موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: نفسية ابن تيمية ، بين الإمام أحمد وابن تيمية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد إبريل 18, 2004 4:38 pm 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 25, 2004 12:52 pm
مشاركات: 170
بسم الله الرحمن الرحيم
الإمامة بين أحمد بن حنبل وابن تيمية
ـ كان ابن تيمية ـ الذى نشأ فى بيت حنبلى ـ يُلقن وهو صغير سيرة الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة والجماعة ومعانته وجهاده فى سبيل نصرة هذا الدين والذب عنه والدفاع عن سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقيامه فى وجه المعاندين عندما نشبت فتنة القول بخلق القرآن وصبره وحبسه وجلده وجَلَده ، وقد تأثر ابن تيمية أيما تأثر بحياة الإمام أحمد بن حنبل ، فكان كثيراً ما يقارن بين حياته ومعادة علماء عصره وحكامه له وبين معادة علماء وحكام عصر الإمام أحمد له ـ مع البون الشاسع بين ما كان الإمام أحمد يناضل ويدافع وينافح عنه من الدفاع عن سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وبين مخالفة ابن تيمية بأرءه الشاذة ، وخروجه عن إجماعات أهل العلم سلفاً وخلفاً ـ وكان ابن تيمية يعُد نفسه والإمام أحمد فى خندق واحد ، وكان هذا الأمر يزيده إصراراً وعناداً وتمسكاً بأرءاه ومخالفاته .
ـ فالإمام أحمد قام فى وجه البدعة يدفعها ويدافع عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم ولم يبتدع حكماً أو رأياً يخالف به سواد المسلمين وإجماعهم ، بينما نبغ ابن تيمية وقد تنمس فاتصف بالزهد والورع ، وكان قليل العلم ، قد قمش من كل مذهب وفرقة ضغثاً ، وأثبته لنفسه عقيدة ومنهجاً جديداً خالف به منهج المسلمين وجمعهم ، وأخذ يروج لمذهبه الجديد على سفهاء الناس وطغامهم ويدافع عنه ، حتى انتظم له ناموسه وصار مذهباً متبعاً حتى اليوم ، وقد قام على نصرته تلميذه ابن القيم .
ـ وكان ابن تيمية كثيراً ما تتمثل له صورة الإمام أحمد بن حنبل فى محنته ، فيزيده تمسكاً بما عليه من الباطل ظناً منه أو طلباً للماثلة والمشاكلة بينه وبين إمام أهل السنة أحمد بن حنبل ، ولكن هيهات هيهات ، فأين الثرى من الثريا ، وأين الندى من الوحل ، وأين الجبل الاشم من القزم .
ـ أقول : لقد ظهر ابن تيمية فى زمن يحفل بالكثير من أهل العلم الأعلام كالإمام ابن دقيق العيد والإمام السبكى وولده والإمام كمال الدين بن الزملكانى والإمام صفى الدين الهندى والإمام جلال الدين القزوينى والإمام نجم الدين بن صصرى والإمام محمد بن سعد بن جماعة ، والإمام محمد بن الحريرى الأنصارى ، والإمام محمد بن أبى بكر ، والإمام أحمد بن عمر المقدسى ، وابن جهبل ، وابن الحاجب ، والإمام الفزارى ، والإمام أبى حيان النحوى المفسر الأندلسى ، والإمام العلامة شيخ الإسلام فى زمانه على بن إسماعيل القونوى وغيرهم كثير .
ـ لقد ظهر ابن تيمية فى ذلك العصر المملوء بالأئمة والعلماء الذين ترجع إليهم الفتوى فى أمور الدين والدنيا ، بزغ ابن تيمية فحصّل الكثير من العلوم الشرعية ، حتى زاع صيته وذاع بطلب العلم ، وأخذ يخطب فى الناس ويعظهم ، وتقرب إليه طغام الناس وعوامهم قليلى الفقه والعلم بالمسائل الشرعية ، فتصدر للفتوى لهم ، وصار على هذا زمناً ، وهو فى أثناء مطالعته لكتب أهل العلم أخذ يسوّد الصفحات بتعليقات وملاحظات ، وغرَّه ثناء العوام عليه حتى ظن فى نفسه القوة على الكتابة والتصنيف ، وحتى سولت له نفسه أنه قد حصّل من العلم ما يجعله ينازع أولئك العلماء قدماً بقدم ، وبدلاً من أن يدخل محراب أولئك العلماء المجتهدين ويتعلم ويتخذ له منهم شيخاً وإماماً ، أخذ فى منازعتهم ، ثم أخذ فى ادعاء أنه قد جاءته صورة فتوى أو سؤال من البلد الفلانى يسئلونه عن كذا وكذا ، وأنه قد رد عليهم بالإجابة الشافية الكافية ، وأخذ اتباع ابن تيمية فى نشر ذلك وإذاعته بين الناس ، وأن شهرة شيخهم قد تعدت حدود بلده وامتدت حتى وصلت إلى البلد الفلانى ، وأن أهلها قد أرسلوا إليه بطلب الفتوى والسؤال عن كذا وكذا ، وكأن بلدته قد خلت من أهل العلم غيره .
حب الظهور يقسم الظهور
خالف تُعرف
ـ فابن تيمية الذى لم يرض أن يكون مجرد طالب علم فى محراب الأئمة والعلماء وقد نازعته نفسه الإمامة قبل أوانها ، فسولت له نفسه مخالفة أهل العلم فى كثير من الفتاوى كمسألة الطلاق وزيارة الحبيب المصطفى محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وقد أجمع أهل العلم قبله على خلاف ما ابتدعه ، ولكن ابن تيمية وحبه للظهور والشهرة أخذ يفتى الناس بما يخالف فتاوى أهل العلم ـ من أهل عصره والعصور السابقة ـ تبعاً للقول المعروف : خالف تُعرف، ثم أخذ يقوم على نشرها وإذاعتها وعن طريق بعض المقربين إليه ، حتى وصلت تلك الفتاوى السخيفة لأسماع أهل العلم ، فردوه وعنفوه ، فقد لاطمت ساقيته بحراً بل بحاراً .
ـ كذا بدأ حتى ينال ما يطلب من شهرة ومكانة وإن كانت بالباطل ـ كالذى أراد أن يشتهر ويُعرف فى كتب التاريخ فبال فى زمزم ، حتى يذكره الناس ولو بالسوء! ـ ثم وجد ابن تيمية ضالته فى كتب الفِرق التى فارقت سواد المسلمين بأرائها وأصولها المبتدعة ، وقد ضللها أهل العلم كالقدرية والحشوية والمعتزلة والجهمية …الخ ، فنظر فيها ـ تلك الفِرق ـ ابن تيمية نظرة تأمل وتمعن ، ثم وجد أهل العلم من قبله قد حكموا على تلك الفِرق أنها خالفت جماعة المسلمين ، فلو انتهج الرجل نهج إحدى تلك الفرق لحكموا عليه مثل ما حكموا على تلك الفرقة التى يقول بقولها وأصولها ، ولخرج عليه العلماء وأظهروا للناس مدى ضلاله وزيغه ، فبدأ بترديد مقالة بعض تلك الفرق ـ من باب إلقاء الشبهات ـ التى إن وجدت رواجاً عند عوام الناس زاد النار اشتعالاً ، وإن لم تجد تحول إلى غيرها ، ثم أخذ يتنوع ويتنقل بين أصول تلك الفِرق ومقالتهم ، ثم إذا وجد من يتصدى له ولم يحر جواباً ، انتقل إلى كتب الفلسفة ، فبدأ فى قراءة كتب الفلسفة التى تجعله يتحيل على المسألة ويزينها للناس دون أن يلحظ أحد أنه يقول بمقالة إحدى تلك الفرقة الزائغة ، فبدأ بمقالة الحشوية وأن استواء الله تعالى على العرش هو استواء بالذات ، وانتشرت تلك الكلمة الفظيعة بين الناس حتى وصلت إلى أسماع علماء عصره ، فعقدوا له المجالس ليعرفوا منه مقالته ، فلما سألوه : ما الدليل على ما صدر منك ؟ قال : قوله تعالى "الرحمن على العرش استوى" فضحكوا منه وعرفوا أنه جاهل لا يجرى على قواعد أهل العلم ، من التفسير بكلام الله تعالى وحمل المتشابه على المحكم ورده إليه ، أو بكلام رسول الله  أو بكلام الصحابة والتابعين أو بلغة العرب ، ثم نقلوه ليتحققوا أمره ، فقالوا : ما تقول فى قوله تعالى "فأينما تولوا فثم وجه الله" فأجاب بأجوبة تحققوا أنه من الجهلة وأنه لا يدرى ما يقول ، وأنه قد غره بنفسه ثناء العوام عليه .
ـ وبعد لقاء ابن تيمية بأكابر أهل العلم وردهم عليه وبيانه لهم أن القول غير ما ذهب إليه وغير ما فهمه ، ولكن هل ينتهى ابن تيمية ، بل ازداد ضلالاً وزيغاً وزين له شيطانه عمله ، فأخذ ينشر بدعته ورأيه المخالف لأهل العلم ، ثم لم يزل ابن تيمية يتنقل وينتقى من كلام الفِرق حتى قال بمقالة الجهمية بفناء النار ، فتصدى له الإمام العلامة تقى الدين السبكى فصنف كتابه الطيب "الاعتبار ببقاء الجنة والنار" وذلك بعدما انتشرت كلمة ابن تيمية ومقالته بفنار النار بين الناس وأذاعها مريدوه وتلامذته التعساء وعلى رأسهم تلميذه النجيب ابن القيم .
ـ ولكن هل ينتهى ابن تيمية ويعلم ويتعلم ، كلا ، لقد أخذ ابن تيمية بترديد كلام الفرق غير آبه بردود العلماء عليه وهو يظن فى نفسه طيلة الوقت أنه الإمام أحمد حنبل ويتمثل حياته وجهاده وصبره على علماء عصره وحكامه .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 5 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط