[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم [/align]
هذا هو نص الفتوى رقم 4287 الصادرة من دار الإفتاء المصرية في حكم إطلاق السيادة على النبي صلى اله عليه وآله وسلم
المفتي: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
اطلعنا على الطلب المقيد برقم 2724 لسنة 2004م المتضمن السؤال الآتي :
ما حكم إطلاق السيادة على النبي صلى اله عليه وآله وسلم وأهل البيت وغيرهم من الأولياء والصالحين ؟
الجواب:
النبي صلى اله عليه وآله وسلم سيد الخلق بإجماع المسلمين ، وقد أخبر عن نفسه الشريفة بذلك فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ » وفي رواية « أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ » متفق عليه ، وأمرنا الله سبحانه وتعالى بتوقيره وتعظيمه فقال : { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } (الفتح 8-9) ومن توقيره تسويدُه كما قال قتادةُ والسُّدِّيُ : " وتوقروه " : وتُسَوِّدُوهُ ، وقد خاطبه بذلك الصحابة رضي الله عنهم ؛ فعن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال : مَرَرْنَا بِسَيْلٍ فَدَخَلْتُ فَاغْتَسَلْتُ مِنْهُ ، فَخَرَجْتُ مَحْمُومًا ، فَنُمِيَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ : « مُرُوا أَبَا ثَابِتٍ يَتَعَوَّذُ » قُلْتُ : يَا سَيِّدِي وَالرُّقَى صَالِحَةٌ ؟ قَالَ : « لاَ رُقْيَةَ إِلاَّ فِي نَفْسٍ أَوْ حُمَةٍ أَوْ لَدْغَةٍ » أخرجه أحمد والحاكم وقال : صحيح الإسناد . وكذلك فعلوا في الصلاة عليه ؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَأَحْسِنُوا الصَّلاَةَ عَلَيْهِ ، فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْرُونَ لَعَلَّ ذَلِكَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ ، فَقَالُوا لَهُ : فَعَلِّمْنَا ، قَالَ : قُولُوا : « اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلاَتَكَ وَرَحْمَتَكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ ، وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ ، وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ ، مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، إِمَامِ الْخَيْرِ ، وَقَائِدِ الْخَيْرِ ، وَرَسُولِ الرَّحْمَةِ . . » أخرجه ابن ماجه وحسنه المنذري ، وكذلك ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كما أخرجه أحمد بن منيع في مسنده بسند حسن في الشواهد . وأما إطلاق السيادة على غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المخلوقين فهو كذلك أمر مشروع بنص الكتاب والسنة وفعل الأمة خلفًا عن سلفٍ من غير نكير . - فأما الكتاب : فقول الله تعالى عن سيدنا يحيى عليه السلام : { فَنَادَتْهُ المَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّى فِى المِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًا مِّنَ الصَّالِحِينَ } (آل عمران 39) قال الإمام القرطبي : "ففيه دلالة على جواز تسمية الإنسان سيدًا ، كما يجوز أن يُسمِّى عزيزًا أو كريمًا" ا ه وقوله تعالى عن سيدنا يوسف وامرأة العزيز : { وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا البَابِ } (يوسف 25) . - وأما السنة : فقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في شأن الحسن والحسين عليهما السلام : « الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ » أخرجه الترمذي والحاكم وصححاه . وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في شأن الحسن بن علي عليهما السلام : « إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ » أخرجه البخاري . وقوله صلى الله عليه وآله وسلم للسيدة فاطمة عليها السلام : « يَا فَاطِمَةُ أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ » أخرجه البخاري . وقوله صلى الله عليه وآله وسلم عن سعد بن معاذ رضي الله عنه : « قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ » أخرجه البخاري . وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لبني سلمة : « مَنْ سَيِّدُكُمْ يا بَنِي سَلمة ؟ » قالوا : سَيِّدُنا جَدُّ بْنُ قَيْسٍ ، عَلَى أَنَّا نُبَخِّلُهُ ، قال : « وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ ؟ بَلْ سَيِّدُكم عَمْرُو بْنُ الجَمُوحِ » أخرجه البخاري في الأدب المفرد ، وفي رواية : « سَيِّدُكُمْ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ » أخرجها الطبراني في المعجم الكبير . إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة التي تدل على جواز إطلاق " السيد " على المخلوق . - وأما فعل الأمة : فقول عمر الفاروق رضي الله عنه عن أبي بكر الصديق وبلال رضي الله عنهما : « أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا » أخرجه البخاري . وقول علي عن ابنه الحسن عليهما السلام : « إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ كَمَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم » أخرجه أبو داود . وقول أبي هريرة رضي الله عنه للحسن بن علي عليهما السلام : « يَا سَيِّدِي » فقيل له : تقول يا سيدي ! قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : « إِنَّهُ لَسَيِّدٌ » أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة . وهذه الإطلاقات مع سماع الصحابة لها من غير نكير ولا معارض بمثابة الإجماع السكوتي وهو حجة كما تقرر في الأصول . وقد درج المسلمون من قديم الزمان على إطلاق لقب السيادة على الذرية النبوية الطاهرة من نسل سَيِّدَيْ شباب أهل الجنة الحسن والحسين عليهما السلام وورد في الأثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : « ما رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ » رواه الإمام أحمد . وعليه فإطلاق السيادة على أهل البيت وأولياء الله الصالحين أمر مشروع ، بل هو مطلوب شرعًا لما فيه من حسن الأدب معهم والتوقير والإجلال لهم ، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : « لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ » رواه أحمد والحاكم وصححه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه .
_________________
ما خاب بين الورى يوما ولا عثرت***في حالة السير بالبلوى مطيته من كان لله رب العرش ملتجأ***ومن تكن برسول الله نصرته
|