهو ما كان أصله الإباحة ، وهو ما كان فعل خير وجاء النص بعمومه استحباباً، وإن لم يقرر عمله في النص .
ومنها ما يكون مذموماً ولا يعذر صاحبه، وهو ما قامت الحجة على فساده فتمادى القائل به .

ـ تعريف الإمام العز بن عبدالسلام الشافعي رحمه الله،المتوفى سنة 660 هـ.
قال العز بن عبدالسلام :
البدعة فعل ما لم يعهد في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي منقسمة إلى :
بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة .

والطريق في معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة :
فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة.

وللبدع الواجبة أمثلة :
أحدها: الاشتغال بعلم النحو الذي يفهم به كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك واجب لأن حفظ الشريعة واجب ولا يتأتى حفظها إلا بمعرفة ذلك، ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
الثاني : حفظ غريب الكتاب والسنة من اللغة.
الثالث : تدوين أصول الفقه.
الرابع : الكلام في الجرح والتعديل لتمييز الصحيح من السقيم.

وقد دلت قواعد الشريعة على أن حفظ الشريعة فرض كفاية فيما زاد على القدر المتعين، ولا يتأتى حفظ الشريعة إلا بما ذكرناه.

وللبدع المحرمة أمثلة:
منها مذهب القدرية، ومنها مذهب الجبرية، ومنها مذهب المرجئة، ومنها مذهب المجسمة. والردُّ على هؤلاء من البدع الواجبة.

وللبدع المندوبة أمثلة:
منها: إحداث الرُّبُط والمدارس وبناء القناطر، ومنها كل إحسان لم يعهد في العصر الأول، ومنها صلاة التراويح، ومنها الكلام في دقائق التصوف، ومنها الكلام في الجدل في جمع المحافل للاستدلال في المسائل إذا قصد بذلك وجه الله سبحانه.

وللبدع المكروهة أمثلة:
منها زخرفة المساجد، ومنها تزويق المصاحف، وأما تلحين القرآن بحيث تتغير ألفاظه عن الوضع العربي ، فالأصح أنه من البدع المحرمة.

وللبدع المباحة أمثلة:
منها المصافحة عقيب الصبح والعصر، ومنها التوسع في اللذيذ من المآكل والمشارب والملابس والمساكن، ولبس الطيالسة، وتوسيع الأكمام، وقد يختلف في بعض ذلك، فيجعله بعض العلماء من البدع المكروهة ، ويجعله آخرون من السنن المفعولة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بعده، وذلك كالاستعاذة والبسملة .

وتعريف العزِّ هذا تعريفٌ استنباطيٌّ يستندُ إلى أحكامٍ شرعية، فهو تعريفٌ جامعٌ ومانعٌ في بابه.


ـ تعريف الإمام الغزالي المتوفى سنة 505هـ:
قال حجة الإسلام الإمام الغزالي:
البدعة قسمان: بدعة مذمومة وهي ما تصادم السنة القديمة ويكاد يفضي إلى تغييرها . وبدعة حسنة ما أحدث على مثال سبق. انتهى.

وقال الإمام الغزالي رحمه الله في الإحياء أيضاً:
وما يقال إنه أبدع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليس كل ما أبدع منهياً عنه، بل المنهي عنه بدعة تضاد سنة ثابتة وترفع أمراً من الشرع مع بقاء علته، بل الإبداع قد يجب في بعض الأحوال إذا تغيرت الأسباب.اهـ وتعريفه هذا جامعٌ مانعٌ وموجز.


ـ تعريف الإمام المحدِّث عبدالرحمن بن الجوزي الحنبلي رحمه الله، المتوفى سنة 597.
قال ابن الجوزى : البدعة عبارة عن فعل لم يكن فابتدع، والأغلب في المبتدعات أنها تصادم الشريعة بالمخالفة، وتوجب التعالي عليها بزيادة أو نقص، فإن ابتدع شيء لا يخالف الشريعة، ولا يوجب التعالي عليها فقد كان جمهور السلف يكرهونه، وكانوا ينفرون من كل مبتدع وإن كان جائزاً، حفظاً للأصل وهو الاتباع.

ثم قال ابن الجوزي: إن القوم كانوا يتحذرون من كل بدعة وإن لم يكن بها بأس لئلا يحدثوا مالم يكن، وقد جرت محدثات لا تصادم الشريعة ولا تتعارض معها، فلم يروا بفعلها بأساً مثل جمع عمر الناس على صلاة القيام في رمضان فقال: نعمت البدعة هذه. انتهى .

ـ تعريف الإمام أبي شامة عبدالرحمن بن إسماعيل المقدسي الشافعي رحمه الله تعالى، المتوفى سنة 665هـ.
البدعة: الحدث، وهو مالم يكن في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، مما فعله، أو أقر عليه، أو علم من قواعد شريعته الإذن فيه، وعدم النكير.
وفي معنى ذلك: ما كان في عصر الصحابة رضي الله عنهم مما أجمعوا عليه قولاً أو فعلاً أو تقريراً، وكذا ما اختلفوا فيه،فإن اختلافهم رحمة مهما كان للاجتهاد والتردد مساغ، وليس لغيرهم إلا الاتباع دون الابتداع
وتعريفه هذا جامعٌ، وليس مانعاً؛ إذ فعلُ الصحابيِّ في عهد التنزيل يُعتبر إحداثاً، فإن أقرَّهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، صار سُنَّة، وبعد انقطاع الوحي أصبح إحداثهم بدعة حسنة مقيسة على الكتاب والسنة، فيعتبرُ سنة حسنة من وجهٍ، لقوله صلى الله عليه وسلم ( من سن سنة حسنة ) فبهذا تقرَّر بأنه غير مانعٍ لورود ما ذكرنا عليه.
ثم قال أبو شامة : ثم الحوادث منقسمة إلى بدع مستحسنة وبدع مستقبحة .
ثم قال ( بعد نقل قول الإمام الشافعي في البدعة، الذي تقدم )
قلت: وإنما كان كذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّ على قيام شهر رمضان وفعله هو صلى الله عليه وسلم بالمسجد، واقتدى فيه بعض الصحابة، ليلة بعد أخرى، ثم ترك النبي صلى الله عليه وسلم فعلها بالمسجد جماعة وعلل ذلك بأنه خشي أن تفرض عليهم، فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم أمن ذلك، فاتفق الصحابة على فعل قيام رمضان في المسجد جماعة، لما فيه من إحياء هذا الشعار الذي أمر به الشارع، وفعله، والحثّ عليه، والترغيب فيه، والله أعلم.
فالبدع الحسنة: متفق على جواز فعلها، والاستحباب لها، ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها، وهي كل مبتدع موافق لقواعد الشريعة غير مخالف لشيء منها ولا يلزم من فعله محذور شرعي.

وقد عرَّفَ أبو شامة البدعة الحسنة في آخر كلامه كما ترى، وقوله: (متفق على جوازه) يعني به من يُقبلُ قولهُ في الإجماع، فخرج بذلك من يُرَدُّ قولُهُ كابن تيمية ومن على منهجه، فلا مسوِّغَ لمن ناقضَ هذا القول؛ لأنه خرقٌ لإجماع الأمة، وخرقُ الإجماع حرام.

ـ تعريف الإمام ابن الأثير:
قال ابن الأثير رحمه الله: البدعة بدعتان : بدعة هدى وبدعة ضلال .. فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو في حيز الذم والإنكار .
وما كان واقعاً تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه أو رسوله فهو في حيز المدح. ومالم يكن له مثال موجود كنوع من السخاء والجود وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثواباً فقال( من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها )

ومثَّل للبدعة الحسنة بقول عمر في صلاة التراويح: نعمت البدعة

ـ تعريف الإمام الحافظ محيي الدين النووي رحمه الله المتوفى سنة 676هـ.
بَدَعَ : البدعة، بكسر الباء، في الشرع هي إحداث مالم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهي منقسمة إلى حسنة وقبيحة. قال الشيخ الإمام المجمع على إمامته وجلالته وتمكنه في أنواع العلوم وبراعته، أبو محمد عبدالعزيز بن عبدالسلام رحمه الله ورضي عنه في آخر كتاب القواعد: البدعة منقسمة إلى واجبة ومحرمة ومندوبة ومكروهة ومباحة. قال: والطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، أو في قواعد التحريم فمحرمة، أو الندب فمندوبة، أو المكروه فمكروهة أو المباح فمباحة.وللبدع الواجبة أمثلة ثم ساق كلام الإمام العز كاملاً كما تقدم.ثم قال:
وروى الــبــيــهقـي بــإسـناده فــي مـناقب الـشـافعـي عن الــشـافعي رضي الله عنه قال: المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما ما أحدث مما يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً فهذه البدع الضلالة.
والثانية ماأحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من العلماء وهذه محدثة غير مذمومة.
وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان: نعمت البدعة هذه يعني أنها محدثة لم تكن وإذا كانت ليس فيها رد لما مضى. هذا آخر كلام الــشـافعي رضي الله تــعالى عنه

ـ تعريف الحافظ الفقيه بدر الدين العيني رحمه الله المتوفى سنة885هـ.
قال الإمام العيني في عمدة القاري : البدعة في الأصل إحداث أمر لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم البدعة على نوعين إن كانت مما يندرج تحت مستحسن في الشرع فهي بدعة حسنة. وإن كانت مما يندرج تحت مستقبح في الشرع فهي بدعة مستقبحة.

ـ تعريف الإمام السبكي:
قـال الـسـبــكي : الــبــدعــة فـي الــشــرع إنمــا يــراد بــها الأمــر الحــادث الــذي لا أصــل لــه فــي الـشــرع، وقــد يـطــلق مـقيــداً، فـيــقال: بــدعة هــدى، وبـــدعة ضــلالة. انتهى.

ـ تعريف الإمام الكرماني:
قال الكرماني في شرحه للبخاري: البدعة كل شيء عمل على غير مثال سابق، وهي خمسة أقسام: واجبة ومندوبة ومحرمة ومكروهة ومباحة. وحديث ( كل بدعة ضلالة ) من العام المخصوص .

ـ تعريف الشيخ عبدالحق الدهلوي:
قال الشيخ عبدالحق الدهلوي في شرح المشكاة: اعلم أن كل ما ظهر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعة، وكل ما وافق أصول سنته وقواعدها أو قيس عليها فهو بدعة حسنة، وكل ما خالفها فهو بدعة سيئة وضلالة.



وأما ابن تيمية فذكر في مجموع الفتاوى تعريفاً للبدعة فقال: وما خالف النصوص فهو بدعة باتفاق المسلمين، وما لا يعلم أنه خالفها فقد لا يسمى بدعة .
وهذا التعريف ليس جامعاً ولا مانعاً ولا منضبطاً وليس فيه من البيان شيء ولا من فهم النصوص ما يدل على عمق قائله،فقد علمت التعاريف اللغوية للبدعة والتعاريف الشرعية، فأصبح من الواضح لديك بطلان هذا التعريف جملة وتفصيلاً، وانتقاده حداً ومعنى، وبناء على ركاكة هذا التعريف أخفق ابن تيمية الحراني في تأويل قول عمر ( نعمت البدعة ) .
وبعد فتلك هى أقوال أئمة الشأن قبل ابن تيمية والسلفية , وكما ترى فهى تعاريف مؤيدة بالكتاب والسنة .
ويمكن القول أن خلاصة البدعة الحسنة : هي إظهار صورة مخصوصة لحالة مخصوصة ألحَّت الدواعي على إبرازها بالقياس الصحيح .

وسنذكر بإذن الله تعالى فى المشاركة القادمة
- معنى مفهوم البدعة فى القرآن الكريم مع عرض أقوال أئمة التفسير
- معنى مفهوم البدعة فى السنة المطهرة مع عرض فهم أهل العلم المعتبرين

وصل اللهم بارب وسلم وعظم وشرف وكرم مولانا رسول الله وآل بيته الطيبين الطاهرين تسليما كثيرا كبيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يونيو 12, 2004 4:54 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 23599
الأخ مريد الحق بداية موفقة

وللأخ مجدى منصور موضوع مهم بعنوان

" الرد على ابن تيمية فى أن العبادات توقيفية "

موجود في هذا المنتدى في صفحة عقائد أهل السنة

فالرجا الاستفادة القصوى من هذا الموضوع

كما نرجو إلقاء الضوء على هدف المتمسلفة واستراتيجيتهم في مسألة البدعة والتبديع

وأهمية هذه النقطة بالذات في تحقيق أهدافهم

وكذلك تلاعبهم في أمور يقولون أنها ليست ببدعة وأختها يقولون أنها عين البدعة

وفقك الله وأعانك



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يونيو 29, 2004 8:55 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد يونيو 27, 2004 4:19 pm
مشاركات: 2
البِدْعَةُ

البِدْعَةُ لُغَةً مَا أُحْدِثَ علَى غَيرِ مِثَالٍ سَابِقٍ، وشَرعًا المُحْدَثُ الذي لَم يَنُصَّ علَيهِ القُرءَانُ ولا الحدِيثُ.
وتَنْقَسِمُ إلى قِسْمَين كَما يُفهَمُ ذلكَ مِن حَديثِ عائِشَةَ رضِيَ الله عنْها قالَت: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أَحْدَثَ في أمْرِنا هَذا مَا لَيسَ منْهُ فَهُوَ رَدٌّ"، أي مَردُودٌ.
القسم الأول: البِدْعَةُ الحَسَنَةُ: وتُسَمَّى السُّنَّةَ الحسَنَةَ، وهي المُحدَثُ الذي يُوافِقُ القُرءانَ والسُّنَّةَ.
القِسْمُ الثَّاني: البدْعَةُ السَّيّئَةُ: وتُسَمَّى السُّنَّةَ السَّيّئةَ، وهي المُحْدَثُ الذي يُخَالِفُ القُرءانَ والحَدِيثَ.
وهَذا التَّقْسِيْمُ مَفْهُومٌ أيضًا مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بنِ عَبد الله البَجَليّ رَضيَ الله عنهُ، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً حسَنَةً فَلَهُ أجرُها وأجرُ مَن عَمِلَ بها بعدَهُ مِن غير أن يَنْقُصَ من أجُورِهم شَىءٌ، ومَن سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً سَيّئةً كانَ عليه وِزْرُها ووِزْرُ مَن عَمِلَ بِها مِنْ بَعْدِه مِن غَيرِ أن يَنْقُصَ مِن أَوزَارِهم شَىءٌ" رَواهُ مسلمٌ.
فَمِنَ القِسْم الأَوَّلِ: الاحْتِفَالُ بمَولِدِ النَّبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول، وأوَّلُ مَنْ أحدَثَهُ المَلِكُ المُظَفَّرُ مَلِكُ إرْبِل في القَرْنِ السَّابِع الهِجْرِيّ، وتَنْقيطُ التَّابعيّ الجليلِ يَحْيَى بنِ يَعْمَرَ المُصْحَفَ، وكانَ مِن أهْلِ العِلْمِ والتَّقْوى، وأقَرَّ ذَلِكَ العُلَماءُ مِن مُحَدّثينَ وغَيْرِهم واسْتَحْسَنُوهُ ولَم يكُن مُنَقَّطًا عِنْدَما أَمْلَى الرَّسُولُ علَى كتَبَةِ الوَحْي، وكذَلِكَ عُثمانُ بنُ عَفّانَ لمّا كتَبَ المصَاحِفَ الخَمْسَةَ أو السّتَّة لم تَكُن مُنَقَّطَةً، ومُنْذُ ذَلك التَّنقِيطِ لم يَزَل المُسلِمونَ على ذَلكَ إلى اليَوم، فَهلْ يُقالُ في هَذا إنَّه بِدْعَةُ ضَلالةٍ لأَنَّ الرَّسُولَ لَم يَفْعَلهُ؟ فإنْ كانَ الأمْرُ كذَلِكَ فليَتْركُوا هذِهِ المصَاحِفَ المُنَقّطَةَ أو لِيَكْشِطُوا هَذَا التَّنقِيْطَ مِنَ المَصَاحِفِ حتَّى تعودَ مجرَّدَةً كما في أيّامِ عُثمانَ. قالَ أبوبكر بنُ أبي دَاودَ صَاحِب السُّنَنِ في كِتَابِه المَصَاحِف: "أَوّلُ مَن نَقَطَ المَصَاحِفَ يَحيى بنُ يَعْمَرَ".اهـ، وهوَ مِنْ عُلَماءِ التَّابِعينَ رَوَى عَن عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ وغَيرِه.
ومِنَ القِسْمِ الثَّاني: المُحْدَثاتُ في الاعْتِقادِ كبِدْعَةِ المُعتَزِلَةِ والخوارِجِ وغَيْرِهم مِنَ الذينَ خَرجُوا عَمَّا كانَ علَيه الصَّحابةُ رِضْوانُ الله علَيْهم في المُعتَقَد، وكِتَابة (ص) أو (صلعم) بعدَ اسم النَّبي بدَلَ (صلى الله عليه وسلم) وقَد نَصَّ المُحدّثونَ في كتُبِ مُصْطَلَح الحَديثِ علَى أنَّ كِتَابةَ الصَّادِ مُجَرَّدةً مَكروهٌ، ومعَ هذَا لمْ يُحَرّمُوها بل فعَلُوها.
فَمِن أينَ لهؤلاءِ المُتَنَطّعينَ المُشَوّشِينَ أن يقولوا عن عَمَلِ المولدِ بدعَةٌ محرّمةٌ وعَن الصَّلاةِ على النَّبي جَهْرًا عقِبَ الأذانِ إنَّهُ بدعةٌ محرّمةٌ بدَعْوَى أن الرسولَ ما فعلَهُ والصَّحابةَ لم يفعَلُوهُ.
ومنه تحريف اسم الله إلى ءاه ونحوه كما يفعل ذلك كثير من المنتسبين إلى الطرق فإن هذا من البدع المحرَّمة.
قَالَ الإمامُ الشَّافِعيُّ رضيَ الله عنهُ: "المُحدَثاتُ مِنَ الأمُورِ ضَربانِ، أحَدُهُما مَا أُحدِثَ ممّا يُخَالِفُ كِتابًا أَو سُنَّةً أو إجْماعًا أَو أثَرًا، فَهذِه البِدْعَةُ الضّلالَةُ، والثّانِيةُ مَا أُحْدِثَ مِنَ الخَيرِ ولا يُخَالِفُ كِتَابًا أو سُنَّةً أو إجْماعًا، وهَذه مُحْدَثَةٌ غَيرُ مَذْمُومَةٍ"، رَواهُ البَيْهقيُّ بالإسْنادِ الصّحيح في كتابِه "مَنَاقِبُ الشَّافِعيّ".

-1 ما هي البدعة؟
2-ما أُحدث وكان مخالفًا للقرءان والحديث يسمى بدعة ضلالة وهو إما اعتقادي وإما عمليّ بيّن ذلك مع الأمثلة
3-اذكر ما أحدثه أهلُ العلمِ مما لا يخالفُ القرءانَ والحديثَ ؟
4-ما الدليل على أن البدعة تَنْقَسِمُ إلى قِسْمَين؟
5-ما هي البدعة الحسنة؟
6-ما هي البدعة السيئة؟
7-ما الدليلُ من القرءان على أنَّ البدعةَ منها ما هو حسن؟
8-ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم:" من أحدَثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ منهُ فهو رد"؟
9-ما الدليل من الحديث على أن البدعة منها ما هو حسن؟
10-ما الدليل على أن البدعة الحسنةلا تدخل في حديث: وكلُّ محدثَةٍ بدعةٌ وكلُّ بدعةٍ ضلالةٌ"؟
11-تكلم عن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم.
12-ما الدليل على أن المصحف لَم يكُن مُنَقَّطًا عِنْدَما أَمْلَى الرَّسُولُ علَى كتَبَةِ الوَحْي؟
13-لِمَ قال عمر "نِعمَت البِدعَةُ هَذِهِ" ؟
14-ما الدليل على أن عثمان بن عفان أحدث أذانًا ثانيًا يوم الجمعة ؟
15-ما الدليل على أن الصّحابيَّ الجليلَ خبيب بن عديّ أحدَثَ صلاةَ ركعتينِ عند القتلِ ؟
16-ماذا قال النووي عن البدعة ؟
17-ماذا قال ابن عابدين عن البدعة ؟
18-ما الدليل على أن الوهابية متحكمينَ بآرائِهِم فما استحسنته نفوسُهُم أقرّوه وما لم تَستَحسِنهُ نفوسُهم أنكروهُ ؟
19-ماذا قال العلماء عن بدعة المعتزلة والخوارج ؟
20-تكلم عن الطرق التي أحدثها بعض أهل الله .
21-ما الدليل على جواز الصلاة على النبي؟
22-ماذا قال العلماء في تحريف اسمِ الله إلى ءاهٍ ونحوِه كما يَفعَلُ ذلكَ كثيرٌ من المنتسبينَ إلى الطُّرُقِ ؟
23-أذكر قول الشافعي في أن البدعة منها ما هو حسن ومنها ما هو سيىء.
24-ما هو الإجماع ؟
1 - ما هي البدعة؟
البِدْعَةُ لُغَةً مَا أُحْدِثَ علَى غَيرِ مِثَالٍ سَابِقٍ، وشَرعًا الشّىءُ المُحدَثُ الذي لم ينُصَّ عليهِ القرءانُ أي لم يُذكَر في القرءانِ ولا في الحديثِ.ثم هذا الأمر ينقسم إلى قسمين قسم يخالف ما نصَّ عليه الله ورسولُه وقسم لا يخالفه بل يوافقه في نظر أهلِ العلمِ.

2-ما أُحدث وكان مخالفًا للقرءان والحديث يسمى بدعة ضلالة وهو إما اعتقادي وإما عمليّ بيّن ذلك مع الأمثلة .
ما أحدث وكان مخالفًا للقرءان والحديث يسمى بدعة ضلالة وهو إما اعتقادي وإما عمليّ.
فالاعتقادي كعقيدةِ المشبهةِ القدماءِ والمُحْدَثِينَ من الكرّاميةِ من المشبهةِ القدماءِ والوهابيةِ من المُحْدَثينَ والمعتزلةِ القدريةِ والخوارجِ المتقدمينَ منهم والمتأخرينَ كأتباعِ سيد قطب المُسَمَّيْنَ الجماعة الإسلامية فإن من الخوارجِ القدماءِ كان أناس يقال لهم البيهسية يقولون إذا حكم الملك بغير الشرعِ كفر وكفرَت الرعية مَن تابعه في الحكم ومَن لم يتابعه، وفرقة سيد قطب أحيَوْا في هذا العصر هذه العقيدة المبتَدَعة فاعتقدوا أن من حَكَمَ بغيرِ الشرعِ ولو في حكمٍ واحدٍ كفرَ والرعية التي تعيش تحت حكمهِ كفرت ولا يستثنون أحدًا إلا من قام ليثور عليه وعلى ذلك يستحلون قتل غيرهم كما تشهد عليهم أعمالهم في مصر والجزائر والشيشان وغير ذلك.
وكلٌّ من هؤلاء يتعلقون بآيات فهموها على غير وجهها وظنوا أن ما هم عليه حق موافقٌ للقرءانِ ولم يدروا أن القرءانَ ذو وجوه كما قال عمر رضي الله عنه تأتي الكلمةُ الواحدةُ لمعنَيَين ولأكثر من حيث لغةُ العربِ فبعض هذه المعاني يصحُّ تفسيرُ القرءانِ به والبعضُ الآخرُ لا يصحُّ تفسيرُ القرءانِ به، فهؤلاء الفرق أخذوا بالمعاني التي لا يصحُّ أن تكون مرادة أي مَرْضيَّة لله ورسوله.
وأما العملية فهي مثل بدعةِ المتشبهين بالصوفية صورةً بلا حقيقة فإنهم حرَّفوا اسمَ الله في مجالس الذكرِ يقولون ءاه ويعتبرون ءاه اسمًا لله حتى إن بعضَهم غَلَا فقال ءاه أقرب للفتوحِ من الله. فإن هذا العملَ مبتدعٌ لم يكن عند الصوفية القدماءِ، قال بعض هذه الفرقة الشاذلية هذا التحريف لم يكن عند شيخ الطريقة أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه وإنما أحدثه شاذلية فاس. ومن البدعةِ العمليةِ المحدثَةِ على خلافِ القرءانِ والحديثِ معاقبة مَن طبَعَ كتابًا ألفه غيره بدون إذنهِ بالتغريمِ أو الحبسِ يكتبونَ في النسخةِ التي يطبعها المؤلفُ أو من أذن له المؤلف "حقوقُ الطبعِ محفوظة للمؤلفِ أو الناشرِ" وهذه البدعةُ مخالفةٌ لكتابِ الله وسنةِ رسولهِ لم يفعلها أحدٌ من السلفِ ولا من الخلفِ إنما أُحدثت منذ نحو مائتي سنة تخمينًا اتباعًا للأوروبيين، ولو كان جائزًا لكان السلف أحوج للعمل به لأنهم كانوا يتعبون عند تأليفهم تعبًا كبيرًا. كان المؤلف يستعمل القلم الذي يبريه بيده كلما انكسرَ قلمٌ يبري غيرَه حتى إنه كان يتكوم عندهم من بُراية الأقلامِ شىءٌ كثيرٌ وكانوا يعملون الحبر بأيديهِم ومع ذلك لم يفعل أحدٌ منهم هذا الحَجْرَ. كانوا لا يعترضون على من استنسخ نسخًا من مؤلفاتهم للتجارة أو لغير ذلك، وقد احتج بعضُ هؤلاء المبتدعين من أهل عصرنا هذا بأنه أتعب أفكارَه في تأليفهِ.
3-اذكر ما أحدثه أهلُ العلمِ مما لا يخالفُ القرءانَ والحديثَ ؟
وأما ما أحدثه أهلُ العلمِ مما لا يخالفُ القرءانَ والحديثَ كإحداثِ المَحاريبِ المجوفةِ والمآذنِ وشَكْلِ القرءان ونَقْطِهِ فإنه أحدثه بعضُ العلماءِ ممن كان في القرنِ الأولِ كعمر بن عبد العزيز وابن يعمر وطرق أهل الله القادرية والرفاعية وغيرهما وعمل المولد فهذه سنة حسنة تدخل تحت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شىء" ومن عدّ هذه بدعة ضلالة فهو جاهل لا يعتد بكلامه وقد يحتج بعض هؤلاء بحديث: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ" ولم يدرِ أن معنى الحديث إحداث ما ليس من الدين أي ما لا يوافقه لأن ذلك مردود. هؤلاء يقال لهم المساجد مسجد الرسول وغيره ما كان له مِحراب مجوف في حياةِ رسولِ الله ولا كان له مئذنة وقد أُحدِثَ في ءاخرِ القرنِ الأولِ أَحدَثَ ذلك الخليفة الراشد عمر ابن عبد العزيز وأقره المسلمون على ذلك وأنتم لا تعترضون على ذلك بل توافقون فكيف تنكرون الطريقةَ والمولدَ وأمثال ذلك بدعوى أن هذا لم يُذكر في القرءانِ أو الحديثِ تُقِرون ما أعجبَكُم وتنفون ما لم يعجبكم بلا دليلٍ. وحديثُ "من سنَّ" إلخ أخرجه مسلمٌ أما الحديثُ الآخرُ "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" فأخرجه البخاري.

4-ما الدليل على أن البدعة تَنْقَسِمُ إلى قِسْمَين؟
تَنْقَسِمُ البدعة إلى قِسْمَين كَما يُفهَمُ ذلكَ مِن حَديثِ عائِشَةَ رضِيَ الله عنْها قالَت: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أَحْدَثَ في أمْرِنا هَذا مَا لَيسَ منْهُ فَهُوَ رَدٌّ"، أي مَردُودٌ. والحديث رواهُ البخارِيُّ ومسلمٌ، وفي رِوايةٍ لمسْلمٍ: "مَن عمِلَ عَملاً لَيْسَ عَليْهِ أمْرُنا فَهُوَ رَدٌّ". فأفهَمَ رسولُ الله بقوله: "ما ليسَ منهُ" أنَّ المحدَثَ إنَّما يكونُ ردًّا أي مردودًا إذا كانَ على خلافِ الشّريعةِ، وأنَّ المحدَثَ الموافِقَ للشّريعةِ ليسَ مردودًا.
وهَذا التَّقْسِيْمُ مَفْهُومٌ أيضًا مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بنِ عَبد الله البَجَليّ رَضيَ الله عنهُ، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً حسَنَةً فَلَهُ أجرُها وأجرُ مَن عَمِلَ بها بعدَهُ مِن غير أن يَنْقُصَ من أجُورِهم شَىءٌ، ومَن سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً سَيّئةً كانَ عليه وِزْرُها ووِزْرُ مَن عَمِلَ بِها مِنْ بَعْدِه مِن غَيرِ أن يَنْقُصَ مِن أَوزَارِهم شَىءٌ" رَواهُ مسلمٌ.

5-ما هي البدعة الحسنة؟

البِدْعَةُ الحَسَنَةُ: وتُسَمَّى السُّنَّةَ الحسَنَةَ، وهي المُحدَثُ الذي يُوافِقُ القُرءانَ والسُّنَّةَ.

6-ما هي البدعة السيئة؟
البدْعَةُ السَّيّئَةُ: وتُسَمَّى السُّنَّةَ السَّيّئةَ، وهي المُحْدَثُ الذي يُخَالِفُ القُرءانَ والحَدِيثَ.

7-ما الدليلُ من القرءان على أنَّ البدعةَ منها ما هو حسن؟
الدَّليلُ القرءانيُّ على أن البدعةَ منها ما هو حسنٌ قولُهُ تعالى: {وَجَعَلنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوُه رَأفَةً وَرَحمَةً وَرَهبَانِيَّةً ابتَدَعُوهَا مَا كَتَبنَاهَا عَلَيهِم إِلاَّ ابتِغَاءَ رِضوَانِ اللهِ} [سورة الحديد].
ففي هذه الآيةِ مدحُ المؤمنينَ من أمّةِ عيسى لأنّهم كانوا أهل رحمةٍ ورأفةٍ ولأنهم ابتدعوا الرَّهبانيّةَ وهي الانقطاعُ عن الشَّهواتِ المباحَةِ زيادةً على تجنبِ المحرماتِ حتَّى إنّهم انقطعوا عن الزّواجِ وتركوا اللّذائِذَ من المطعوماتِ والثّيابِ الفاخرةِ وأقبلوا على الآخرةِ إقبالا تامًّا.فقوله تعالى:{مَا كَتَبنَاهَا عَلَيهِم إِلاَّ ابتِغَاءَ رِضوَانِ اللهِ} فيه مدحٌ لهم على ما ابتدعوا أي ممَّا لم ينصّ لهم عليهِ في الإنجيلِ ولا قالَ لهم المسيحُ بنصّ منهُ افعلوا كذا، إنَّما هم أرادوا المبالغةَ في طاعةِ الله تعالى والتَّجردَ لطاعتِهِ بتركِ الانشغالِ بما يتعلَّقُ بالزّواجِ ونفقةِ الزوجةِ والأهلِ. ثم هؤلاءِ الذين مدحهم الله كانوا من أتباعِ عيسى على الإسلامِ مع التمسكِ بشريعةِ عيسى كانوا يبنونَ الصّوامِعَ أي بيوتًا خفيفةً من طينٍ أو من غير ذلكَ على المواضع المنعزلةِ عن البلدِ ليتجرَّدوا للعبادةِ، ثم جاءَ بعدَهم أناسٌ قلدوا أولئكَ مع الشّركِ أي مع عبادةِ عيسى وأمّهِ وتشبَّهوا بأولئكَ بالانقطاع عن الشهواتِ والعكوفِ في الصَّوَامِعِ لقولِهِ تعالى: {فَمَا رَعَوهَا حَقَّ رِعَايَتِها} [سورة الحديد] لأن هؤلاء ما التزموا بالرهبانيةِ الموافقة لشرعِ عيسى كما التزمَ أولئكَ السابقونَ، فيؤخَذُ من هذه الآيةِ أن مَن عَمِلَ عملًا لا يخالفُ الشرعَ بل يوافقهُ ليس بدعةً مذمومةً بل يُثَابُ فاعلُه ويسمَّى سنةً حسنةً وسنةَ خيرٍ، ويسمَّى بدعةً حسنةً أو بدعةً مستحبَّةً.

8-ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم:" من أحدَثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ منهُ فهو رد"؟
قوله عليه الصلاة والسلام: "من أحدَثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ منهُ" إشعارٌ بأنَّ من أحدَثَ ما هوَ منهُ أي ما هو موافقٌ لهُ فليس مردودًا، كما أحدَثَ عمرُ رضي الله عنه في التلبيةِ شيئًا زائدًا على تلبيةِ رسولِ الله، وتلبيةُ رسولِ الله هي: "لبيكَ اللهمَّ لبَّيكَ، لبيكَ لا شريكَ لكَ لبّيكَ، إنَّ الحمدَ والنعمةَ لكَ والمُلكَ لا شريكَ لكَ". فزادَ عمرُ: "لبيكَ اللهم وسعدَيكَ، الخيرُ في يديكَ، والعملُ والرَّغباءُ إليكَ"، فلم يعِبْ عليهِ أحدٌ من الصحابةِ لأنه زادَ على تلبيةِ رسولِ الله شيئًا يوافِقُها، وكذلكَ مَن بَعدَ الصحابةِ زادوا أشياءَ موافقةً للشرعِ ككتابةِ صلى الله عليه وسلم عند ذِكرِ اسمِ الرسول عَقبَه فإن الرسولَ لم يكتب صلى الله عليه وسلم عقبَ اسم محمدٍ في كتابهِ إلى هِرَقل وفي كتابهِ إلى كِسرَى وغيرِ ذلك ثم جَرَى عَمَلُ المسلمينَ على كتابةِ صلى الله عليه وسلم عقبَ اسمِهِ حتى إن هؤلاء الذين ينكرونَ على الناسِ البِدَعَ الحسنةَ من عَمَلِ المولِدِ في شهرِ ربيعٍ والصلاةِ على النبي جهرةً عقبَ الأذانِ يعملونَ هذه البدعَةَ أي كتابة صلى الله عليه وسلم عقبَ اسمِ محمد في مؤلفاتِهم فما لهم يناقضونَ أنفسَهُم يقولونَ: ما لم يفعلهُ رسولُ الله أو يأمرْ به نصًّا بدعةٌ محرمةٌ، وهم مرتكبونَ ما يعيبونه على الناسِ من ذلكَ. هذا الذي ذُكِرَ هنا بعضُ الأمثلةِ عن البدعةِ الحسنةِ ويتبيَّنُ من هذا أنَّ من خَالَفَ هذا فهو شاذٌّ مكابرٌ لأنَّ مؤدَّى كلامِهِ أنَّ الصّحابَةَ الذين بشَّرَهم رسولُ الله بالجنّةِ كعمرَ بنِ الخطَّابِ وعثمانَ بن عفَّان كانوا على ضلالٍ.
9-ما الدليل من الحديث على أن البدعة منها ما هو حسن؟
وأمّا الدليلُ من الحديثِ على أن البدعةَ منها ما هو حَسَنٌ فهو قولُهُ عليه الصَّلاةُ والسّلامُ: "من سنَّ في الإسلامِ سنّةً حسنةً فلهُ أجرُهَا وأجرُ من عَمِلَ بها".
فإن قيلَ: هذا معناهُ من سنَّ في حياةِ رسولِ الله أمَّا بعدَ وفاتِهِ فلا، فالجوابُ أن يُقالَ: "لا تثبُتُ الخصوصيَّةُ إلا بدليلٍ" وهنا الدّليلُ يعطي خلافَ ما يدَّعونَ حيثُ إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سنَّ في الإسلامِ"، ولم يَقُل من سنَّ في حياتي ولا قالَ من عَمِلَ عملاً أنا عملتهُ فأحياهُ، ولم يكن الإسلامُ مقصورًا على الزّمنِ الذي كانَ فيه رسول الله، فَبَطَلَ زَعمُهُم. فإن قالوا: الحديثُ سببهُ أن أناسًا فقراءَ شديدي الفَقرِ يلبسونَ النّمارَ جاؤوا فتمعَّرَ وجهُ رسولِ الله لما رأى من بؤسهم فتصدَّقَ الناسُ حتى جمعوا لهم شيئًا كثيرًا فتهلَّلَ وجهُ رسولِ الله فقال: "من سنَّ في الإسلامِ سنةً حسنةً فلهُ أجرُهَا وأجرُ من عَمِلَ بها"، فالجوابُ أن يُقالَ: العبرةُ بعمومِ اللفظِ لا بخصوصِ السببِ كما ذَكَرَ الأصوليونَ.

10-ما الدليل على أن البدعة الحسنةلا تدخل في حديث: وكلُّ محدثَةٍ بدعةٌ وكلُّ بدعةٍ ضلالةٌ"؟
أمّا الحديثُ الذي فيه: "وكلُّ محدثَةٍ بدعةٌ وكلُّ بدعةٍ ضلالةٌ" فلا يدخُلُ فيه البدعةُ الحسنةُ، لأنَّ هذا الحديثَ من العامّ المخصوصِ، أي أن لفظَهُ عامٌّ ولكنَّهُ مخصوصٌ بالبدعَةِ المخالِفَةِ للشّريعةِ بدليلِ الحديثِ الذي رواهُ مسلمٌ: "من سَنَّ في الإسلامِ سنةً حسنةً فلهُ أجرُهَا" الحديث، وذلكَ لأنّ أحاديثَ رسولِ الله تتعاضَدُ ولا تتناقَضُ، وذلكَ لأنّ تخصيصَ العامّ بمعنًى مأخوذٍ من دليلٍ نقليّ أو دليلٍ عقليّ مقبولٌ عند جميعِ العلماءِ، فلو تركَ ذلكَ لضاعَ كثيرٌ من الأحكامِ الشّرعيةِ ولحَصَلَ تناقضٌ بين النُّصوصِ، فأهلُ العِلمِ هم الذين يعرفونَ أنَّ هذا العموم مخصوصٌ بدليلٍ ءاخر عقليّ أو نقليّ.
11-تكلم عن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم.
المحدَثَاتُ التي توافِقُ الشريعةَ كانت في الصّحابةِ والتابعينَ ومن بعدَهم ووافقَ عليها العلماءُ في مشارِقِ الأرضِ ومغارِبِهَا، ومن هذه المحدَثاتِ الاحتفالُ بمولِدِ النَّبي صلى الله عليه وسلم الذي أحدَثَهُ الملكُ المظفَّرُ في أوائلِ السّتّمائةِ للهجرةِ وكان عالمًا تقيًّا شجاعًا ووافَقَهُ على ذلكَ العلماءُ والصّوفيةُ الصّادقونَ في مشارِقِ الأرضِ ومغارِبها منهم الحافظُ أحمدُ بن حجرٍ العسقلانيُّ وتلميذُهُ الحافظُ السَّخاويُّ وكذلك الحافظُ السّيوطيُّ، وللحافظِ السّيوطيّ رسالة سمَّاهَا: "حُسنُ المَقصِدِ في عَمَلِ المَولِدِ".

12-ما الدليل على أن المصحف لَم يكُن مُنَقَّطًا عِنْدَما أَمْلَى الرَّسُولُ علَى كتَبَةِ الوَحْي؟
مِنَ المُحدَثَاتِ الموافقةِ للشّريعةِ أيضًا تنقيطُ التَّابعيّ الجليلِ يحيى بن يَعمر المُصحَفَ، فالصّحابةُ الذين كتبوا الوحيَ الذي أملاهُ عليهم الرَّسولُ كانوا يكتبونَ الباءَ والتاءَ ونحوهما بلا نقطٍ.
وكانَ مِن أهْلِ العِلْمِ والتَّقْوى، وأقَرَّ ذَلِكَ العُلَماءُ مِن مُحَدّثينَ وغَيْرِهم واسْتَحْسَنُوهُ ولَم يكُن مُنَقَّطًا عِنْدَما أَمْلَى الرَّسُولُ علَى كتَبَةِ الوَحْي، وكذَلِكَ عُثمانُ بنُ عَفّانَ لمّا كتَبَ المصَاحِفَ الخَمْسَةَ أو السّتَّة لم تَكُن مُنَقَّطَةً، ومُنْذُ ذَلك التَّنقِيطِ لم يَزَل المُسلِمونَ على ذَلكَ إلى اليَوم، فَهلْ يُقالُ في هَذا إنَّه بِدْعَةُ ضَلالةٍ لأَنَّ الرَّسُولَ لَم يَفْعَلهُ؟ فإنْ كانَ الأمْرُ كذَلِكَ فليَتْركُوا هذِهِ المصَاحِفَ المُنَقّطَةَ أو لِيَكْشِطُوا هَذَا التَّنقِيْطَ مِنَ المَصَاحِفِ حتَّى تعودَ مجرَّدَةً كما في أيّامِ عُثمانَ. قالَ أبو بكر بنُ أبي دَاودَ صَاحِب السُّنَنِ في كِتَابِه المَصَاحِف: "أَوّلُ مَن نَقَطَ المَصَاحِفَ يَحيى بنُ يَعْمَرَ".اهـ، وهوَ مِنْ عُلَماءِ التَّابِعينَ رَوَى عَن عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ وغَيرِه.

13-لِمَ قال عمر "نِعمَت البِدعَةُ هَذِهِ" ؟
عمرُ بن الخطَّابِ رضي الله عنه جَمَعَ النّاسَ على صلاةِ التَّراويحِ في رمضانَ وكانوا في أيّامِ رسولِ الله يصلُّونها فُرَادَى وقالَ عُمَرُ عن ذلكَ: "نِعمَت البِدعَةُ هَذِهِ"، وقد روى ذلكَ عن عمرَ البخاريُّ في صحيحِهِ.
14-ما الدليل على أن عثمان بن عفان أحدث أذانًا ثانيًا يوم الجمعة ؟
عثمانُ بن عفّان أحدثَ أذانًا ثانيًا يومَ الجمعةِ ولم يكن هذا الأذانُ الثَّاني في أيّامِ رسولِ الله، وما زالَ النّاسُ على هذا الأذان الثَّاني يوم الجمعةِ في مشارِقِ الأرضِ ومغارِبِهَا، وقد روَى ذلكَ عن عثمانَ البخاريُّ في صحيحِه أيضًا.

15-ما الدليل على أن الصّحابيَّ الجليلَ خبيب بن عديّ أحدَثَ صلاةَ ركعتينِ عند القتلِ ؟
وكذلكَ أحدَثَ الصّحابيُّ الجليلُ خبيبُ بن عديّ صلاةَ ركعتينِ عند القتلِ، فقد رَوَى البخاريُّ في صحيحِهِ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنه قالَ: "فكانَ خبيبٌ أوَّلَ من سنَّ الرَّكعتينِ عندَ القَتلِ".

16-ماذا قال النووي عن البدعة ؟
قالَ النّوويُّ في كتابِ تهذيبِ الأسماءِ واللُّغاتِ ما نصُّهُ: "قال الإمامُ الشَّيخُ المجمَعُ على إمامتِهِ وجلالته وتمكُّنِهِ في أنواعِ العلومِ وبراعتِهِ أبو محمَّدٍ عبدُ العزيزِ بن عبد السَّلام رحمَه الله ورضيَ عنه في ءاخرِ كتابِ القواعِدِ: البدعةُ منقسمَةٌ إلى: واجبةٍ ومحرَّمةٍ ومندوبةٍ ومكروهةٍ ومباحةٍ. قالَ: والطَّريقُ في ذلكَ أن تُعرَضَ البدعَةُ على قواعِدِ الشَّريعةِ فإن دَخَلَت في قواعدِ الإيجابِ فهي واجبةٌ، أو في قواعدِ التَّحريمِ فمحرَّمةٌ، أو النَّدبِ فمندوبةٌ، أو المكروهِ فمكروهَةٌ، أو المباحِ فمباحةٌ" انتهى كلامُ النووي.

17-ماذا قال ابن عابدين عن البدعة ؟
قالَ ابن عابدين في رَدّ المحتارِ على الدُّرّ المُختَارِ ما نصُّهُ: "فقد تكونُ البدعَةُ واجبةً كنصبِ الأدلَّةِ للرَّدّ على أهلِ الفِرَقِ الضالَّةِ، وتعلُّمِ النَّحو المُفهِمِ للكتابِ والسُّنَّةِ، ومندوبةً كإحداثِ نحو رباطٍ ومدرسةٍ، وكلّ إحسانٍ لم يكن في الصَّدرِ الأوَّلِ، ومكروهةً كزخرفَةِ المساجِدِ، ومباحةً كالتَّوسُّعِ بلذيذِ المآكلِ والمشاربِ والثّيابِ" ا.هـ
18-ما الدليل على أن الوهابية متحكمينَ بآرائِهِم فما استحسنته نفوسُهُم أقرّوه وما لم تَستَحسِنهُ نفوسُهم أنكروهُ ؟
من جملةِ البِدَعِ المباحَةِ الأكلُ بالملاعِقِ فإنه في أيامِ الصحابَةِ ما كانوا يأكلونَ بها وكانوا يأكلونَ على الأرضِ ما كانوا يأكلونَ قاعدينَ على الكراسي ،وكتابة صلى الله عليه وسلم بعدَ كتابةِ اسمِ النبي لم تكن في أيامِ النبي فإنَّ الرسولَ لما كَتَبَ كتابًا إلى هِرقل كتبَ فيه "من محمدٍ عبدِ الله ورسولِهِ إلى هِرقل عظيمِ الرومِ"، من دونِ كتابةِ صلى الله عليه وسلم عقبَ اسم النبي كما أوردَهُ البخاريُّ في أولِ صحيحِهِ، فما للوهابيةِ لا يُنكرونَ هذا بل يفعلونَهُ كما يفعلهُ غيرُهم وينكرونَ أشياءَ كالمولِدِ والطريقةِ بدعوَى أن الرسولَ لم يفعلهُ، فظهرَ أنهم متحكمونَ بآرائِهِم فما استحسنته نفوسُهُم أقرّوه وما لم تَستَحسِنهُ نفوسُهم أنكروهُ ليسَ عندَهُم ميزانٌ شرعيٌّ.

19-ماذا قال العلماء عن بدعة المعتزلة والخوارج ؟
قد تكونُ البدعةُ نوعًا من أنواعِ الكُفرِ كبدعَةِ المعتزلةِ القائلينَ بأنّ العبدَ يَخلُقُ أفعالَهُ، والخوارجِ القائلينَ بكفرِ من سِوَاهُم، وغيرِهم مِن نحو هذه الفِرَقِ الضَّالَّة.

20-تكلم عن الطرق التي أحدثها بعض أهل الله .
من البِدَعِ الحَسَنَةِ الطُّرق التي أحدَثَها بعض الصّالحينَ ومنها الطرقُ التي أحدَثها بعضُ أهلِ الله كالرّفاعيَّةِ والقادريَّةِ وهي نحو أربعينَ، فهذه الطرقُ أصلُهَا بِدَعٌ حسنةٌ، ولكن شذَّ بعضُ المنتسبينَ إليها وهذا لا يَقدَحُ في أصلِهَا.

21-ما الدليل على جواز الصلاة على النبي؟
نقولُ بعونِ الله: ثَبَتَ حديثانِ أحدُهما حديثُ مسلمٍ: "إذا سَمِعتُم المؤذّنَ فقولوا مثلما يقولُ ثم صلّوا عليَّ"، وحديثُ: "من ذَكَرَني فليصلّ عليَّ" أخرجهُ الحافظُ أبو يعلى والحافظُ السَّخاويُّ في كتابهِ القول البَديع في الصلاةِ على النبي الشفيعِ، وقال: لا بأسَ بإسنادِهِ، فيؤخَذُ من ذلك أن المؤذّنَ والمُستَمِعَ كليهما مطلوبٌ منه الصلاةُ على النبي، وهذا يحصُلُ بالسّرّ والجَهرِ، فماذا تقولُ الوهابيةُ بعدَ هذا؟!.
فَمِن أينَ لهؤلاءِ المُتَنَطّعينَ المُشَوّشِينَ أن يقولوا عن عَمَلِ المولدِ بدعَةٌ محرّمةٌ وعَن الصَّلاةِ على النَّبي جَهْرًا عقِبَ الأذانِ إنَّهُ بدعةٌ محرّمةٌ بدَعْوَى أن الرسولَ ما فعلَهُ والصَّحابةَ لم يفعَلُوهُ.فإنهم قد حَرَّفوا الشريعةَ فكانَ من بِدَعِهم التي سَنَّها لهم محمدُ بن عبدِ الوهاب تحريمُ الصلاةِ على النَّبي جهرًا من المؤذّنِ عَقِبَ الأذانِ، وهم يبالغونَ في ذلكَ حتى قالَ أحدُهُم في الشامِ في جامِعِ الدَّقَّاقِ حين سَمِعَ المؤذنَ يقولُ الصلاةُ والسلامُ عليكَ يا رسولَ الله: هذا حرامٌ هذا كالذي ينكحُ أمَّهُ، بل أَمَرَ زعيمُهم محمدُ بن عبد الوهاب بِقَتلِ المؤذنِ الأعمَى الذي صَلَّى على النبي عَقِبَ الأذانِ جهرًا.

22-ماذا قال العلماء في تحريف اسمِ الله إلى ءاهٍ ونحوِه كما يَفعَلُ ذلكَ كثيرٌ من المنتسبينَ إلى الطُّرُقِ ؟
مِن البِدَعِ المحرَّمَةِ تحريفُ اسمٍ من أسماءِ الله كالذين يحرّفونَ اسمَ الله إلى ءاهٍ فإن ءاه ليسَ من أسماءِ الله بالاتّفَاقِ بل هو لفظٌ من ألفاظِ الأنين، والأنينُ ليسَ من أسماءِ الله، وما يرويهِ بعضُهم حديثًا وفيهِ أن الرسولَ قالَ عن مريضٍ يئنُّ "دعوهُ يئنُّ فإنَّ الأنينَ اسمٌ من أسماءِ الله" فهو مكذوبٌ على الرسولِ ولا يصحُّ نسبتُهُ إليهِ، قال تعالى:{وَللهِ الأَسمآءُ الحُسنَى فَادعُوهُ بِهَا} [سورة الأعراف].

23-أذكر قول الشافعي في أن البدعة منها ما هو حسن ومنها ما هو سيىء.
قَالَ الإمامُ الشَّافِعيُّ رضيَ الله عنهُ: "المُحدَثاتُ مِنَ الأمُورِ ضَربانِ، أحَدُهُما مَا أُحدِثَ ممّا يُخَالِفُ كِتابًا (أي القرءان) أَو سُنَّةً (أي الحديث) أو إجْماعًا (أي إجماع مجتهدي أمّةِ محمَّدٍ) أَو أثَرًا (أي أثر الصَّحابةِ، أي ما ثَبَتَ عن الصّحابةِ ولم يُنكر عندَهُم) فَهذِه البِدْعَةُ الضّلالَةُ، والثّانِيةُ مَا أُحْدِثَ مِنَ الخَيرِ ولا يُخَالِفُ كِتَابًا أو سُنَّةً أو إجْماعًا، وهَذه مُحْدَثَةٌ غَيرُ مَذْمُومَةٍ"، رَواهُ البَيْهقيُّ بالإسْنادِ الصّحيح في كتابِه "مَنَاقِبُ الشَّافِعيّ". وكلامُ الشَّافعي هذا يؤيّدُ ما ذكرنَاهُ من تقسيمِ البدعَةِ إلى قسمينِ.

24-ما هو الإجماع ؟
الإجماعُ معناهُ اتّفاقُ مجتهدي أمّةِ محمد على أمرٍ مِن أمورِ الدّينِ، فغيرُ المجتهدينَ هُنَا لا عبرةَ بِهِم فإن الإجماعَ يَثبُتُ بالمجتهدينَ، فالمجتهدونَ في عصرِ التّابعينَ إذا اتفقوا على شىءٍ فهو إجماعٌ حجةٌ كذلكَ في العصرِ الذي يليهِ إن اتَّفقَ مجتهدو ذلكَ العصرِ على شىءٍ هذا يُعَدُّ إجماعًا، كذلكَ الذين بعدَهُم.


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يونيو 30, 2004 6:08 pm 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 25, 2004 12:52 pm
مشاركات: 170
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ المحترم مريد الحق والدكتور الضيف الجديد : مرحبا بك
موضوع قين وطيب جدا
ليت الكاتب يزينا من الأمثلة المباحة والجائزة والمنكرة على التمية الوهابية وكيفية الرد عليهم
وجزاكما الله كل خير
وفى انتظار المزيد من الدكتور ومريد الحق


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يوليو 10, 2004 5:54 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346

معنى البدعة في القرآن الكريم

جاء ذكر مادة ( بدع ) في القرآن الكريم في أربعة مواضع :

الموضع الأول والثاني :
قال الله تعالى ( بديع السموات والأرض ) [البقرة:117]، [الأنعام:59].

الموضع الثالث :
قوله تعالى ( قل ما كنت بدعاً من الرسل ) [الأحقاف:9]

الموضع الرابع :
قوله تعالى ( وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها )[الحديد:27].

أما عن معنى البديع فى الموضعين الأول والثاني فقال ابن منظورفى اللسان :
البديع من أسماء الله تعالى لإبداعه الأشياء وإحداثه إياها، وهو البديع الأول قبل كل شيء، وهو الذي بدع الخلق، أي بدأه كما قال سبحانه: بديع السماوات والأرض أي خالقها ومبدعها. انتهى .

وأما عن معنى البدعة فى الموضع الثالث فقال الخليل :
البدع الشيء الذي يكون أولاً في كل أمر كما قال تعالى ( قل ما كنت بدعاً من الرسل ) أي لست بأول مرسل .
فمعنى البدعة في المواضع الثلاثة واحد، وهي البدعة اللغوية .

وأما الموضع الرابع ؛ فإن البدعة المذكورة فيه إنما هي البدعة الشرعية التي تعنينا هنا. فإن الله سبحانه وتعالى ذكر عن بني إسرائيل أنهم ابتدعوا في أمر دينهم مالم يكتبه عليهم ، وهذا هو الابتداع الشرعي الذي هو مجال بحثنا ونقاشنا. فلنقف على هذه الآية ولننظر فيها بشيء من التأمل و التفكر، لنرى مدلولها في تحسين فعلهم أوتقبيحه، وبعبارة أخرى لنرى إن كان الله سبحانه وتعالى قد رضي منهم هذه البدعة وأثابهم عليها، أم ردها عليهم وذمهم بها.

فنقول وبالله التوفيق: لقد ذهب أكثر المفسرين إلى أن الله سبحانه وتعالى قد رضي منهم هذه البدعة، وأمرهم بالدوام عليها وعدم تركها، وجعلها في حقهم كالنذر الذي من ألزم نفسه به فعليه القيام به، وعدم تركه والتهاون فيه.
فمن نذر نذراً ولم يوف به فإنه لا يلام على أن نذر هذا النذر، وإنما يلام على عدم الوفاء به .
وكذلك هؤلاء الذين ابتدعوا بدعة الرهبانية لم يذمهم الله سبحانه على ابتداعها.

قال الفخر الرازي (29/245):
لم يعنِ الله بابتدعوها طريقة الذم، بل المراد أنهم أحدثوها من عند أنفسهم ونذروها، ولذلك قال تعالى بعده ( ما كتبناها عليهم ) .

وقال العلامة الآلوسي (294/15):
ويعلم منه أيضا سبب ابتداع الرهبانية وليس في الآية مايدل على ذم البدعة مطلقا والذي تدل عليه ظاهرا ذم عدم رعاية ما التزموه .انتهى

فغاية ما تفيده الآية في ذلك النص على أن الرهبانية إنما هي محض بدعة من عند أنفسهم لم يكتبها الله عليهم، دون تلميح من قريب أو بعيد إلى أن الله سبحانه وتعالى قد ذمهم على هذا الابتداع، بل على العكس من ذلك قد يلمح من سياق الآية مايدل على امتداحهم على هذه البدعة، وذلك من وجهين :

الوجه الأول: من قوله تعالى ( إلا ابتغاء رضوان الله ) حيث نص على صحة قصدهم
من هذه البدعة وإخلاصهم فيها.
قال الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير (423/27):
وإنما عطفت هذه الجملة على جملة ( وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه ) لاشتراك مضمون الجملتين في أنه من الفضائل المراد بها رضوان الله ، والمعنى: وابتدعوا لأنفسهم رهبانية ما شرعناها لهم، ولكنهم ابتغوا بها رضوان الله، فقبلها الله منهم؛ لأن سياق حكاية ذلك عنهم يقتضي الثناء عليهم .انتهى

والوجه الثاني: من قوله تعالى ( فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم ) فهذا نص من الله سبحانه وتعالى على أنه قد أثاب الذين رعوها حق رعايتها وأثابهم أجرهم، وهذا دليل قبول منهم ورضاً بفعلهم .

قال ابن جرير الطبري رحمه الله تعالىفى تفسيره (241/27)
وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال :
إن الذين وصفهم الله بأنهم لم يرعوا الرهبانية حق رعايتها، بعض الطوائف التي ابتدعتها، وذلك أن الله جل ثناؤه أخبر أنه آتى الذين آمنوا منهم أجرهم . قال: فدل بذلك على أن منهم من قد رعاها حق رعايتها، فلو لم يكن منهم من كان كذلك لم يكن مستحق الأجر الذي قال جل ثناؤه في ( فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم ) إلا أن الذين لم يرعوها حق رعايتها ممكن أن يكونوا كانوا على عهد الذين ابتدعوها، وممكن أن يكونوا كانوا بعدهم، لأن الذين هم من أبنائهم إذا لم يكونوا رعوها، فجائز في كلام العرب أن يقال: لم يرعها القوم على العموم ، وا لمراد منهم البعض الحاضر، وقد مضى نظير ذلك في مواضع كثيرة من هذا الكتاب.
وقوله ( فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم )
يقول تعالى ذكره: فأعطينا الذين آمنوا بالله ورسله من هؤلاء الذين ابتدعوا الرهبانية ثوابهم على ابتغائهم رضوان الله، وإيمانهم به وبرسوله في الآخرة، وكثير منهم أهل معاصٍ وخروج عن طاعته ، والإيمان به . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل انتهى.

فبهذا يعلم أن الله سبحانه وتعالى لم يذمهم على الابتداع ولم يرد بدعتهم عليهم ، بل قد رضيها منهم ومدحهم عليها.
وإنما ذمهم الله سبحانه وتعالى على عدم رعاية ما ابتدعوا وعدم القيام بحقه .

قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى (264/17):
وهذه الآية دالة على أن كل محدثة بدعة، فينبغي لمن ابتدع خيراً أن يدوم عليه ولا يعدل عنه إلى ضده فيدخل في الآية . وعن أبي أمامة الباهلي قال : أحدثتم قيام رمضان ولم يكتب عليكم ، إنما كتب عليكم الصيام ، فدوموا على القيام إذ فعلتموه ولا تتركوه، فإن ناساً من بني إسرائيل ابتدعوا بدعاً لم يكتبها الله عليهم، ابتغوا بها رضوان الله فما رعوها حق رعايتها، فعابهم الله بتركها فقال ( ورهبانية ابتدعوهاماكتبناهاعليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها ) .

وقال السيد عبد الله بن صديق الغماري في كتابه ( إتقان الصنعة ):
فقوله تعالى ( ورهبانية ابتدعوها ماكتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها ) قد استنبط العلماء من هذه الآية مجموعة من الأحكام منها :

1- إحداث النصارى لبدعة الرهبانية من عند أنفسهم.

2- عدم اعتراض القرآن على هذا الإحداث، فليس في الآية - كما قال الرازي والألوسي - ما يدل على ذم البدعة .

3- لوم القرآن لهم بسبب عدم محافظتهم على هذه البدعة الحسنة: فما رعوها حق رعايتها واللوم غير متجه للجميع، على تقدير أن فيهم من رعاها كما قال ابن زيد ، وغير متوجه لمحدثي البدعة كما قال الضحاك ، بل متوجه إلى خلفهم كما قال عطاء .

ومن خلال هذا التحقيق يتبين لنا خطأ ما ذهب إليه الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيرقوله تعالى ( إلا ابتغاء رضوان الله ) حيث قال : أي: فما قاموا بما التزموه حق القيام، وهذا ذم لهم من وجهين :
أحدهما: الابتداع في دين الله ما لم يأمر به الله.
والثاني: في عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة يقربهم إلى الله عز وجل. اهـ.

فإنه بذلك قد خالف جمهور المفسرين كما تبين لنا، وقد حمَّل النص القرآني ما لا يحتمل، بل إن من أوضح ما يدل على صحة ما ذهبنا إليه، وعلى بطلان قوله، ما ذكره من الأحاديث المفسِّرة للآية بعد قوله السابق , وقواه ابن كثير نفسه , وهو ماأخرجه ابن أبى حاتم عبد الله بن مسعود قال قال قال لي رسول الله صلى الله عليه سلم يا ابن مسعود قلت لبيك يا رسول الله قال هل علمت بني إسرائيل افترقوا على ثنتين وسبعين فرقة، لم ينج منها إلا ثلاث فرق قامت بين الملوك والجبابرة بعد عيسى ابن مريم عليه السلام، فدعت إلى دين الله ودين عيسى ابن مريم، فقاتلت الجبابرة، فقتلت فصبرت ونجت، ثم قامت طائفة أخرى لم تكن لها قوة بالقتال، فقامت بين الملوك والجبابرة، فدعوا إلى دين الله ودين عيسى ابن مريم، فقتلت وقطعت بالمناشير، وحرقت بالنيران، فصبرت ونجت، ثم قامت طائفة أخرى لم يكن لها قوة بالقتال، ولم تكن تطيق القيام بالقسط، فلحقت بالجبال فتعبدت وترهبت، وهم الذين ذكر الله تعالى( ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم ) .
فهذا نص من رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الفرقة التي ابتدعت الرهبانية ورعتها حق رعايتها هي إحدى الفرق الثلاث الناجية من بني إسرائيل، وإنما نجوا ببدعتهم التي ابتدعوها ورعوها حق رعايتها.

ومثله في الدلالة على ما أردنا من بطلان قول ابن كثير وصحة قول الجمهور، مارواه النسائي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
كانت ملوك بعد عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام بدّلوا التوراة والإنجيل، وكان فيهم مؤمنون يقرؤون التوراة قيل لملوكهم :ما نجد شتماً أشدّ من شتم يشتمونا هؤلاء، إنهم يقرؤون: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون وهؤلاء الآيات مع ما يعيبونا به في أعمالنا في قراءتهم. فادعهم فليقرؤوا كما نقرأ، وليؤمنوا كما آمنا، فدعاهم فجمعهم وعرض عليهم القتل، أو يتركوا قراءة التوراة والإنجيل إلا ما بدلوا منها. فقالوا: ما تريدون إلى ذلك دعونا، فقالت طائفة منهم: ابنوا لنا أسطوانة ثم ارفعونا إليها ثم أعطونا شيئاً نرفع به طعامنا وشرابنا فلا نرد عليكم. وقالت طائفة منهم: دعونا نسيح في الأرض ونهيم ونشرب كما يشرب الوحش، فإن قدرتم علينا في أرضكم فاقتلونا. وقالت طائفة منهم: ابنوا لنا دوراً في الفيافي ونحتفر الآبار ونحترث البُقول فلا نرد عليكم ولا نمر بكم. وليس أحد من القبائل إلا وله حميم فيهم. قال: ففعلوا ذلك فأنزل الله عزَّ وجلَّ( ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها ) والآخرون قالوا: نتعبَّدُ كما تَعَبَّدَ فُلاَنٌ، وَنَسيحُ كما ساح فُلاَنٌ، وَنَتَّخذُ دُوراً كما اتَّخذ فلان، وهم على شركهم لا علم لهم بإيمان الذين اقتدوا به ، فلما بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبق منهم إلا قليل، انحط رجلٌ من صومعته ، وجاء سائح من سياحته ، وصاحب الدير من ديره ، فآمنوا به وصدَّقُوه ، فقال الله تبارك وتعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ) أجرين بإيمانهم بعيسى وبالتوراة والإنجيل، وبإيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وتصديقهم قال ( يجعل لكم نوراً تمشون به ) القرآن ، واتبِّاعَهُم النبي صلى الله عليه وسلم ، قال ( لئلا يعلم أهل الكتاب ) يتشبهون بكم ، أن لا يقدرون على شيء من فضل الله الآية . انتهى.

ومن هنا يتبين لنا قطعاً بطلان قول ابن كثير رحمه الله ومن سلك مسلكه ، ونعلم أن الله سبحانه وتعالى لم يذمهم على ابتداع الرهبانية ، وإنما امتدحهم بها ورضيها منهم ؛ فتكون هذه الآية نصاً قرآنياً عظيماً في إثبات البدعة الحسنة. والله تعالى أعلم .

اعتراضات الشاطبي :
اعترض الإمام الشاطبي ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه الاعتصام على الاستدلال بهذه الآية علىعدم جواز إحداث البدعة فقال :
أ) الاعتراض الأول:
أن الآية لا يتعلق منها حكم بهذه الأمة ، لأن الرهبانية نسخت في الشريعة الإسلامية فلا رهبانية في الإسلام .

والجواب ـ كما نقل هو عن ابن العربي ـ أن معنى الرهبانية في الآية يدل على ثلاثة معان :
ـ رفض النساء.
ـ اتخاذ الصوامع للعزلة.
ـ سياحتهم في الأرض.
والمنسوخ في ديننا هو المعنى الأول ، أما الثاني والثالث فمستحب عند فساد الزمان .
لما جــاء عن أبـي ســعـيــد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شغف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن )
وهذا الحديث يفيد الإقرار بالعمل بهذه الآية في المعنيين الأخيرين، ويكون منزلته هنا من القرآن البيان والتوضيح ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )
[النحل:44].
وانعقد الإجماع على أننا مكلفون بما علمنا من شريعتنا أنه كان شرعاً لمن قبلنا، وأمرنا في شريعتنا بمثله .

ب) الاعتراض الثاني :
أن البدعة في الآية ليست بدعة حقيقية وإنما هي بدعة إضافية ، لأن ظاهر القرآن دل على أنها لم تكن مذمومة في حقهم بإطلاق ، بل لأنهم أخلوا بشرطها ، وهو الإيمان بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

والجواب: أنه ليس في الآية ـ كما تقدم ـ ما يدل على ذم البدعة ، أو ذم المبتدعين لها ، بل الذم متوجه لجمهور الخلف الذين لم يرعوها حق رعايتها، أو متوجه للملوك الذين حاربوهم وأجلوهم ، كما قــال ابن عــبــاس ـ رضي الله عنهما ـ وغيره .

و أن الإيمان لم يأت كشرط لإحداث البدعة ، لأنها حدثت قبل بعثة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فليست شرطاً لمن عمل بها قبل البعثة .

و أن الإيمان والاتباع جاء شرطاً في الحصول على أجر البدعة لمن حضر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يبق منهم إلا القليل ؛ انحط صاحب الصومعة من صومعته ، وجاء السائح من سياحته ، وصاحب الدير من ديره ، فآمنوا به وصدقوه فقال الله تعالى لمن آمن ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ) .

جـ) الاعتراض الثالث :
أنه لو كانت البدعة في هذه الآية حقيقية لخالفوا بها شرعهم الذي كانوا عليه ، لأن هذه حقيقة البدعة ، أي هي الفعل المخالف للشرع .

والجواب: أن كلامه هذا مبني على تعريفه للبدعة الذي لم يسلمه له العلماء ، فهو دليل غير مسلم .

ولتمام الفائدة ينظر تفسير هذه الآيات فى المراجع الآتية :

- تفسير القرطبي - الدر المنثور - تفسير أبى السعود - تفسيرالواحدى
- تفسير البغوى - فتح القدير - زاد المسير لابن الجوزى
- تفسير النسفى- روح المعانى- تفسير الطبرى- تفسير البيضاوى
- تفسير الثعالبى- أحكام القرآن للجصاص

ونتابع الكلام على معنى البدعة فى السنة المطهرة إن شاء الله تعالى
وصل اللهم وسلم وعظم وشرف وكرم مولانا رسول الله وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: البدعه وتعريفها ...
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء نوفمبر 21, 2006 3:51 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة أكتوبر 27, 2006 12:30 am
مشاركات: 14
مكان: القاهره
[font=Arial][align=center]بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على يدنا محمد واله وسلم فى كل لمحه ونفس عدد ما وسعه علم الله .....وبعد
لقد كثر الكلام عن تعريف البدعه ...دون ضوابط معلومه ....وإستند كل ذى رأى على الحديث الشريف (من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)....وأقول تعريف بسيط جدا للبدعه
البدعه هى إ‘طلاق ما قيده الله ورسوله ...أو تقييد ما أطلقه الله ورسوله
بمعنى إطلاق المقيد من الشرع ..أو تقييد المطلق من الشرع
فمثلا : الصلاه :يلزم لها 1) الطهاره _الوضوء
2)الوقت
3)النيه .وتكبيره الاحرام
4) الهيئه من قيام وسجود وركوع
5)إتجاه القبله ...تحرى القبله وهكذا ...
وهذا كله مقيد بنصوص وأحاديث ...فإذا أطلقت المقيد هنا الابتداع ...مثلا ...الصبح ركعتان ...فإذا قلت أن فى الصباح نحن نقوم نشطاء ..تعالوا بنا نجعل الصبح خمس ركعات ...هذا هو الابتداع ...وأيضا بدلا من أن نصلى فى إتجاه الكعبه نصلى فى اتجاه الشرق مثلا ..هذا كله إطلاق المقيد فهو إبتداع وقس على ذلك جميع الفروض من صيام وحج ..وزكاه ...فمثلا الحج مقيد بالتاسع من ذى الحجه ...فإذا قال شخص تعالوا بنا نجعله أى يوم بدلا من التاسع ...وبدلا من جبل عرفات ..نطلع جبل آخر ...هذا إطلاق المقيد ..فهذا إبتداع ...
وتقييد المطلق ...فمثلا لك أن تفرح بمولد حضره النبى صلى الله عليه وسلم ...ولم يحدد لك الشرع كيف تفرح (وهذا خلاف ما يقوله المنكرين أصحاب التفكير القاعدى ..أصحاب سوءالنيه_ يقولون إفرح كما كان النبى يفرح فيصوم ...طيب الصغير لن يصوم ....والنفساء لن تصوم ...وهكذا فهؤلاء لا يفرحون ...إضحك على فكرهم المعوج....والذى يصوم سوف يصوم ألى المغرب وبعد المغرب يحزن ...يقلبها نكد نكد نكد )
هنا قيدت المطلق فهذا إبتداع ....
إذن البدعه هى :إطلاق المقيد ...وتقييد المطلق فى العبادات
لكن عملنا مولد لحضره النبى صلى الله عليه وسلم ...أكلنا حلاوه المولد ...عملنا عيد ميلاد لطفل كل هذا لا يدخل فى البدعه
نعود للحديث (من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )
والحديث مفتاحه لفهمه سأقوله بطريقه أخرى (من أحدث فى أمرنا هذا ماليس فيه فهو رد )
لقد وضعت كلمه فيه بدلا منه ...
وسأضرب مثال لتوضيح المعنى ( الحبوب بها حصى ..مثل الارز ) فربه البيت تمسك بالحصى وترميه وتقول هذا الحصى ليس منه ...ليس من الارز ..
بمعنى الارز فيه حصى ولكنه ليس منه ...
[/align][/font]


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: 65 ـ بحث فى البدعة .. معناها وأقسامهاوأحكامها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مايو 14, 2013 10:48 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد نوفمبر 13, 2011 2:07 am
مشاركات: 16
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد سيد الخلق أجمعين وآله وأصحابه الهداة الميامين ومن تبعهم بإحسن إلى يوم الدين.
وبعد، فيا مريد الحق لا فض فوك ولا شلت يداك، جزاك الله خيرا. فلقد أبنت وأجدت. والله كنت أبحث عن كتاب جامع مانع في معنى البدعة وأقسامها، فما إن زرت هذا المنتدى مجددا حتى رأيت هذا العنوان وما تصفحته حتى كحلت عيني وشنفت آذاني وأثلجت صدري، فجزاكم الله عن الإسلام خير الجزاك، فبحثكم هذا عن البدعة أغناني عن البحث لأنه جامع لم يغادر صغيرة ولا كبيرة، فقد كنت في محاولة الرد على أحد أركان الوهابية وهو الشيخ الفوزاني فيما قرأته منه، وقد كنت بدأته بقولي:
قال العبد الضعيف: تستميت هذه الطائفة بأغلى ثمن عندها أن ليس في الإسلام ما يسمى بالبدعة الحسنة، فكل بدعة ضلالة ودليلهم على ذلك، قوله تبارك وتعالى في سورة المائدة: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا. صدق الله العظيم. وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. وقوله: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. صدق رسول الله. قال الشيخ الفوزاني تعريفا البدعة شرعا في كتابه شرح حائية ابن أبي داوود ص/53. : وهي قصيدته المباركة التي افتتحها بقوله رحمه الله :

تَمسَّـكْ بحَـبْلِ اللهِ واتَّبِع الهُـدَى ولا تَـكُ بِدْعِيَّـاً لَعلَّـكَ تُفْلِــحُ




قال الشيخ الفوزاني شارحا هذا البيت: أما البدعة في الشرع : فهي ما أحدث في الدين مما ليس منه، وليس له دليل من كتاب الله، أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

قال العبد الضعيف: عندي تعليق على هذا التعريف الجيد الجميل، وهو قوله : البدعة في الشرع : ما أحدث في الدين، نقول نعم على العين والرأس ، وقوله : مما ليس منه، فنعم وعشر مرات نعم هو كذالك يا صالح، مما ليس منه أي من الشريعة، وإلا فتكون بدعة ضلالة لأنه لا أصل لها من الدين أي: كما قال الرسول كل بدعة ضلالة، وهذا الشرح واضح جلي من الشيخ الفوزان. وعند فقرته الأخيرة تزيد الأمر وضوحا وهي قوله: وليس له دليل من كتاب الله، أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. يعني إذا أحدث شيء في الدين مما له دليل فهو حسن، وإن كان لا دليل له فبذلك تصير من التي حذرنا منها سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، وأما إذا كان له أصل أو دليل من كتاب الله، أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم, فبذلك تكون بدعة حسنة كما يتبادر إلى الأذهان، وهذا التعريف من الشيخ الفوزاني في غاية الحسن والإيجاز. وذلك في كتابه شرح حائية ابن أبي داوود ص/53. فليراجع هناك.
إلا أن الشيخ الفوزاني لا يريد بما ذهبت إليه من تعليقي هذا على كلامه هذا الجيد الجميل، لأنه لا يخدم ما ذهب إليه هو، ويشهد لي ما قاله بعد تعريفه للبدعة شرعا كما أنه قدم تعريف البدعة لغة من كتابه. فاقرأوا أيها القراء ما قاله بعد هذا من الصفحة التالية وهو ما نصه :
والبدع ليس فيها خير، فهي تبعد عن الله، وتغضب الله - عز وجل – أما السنن فإنها خير كلها، يرضاها الله ويحبها، ويثيب عليها.
كما أن الله تعالى يبغض البدع ويبغض أهلها، ويعاقب عليها.
فلا مجال للزيادات والإضافات والإستحسانات، واتباع الـناس عـلى ما هــم عـلـيه، حتى نعرف دليلهم، فإن كانوا على حق اتبعناهم، قال تعالى:( واتبعت ملة ءآبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب) [يوسف: 38]، هذا الاتباع على الحق، أما إذا كانو على غير حق فإننا لا نتبعهم، ولو كانوا من أفضل الناس. اهـ

إخوة الايمان:
أولا - إسمحوا لي قليلا أعلق على هذا الكلام الذي ليس جامعا كما في الأول. فقوله : والبدع ليس فيها خير، ماذا نفهم من هنا إذا قارناه بتعريفه البدعة شرعا عند ما قال : البدعة ما أحدث في الدين مما ليس منه، أليس هذا منبهما بعض الشيء أو تناقضا لنفسه؟ أم أن التناقض في الدين مسموح به؟ ألم يقل في تعريفه الأول (أما البدعة في الشرع : فهي ما أحدث في الدين مما ليس منه، وليس له دليل من كتاب الله، أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.) أليس هذا واضحا وجامعا مانعا منه رحمه الله؟ إن كان فلماذا يقول لنا: (والبدع ليس فيها خير) أيريد في هذا بدعة ضلالة؟ إذا كان، فلماذا يردفه بقوله : ليس فيها خير؟ علما بأن الضلالة لا ينتظر أن يكون فيه خير،
فالبدعة التي حذرنا منها الرسول، هي البدعة الضلالة كما فهمنا من سياق تعريفه للبدعة شرعا، كما قدمنا.

ثانيا – قوله : فهي تبعد عن الله، وتغضب الله - عز وجل – هذا معروف عند أهل السنة والجماعة إن كان الشيخ يريد بهذا كما في تعريفه الأول، ويهمني منه قوله: ما أحدث في الدين مما ليس منه، هذا مهم جدا لأن، العقلاء من أهل السنة والجماعة لا يفهمون منه إلا أن البدعة إذا كان لها أصل في الشريعة فليس بضلالة.

ثالثا – قوله:( فلا مجال للزيادات والإضافات) قال العبد الضعيف: هذه كلمة حق لأن الزيادات والإضافات في الدين أمر مذموم باتفاق العلماء، ولأن الوحي انقطع بعد انتقال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (والإستحسانات) فهي إذا كانت لها أصل مستحسن فهي حسنة وليس من البدع التي حُذرنا منها، وإلا فهو في حيز الذم كما في تعريف الشيخ للبدعة شرعا.

وقوله: (واتباع الناس في ما هم عليه، حتى نعرف دليلهم)، أي دليل تريد أن تعرفه أيها الشيخ؟ ألم تقل لنا أن البدع ليس فيها خير؟ لماذا تذكر الدليل وتريد أن تعرفه؟
وقوله: (فإن كانوا على حق اتبعناهم) عم يتحدث هذا الشيخ؟ هل يتحدث عن البدعة أو السنة؟ فهو تارة يقول: البدعة ليس فيها خير، وتارة يقول: البدعة ما أحدث في الدين مما ليس منه، وليس له دليل من كتاب الله، أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وطورا يقول حتى نعرف دليلهم، وحينا يقول : فإن كانوا على حق اتبعناهم. ماذا يريد أن يحدد بالذات؟ فليبين لنا أحدهم ما هي لو سمحتم.
ثم ذكر قوله تعالى: ( واتبعت ملة ءآبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب). لا إله إلا الله، ويا للعجب! إن سيدنا يوسف عليه السلام لم يتبع البدعة يا رجل. بل اتبع الأصول التي إذا تركت لكان شركا أو كفرا، وذلك التوحيد وهو شهادة أن لا إله إلا الله، ولا يشرك به شيئا. وهذا هو ملة الإسلام يا شيخنا!

ثم تمادى الفوزان قائلا ورادا على مقسمي البدعة في القرآن الكريم في ص/53. وهو:
إن النصارى لما أحدثوا الرهبانية التي ما كتبها الله عليهم، ضلوا بها، وأيضا ما قاموا بها، لأنهم عجزوا عن أن يقوموا بها، لأنهم هم الذين حملوا أنفسهم ما لا تطيق، والله – سبحانه وتعالى – لا يكلف نفسا إلا وسعها، فعجزوا عنها وتركوها
(فما رعوها حق رعايتها) وقوله إلا : (إلا ابتغاء رضوان الله) أحدثوها يبتغون بها رضوان الله، فهذا دليل على أن العبرة بالدليل لا بالمقاصد والنيات فقط. اهـ

قال العبد الضعيف:
أولا – قوله: ( إن النصارى لما أحدثوا الرهبانية التي ما كتبها الله عليهم، ضلوا بها ) فهل بمجرد إحداثهم الرهبانية ضلوا؟ أم لعدم الإلتزام بها لقوله تعالى (فما رعوعا حق رعايتها)، وهل هذا يشملهم كلهم؟ أم ثم بعض قاموا بها؟
ثانيا – قوله : (وأيضا ما قاموا بها، لأنهم عجزوا عن أن يقوموا بها) هل يريد الشيخ الفوزان بأنهم لو قدروا عليها لقاموا بها فتصير مباحا لهم أو ماذا يريد بالضبط؟
ثالثا – قوله : (فعجزوا عنها وتركوها) و (فما رعوها حق رعايتها) هل فعجزوا عنها وتركوها هو تفسير لقوله تعالى : فما رعوها حق رعايتها عندك أيها الشيخ ؟ أم ماذا؟
رابعا – قوله : (إلا ابتغاء رضوان الله) أحدثوها يبتغون بها رضوان الله،.) نعم أحدثوها ابتغاء رضوان الله، ولو لا ابتغاء ذلك ما ابتدعوها كما يفهم من الآية، ولكنك يا شيخ لم تذكر بقية الآية حتى نعلم هل عذبهم الله بابتداعهم الرهبانية هذه أم لا؟ وأيضا لم تذكر لنا أقوال السلف في هذه الآية، ولا قول المحدثين أو المفسرين فيها.
إن ما قاله جمهور الأمة تخالف ما ذهبت إليه تماما، وهو أنك لا ترى في إسلامك ما يسمى بدعة حسنة، ونحن معشر التجانيين نرى ذلك، وأن هذه الآية من أقوى الدليل لنا، حيث قلت : (وأيضا ما قاموا بها، لأنهم عجزوا عن أن يقوموا بها)، ونقول نحن لم نعجز بالقيام بما في طريقتنا الغراء ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (اكلفوا لأنفسكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا) وقوله أيضا: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه). وإذ نسيت بقية الآية نذكره لكم، قال تعالى : (ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى بن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين آتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون) فتأملوها يا أحباب.
خامسا – قوله : (فهذا دليل على أن العبرة بالدليل لا بالمقاصد والنيات فقط) قلت يا شيخنا، بل العبرة بالدليل وبالمقاصد والنيات. لقوله تعالى (كل شيء هالك إلا وجهه) أي، كل ما يقصد فيه ذات الله كما قال الإمام البخاري: أي ما أريد به وجه الله. ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث سيدنا عمر رضي الله عنه: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله إلى آخره).


ثم قال :
فالحاصل: أن البدعة شر كلها وإن زعم أصحابها أنها خير!
وإن قالوا: إن البدعة تنقسم إلى أقسام: بدعة حسنة، وبدعة سيئة!
فنقول : البدع في الدين ليس منها شيء حسن، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل بدعة ضلالة)، فمن قال: إن من البدع بدعة حسنة، فإنه يكون مكذبا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة) وقوله : (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)، فلا توجد بدعة حسنة في الدين أبدا. اهـ
يا نهار أسود!!
لو اكتفى الشيخ بتعريفه الأول، لأراح واستراح. ولو كان أي تجاني ثرثر كثرثرته في هذا المقام، لأقيم عليه الدنيا وما فيها ولن تقعد أبدا، فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
قال أضعف خلق الله: الآن حصحص الحق، وزال القنا، وقد تبينة الحقيقة التي كانت مخفية من صدر هذا الرجل، هذا الشيخ الذي خرق الإجماع ورمى جمهور أهل السنة والجماعة بما فيهم الصحابة رضوان الله عليهم كلهم من لدن سيدنا عمر رضي الله عنه إلى شيخ إسلامه ابن تيمية، بأنهم كذبوا الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: (كل بدعة ضلالة). انتهى

يا مريد الحق إنني أشكرك كثيرا، والآن ننتظر باقي البحث وهو معنى البدعة في السنة، وشكرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: 65 ـ بحث فى البدعة .. معناها وأقسامهاوأحكامها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يونيو 12, 2013 2:20 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وآله .. وبعد

الفاضل / تيرنو ... جزاك الله خيرا على المشاركة .. ولى عندك أمر .. ونحوى لك واجب

أما الذى لى عندك ... فدردشة أحباب .. خذها من باب النصيحة ..

كان الناس البركة .. يقولون : إذا أردت مدح إنسان .. فلا تستعمل كلمات نابية فى معناها .. أو يسمونها صفات سلب ..

يعنى بالبلدى .. لو حبينا نمدح واحد .. وفى .. وكريم .. فلا نقول :

هذا أوفى من كل الكلاب ... وليس شحيحا قتورا .. جلدة ...

لا يا مولانا ما ينفعش ... لكن نستخدم الكلمات المباركة الموضوعة فى اللغة للدلالة على المعنى المطلوب .. فلو كان كريم ..

نقول : أكرم من حاتم الطائى .. يعنى بالمعنى ده

فعلشان خاطر سيدنا النبى صلى الله عليه وآله وسلم ... سيب بـُقِى – فمى - .. وسنانى فى حالها

وسيب إيدى .. الله يخليك . :D

دى نصيحة ... وأنا والله مش زعلان ... لكن حبيت أقول فائدة أدبية ... وكلنا بنتعلم على باب الله .

وأما الذى هو واجب تجاهك ... فهو تلبية طلبك فى استئناف الكتابة فى موضوع البدعة

وجزاك الله خيرا على حسن الظن ... نستكمل ببركة سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم .

- البدعة في السنة المطهرة

ورد في السنة مجموعة من الأحاديث تتحدث عن البدعة، بعضها جاء بصيغة العموم، وبعضها جاء بصيغة التخصيص.

فمما جاء بصيغة العموم حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » أما بعد .. فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة " .
أخرجه مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ .

والبدعة في هذا الحديث تشمل البدعة الواحدة والأكثر، والبدعة الحسنة والبدعة السيئة.

ومما جاء بصيغة التخصيص قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : » من ابتدع بدعة ضلالة، لا ترضي الله ورسوله، كان عليه مثل آثام من عمل بها، لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئاً« . أخرجه الترمذي من حديث عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ .. أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ .. الحديث .

ففي هذا الحديث خصص الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ البدعة المحرمة بأن تكون سيئة لا توافق عليها الشريعة.

والقاعدة الأصولية أنه ... إذا ورد عن الشارع لفظ عام ولفظ خاص .. قدم الخاص ، لأن في تقديم الخاص عملاً بكلا النصين .. بخلاف ما لو قدم العام فإن فيه إلغاء للنص الخاص .

فيكون المقصود بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: » كل بدعة ضلالة« البدعة السيئة وهي : ( ما أحدث .. ولا دليل له من الشرع .. بطريق خاص ولا عام ) .

ويكون هذا على حد قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ » كل عين زانية " أي كل عين تنظر إلى امرأة بشهوة فهي زانية .. لا كل العيون . أخرجه الترمذي وأحمد .. عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعرى .

قال الإمام الحافظ الفقيه محيي الدين النووي رحمه الله :

قوله صلى الله عليه والسلام : ( وكل بدعة ضلالة ) هذا عام مخصوص ، والمراد غالب البدع .

قال أهل اللغة : هي كل شيء عمل على غير مثال سابق .

قال العلماء : البدعة خمسة أقسام : واجبة ، ومندوبة ، ومحرمة ، ومكروهة ، ومباحة.

- فمن الواجبة : نظم أدلة المتكلمين للرد على الملاحدة والمبتدعين وشبه ذلك.
- ومن المندوبة : تصنيف كتب العلم، وبناء المدارس والربط وغير ذلك.
- ومن المباح : التبسط في ألوان الأطعمة وغير ذلك.
- والحرام والمكروه ظاهران.

وقد أوضحت المسألة بأدلتها المبسوطة في تهذيب الأسماء واللغات .

فإذا عرف ما ذكرته علم أن الحديث من العام المخصوص. وكذا ما أشبهه من الأحاديث الواردة .

ويؤيد ما قلناه قول عمر ابن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ في التراويح : نعمت البدعة .
أخرجه الإمام مالك فى الموطأ .. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ .. الحديث .
ولا يمنع من كون الحديث عامّاً مخصوصاً قوله: ( كل بدعة ) مؤكداً ( بكل )، بل يدخله التخصيص مع ذلك، كقوله تعالى ( تدمر كل شيء ) .انتهى .

يتبع بمشيئة الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: 65 ـ بحث فى البدعة .. معناها وأقسامهاوأحكامها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يونيو 19, 2013 12:46 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
نتابع ذكر الأخاديث الدالة على شرعية البدعة الحسنة .

ـ عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد ) . أخرجه البخارى ومسلم

وفي رواية لمسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) .

فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: » من أحدث في أمرنا هذا فهو رد« .. ولم يقل : » من عمل عملاً فهو رد " وإنما قيد ما أطلقه ... والعلماء الربانيون علماء الأصول يقولون : لو ثبت حديث بالإطلاق .. وثبت نفس الحديث بالقيد .. فيجب حمل المطلق على المقيد، ولا يجوز العمل بالحديث على إطلاقه .

وعلى هذا فيكون مفهوم هذا الحديث : » من أحدث في أمرنا هذا - ما هو منه - فهو مقبول« ... و» من عمل عملاً ... عليه أمرنا فهو مقبول " .

فإذا كان الأمر كذلك فالحديث يكون مفهومه ومنطوقه ما يلي :

1- يجوز إحداث البدعة المحمودة الحسنة إذا كانت مبنية على أصل شرعي صريح أو مجمل أو مستنبط ، فتكون هذه البدعة عندئذ جزءاً من الدين .

2- الحديث يشمل أمور الدين كلها .. سواء أكانت في العبادات أم في المعاملات .

3- يؤخذ من الحديث جواز إحداث أمور من الدين وليست موجودة في عصره ، فلا يشترط في الأعمال الشرعية أن يكون قد فعلها.

كما أن تركه صلى الله عليه وسلم لبعض الأعمال لا يدل على حرمة فعلها بعد الرسول صلى الله عليه وسلم كما سيأتي .

* وللإمام الشاطبي بعض الاعتراضات على مفهوم البدعة :

يرى الإمام الشاطبي ـ رحمه الله تعالى ـ أن المفاهيم التي تخصص في الأحاديث السابقة ملغاة ... لأنه يترتب على الأخذ بها محظورات شرعية – فى نظره - أهمها :

أ - أنه يترتب على الأخذ بها أن الدين لم يكمل ... مع أن الله يقول ( اليوم أكملت لكم دينكم ) .

والجواب :

أن معنى الآية ... أكملت لكم قواعده ومبادئه، ومن ضمن هذه المبادئ جواز إحداث البدعة الحسنة، فالذي يبتدع لا يعني عمله أنه زاد في الدين ، أو تدارك نقصاً في الشريعة، أو اتبع هواه، أو شرع بعقله ، بل هو تطبيق لقاعدة شرعية استقاها من الكتاب والسنة، غير مضاهٍ بها الشرع الحكيم ، ولا قاصد بها معاندة الله ومشاقة رسوله .

كما أن الآية ليست نصا فى الباب ... وإنما هى فهم فى غير محل النزاع .. فلا اعتبار به .

يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 10 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 14 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط