رأس الإمام الحسين
عليه السلام
دلت الشواهد التاريخية التى لا تحوم جولها الشبهات أن الرأس الكريم طيف به بعد الموقعة حتى أتى به ليزيد (1) فأمر بصلبه فصلب ثلاثة ايام بدمشق ثم ترك بعد صلبه فى خزانة السلام فلم يزل هناك حتى تولى سليمان بن (2) عبد الملك الذى بويع ل بعد أخية الوليد فى سنة 96هـ )714م) وأستمر ملكه إلى سنة 99هـ ( 717م) فسئل عن رأس الحسين وبعث فى طلبه فجىء به وقد نحل وبقى عظما ابيض فجعله فى سفط وطيبة وكفنه وصلى عليه فى جمع من حاشيته ودفنه فى مقابر المسلمين بدمشق بباب الفراديس (3) فلما تولى الخلافة الإمام العالدل عمر بن عبد العزيز (4) سأل عن الرأس الكرييم فاخبر بما صنعه سليمان ابن عبد الملك – وما برح الرأس الكريم بدمشق إلى سنة 365هـ ( 975م) فسام افتكين (5) الشرابى غلام معز الدولة أحمد بوية إلى دمشق ليغزوها بجيشه قادما من بغداد فأعلن القتال فتبعه طوائف كثيرة فتغلب عليها وعلى كثير من سواحلها واسر منها ما شاء وغنم منها ما أراد فمن جملة الغنائم رأس الحسين(قال) بعض الإخباريين والسبب فى أخذه رأس الحسين تثبيت دعائم ملكه فى بلاد الشام . فلما صار إلى عسقلان (6) وحاصرها ( وهناك كاد يستتم أمره ) دفن الرأس الكريم فى موضع منها وبينما هو مجد فى تنظيم ملكه وتدبيرشؤونه إذ سير إليه العزيز ابن المعز الفاطمى قائده جوهرا فى جيش عرمرم لمحاربته – وبعد حروب طويلة تغلب عليه فأخذه العزيز الذى لحق بقائده بعد ذلك اسيرا وقدم به إلى القاهرة فاستخدمه بدار ملكه حتى توفى سنة 372هـ فهذا ما ساتنتجناه من المصادر التاريخية فى مسير الرأس من الكوفة إلى الشام ودفنه بها أولا ثم إلى عسقلان .--------------------------------------------------------------------------------------------------
(1) يزيد : روى عن صالح بن احمد بن حنبل رضى الله عنهم : قلت لأبنى أتلعن يزيد قال يا بنى كيف لا تلعن من لعنه الله فى ثلاث آيات من كتابه العزيز فى الرعد والقتال والأحزاب راجع الأتحاف بحب الأشراف للشبرواى ص 64 .
(2) سليما بن عبد الملك : هو سليمان بن عبد الملك بن مروان (45هـ - 99 هـ ) ( 674م – 717م ) الخليفة الأموى السابع وهو من خلفاء بنى امية الأقوياء ولد بدمشق وولى الخلافة يووم وفاة أخية الخليفة الوليد بن عبد الملك عام 96هـ وخلافته لا تتجاوز السنتين وسبعة أشهر من 96هـ - 99هـ وكان الناس يسمونه مفتاح الخير أشاع العدل وأنصف كل من وقف ببابه ومتصف بالوقار والجمال عظيم الخلق طويل القامة .
(3) باب الفراديس : هو بدمشق دخل منه القائد عمرو بن العاص عند الفتح الإسلامى وسمى بأسم الفراديس بكثرة وكثافة البساتين والحدائق والقصور .
(4) عر بن عبد العزيز : هو ثامن الخلفاء الأموية خامس الخلفاء الراشدين يرجع نسبه من أمه إلى عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هى أم عاصم ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب وبذلك يصبح عمر بن الخطاب جد الخليفة عمر بن عبد العزيز وولد بالمدينة المنورة
(5) أفتكين الشرابى : هو القائد التركى العباسى كان أبو منصور أفتكين التركى الشرابى غلاما لمعز الدولة أحمد بن بوية وفى سنة 364 استولى افتكين على دمشق فقام جيش المعز بحصاره ورصد مائة ألف دينار لمن يحضر أفتكين وتمكن البعض بالأمساك به وأحضاره بين يدى المعز فأطلق صراحه وهو من ومكثوا فى مصر حتى توفى أفتكين سنة 365 هـ
(6) مدينة عسقلان : عرفت مدينة عسقلان باسم اشقلون منذ اقدم العصور التاريخية وهى تقع على شاطىء البحر المتوسط شمال غزة كما هو موضح بالخريطة
--------------------------------------------------------------------------------------------------
وأما خبر بعد ما بعد ذلك فيأتى خلال البحث وإليك تضارب أقول المؤرخين فى مسيرة الرأس الكريم (قال) على جلال بك فى التاريخ الحسينى *** أختلف المؤرخين فى دفن رأس الحسين عليه السلام فالأسماعيلية وكثير من أهل القاهرة وقيل انه مدفون بالمدينة وقيل بالرقة (وقال) بعضهم أخذخ المسودة ولا يعلم مكانه وبعضهم ينكر أن ابن زياد أرسله إلى يزيد والأمامية وبعض أهل السنة اتفقوا على أنه مدفون مع الجشد بكربلاء * قال الملك المؤيد صاحب حماه (1) فى تاريخه ج1 ص 191 وعمر(2) بن الوردى فى تاريخه ج 1 ص 173 قيل أن رأس الحسين جهز إلى المدينة زدفن عند باب أمه وقيل بباب الفراديس وقيل ان خلفاء مصر نقلوه من عسقلان إلى القاهرة ودفنوه بها وبنوا له مشهد الحسين *----------------------------------------------------------------------------------
(1) ولد أبو الفداء بعد ست عشرة سنة من اجتياح المغول بلاد الشام في ظروف عسكرية وسياسية معقدة للغاية ، يحدد ابن تغرى بردي ( 813 - 874 هـ) في النجوم الزاهرة نسبه ومولده بقوله « الملك المؤيد عماد الدين أبو الفداء إسماعيل صاحب حماة، ابن الملك الأفضل علي ابن الملك المظفر محمود ابن الملك المنصور محمد ابن الملك المنصور عمر ...
كان مولد الملك المؤيد سنة اثنتين وسبعين وستمئة » حكم أولئك الأمراء الأيوبيون حماة نحو مئة عام قبل مولده ، فقد عين صلاح الدين الأيوبي ( 532- 589 هـ ، 1138 - 1193 م ) مؤسس الدولة الأيوبية في مصر والشام *
(2)هو عمر بن مظفر بن عمر بن محمد ابن أبي الفوارس، أبو حفص، زين الدين ابن الوردي المعرّي الكندي المعروف بابن الوردي * ولد في معرة النعمان سنة 691 هـ / 1292 م وتوفي بالطاعون في حلب في سنة 749 هـ / 1349 م. هو فقيه وأديب وشاعر وقد درس في حماة ودمشق وحلب وقام في الجال الديني مقام قاضيها محمد بن النقيب عندما توفي ابن النقيب ومن مؤلفاته
-----------------------------------------------------------------------------------------
وقال على بن عبد السمهودى فى وفاء الوفاء باختبار دار المصطفى ج 2 ص 96 ذكر محمد بن سعيد ان يزيد بن معاوية بعث برأس الحسين عليه السلام إلى عمرو بن سعيد بن العاص وكان عامله على المدينة فكفنه ودفنه بالبقيع عند قبر أمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن ذكر بن أبى الدنيا أنهم وجدوا فى خزانة ليزيد رأس الحسين فكفنوه ودفنوه بدمشق عند باب الفراديس وقيل غير ذلك – وحكى السخاوى فى تحفة الأحباب اختلاف بعض المؤرخين فقال – بعضهم أن رأس الحسين بالمدينة الشريفة وقال بعضهم بمشهد بعسقلان فما أخذتها الفرنج نقل إلى هذا المشهد القاهرى والله اعلم بالصواب وقيل لما قتل الحسين بأرض كربلاء طيف برأسه وسير فى البلاد ( إلا ) بأرض مصر فإن أهلها لم يمكنوهم من الدخول على تلك الحالة بل تلقوهم بمدينة الفرما وهى أول مدائن مصر وأوسعوا لهم الكرامة وأنزلوهم خير منزل * وقال القرمانى فى أخبار الدول ص 109 أختلفوا فى مكان رأس الحسين عليه السلام وفى مسالك الأبصار أن الجسد والرأس حملا إلى المدينة فدفنا بقبر الحسن وقيل دفن الرأس بالقاهرة وثيل دفن عند قبر أمه والأصح أنه دفن فى جامع دمشق ( الجامع الأموى ) وأستمر جسده بكربلاء وله مشهد عظيم يزار ويتبرك به ** وقال رضى الدين ابن طاووس فى كتاب الملهوف على قتلى الطفوف ص 140 فأما رأس الحسين فروى أنه أعيد فدفن بكربلاء مع جسده الشريف وقد قال الصبان فى إسعاف الراغبين ص 143 واختلفوا فى رأس الحسين بعد مسيره إلى الشام إلى أين صار وفى أى موضع استقر فذهبت طائفة إلى أن يزيد أمر أن يطاف برأسه الشريف فى البلاد فطيف به حتى أنتهى إلى عسقلان فدفنه أميرها بها فلما غلب الأفرنج على عسقلان افتداه منهم الصالح طلائع (1) وزير الفاطميين بمال جزيل وبنى عليه المشهد الحسينى بالقاهرة وإلى ذلك أشار القا ى الفاضل عبد الرحيم البيسانى وزير صلاح الدين فى قصيدة مدح بها الصالح ، وذهب أخرون فيهم الزبير بن بكار والعلا الهمدانى إلى أنه حمل أهله فكفن ودفن بالبقيع عند قبر أمه واخيه الحسن ، واعتمد القرطبى أنه أعيد إلى الجثة ودفن بكربلاء بعد أربعين يوما من المقتل – ونقل ابن عروة الحنبلى فى الكواكب الدرارى فى ترتيب مسند أحمد على أبواب البخـــارى ( المخطوط بالمكتبة الظاهرية بدمشق )
الصالح طلائع : هو وزير الدولة الفاطمية وقد بنى مسجده بعد الخيامية وقبل باب زويلة وإذا صعد إلى مآذنة بواب زويلة تكشف بكل وضوح مسجد الصالح طلائع ويقول العالم حسن قاسم فى كتابه الآثار الإسلامية والمزارات المصرية ص 12 (جامع الصالح طلائع بن رزيك الملقب بالصالح وزير الخليفة الفاطمى ويعرف بجامع الصالح أنشأه الوزير سنة 553 هـ - 1157 م )
آخر آثر أنشأ في عهد الدولة الفاطمية – جامع الصالح طلائع بن رزيك
يوجد هذا الجامع على رأس تقاطع شارع الضرب الأحمر بقصبة رضوان تجاه زاوية فرج بن برقوق أنشأة الملك الصالح طلائع بن رزيك وزير الخليفة الفائز بنصر الله الفاطمي ثم الخليفة العاضد آخر خلفاء الدولة الفاطمية والمتوفى سنة 556 هجرية , وكان جامعه هذا آخر أثر أنشأ في عهد الدولة الفاطمية وقيل سبب بناءة تلقى رأس الحسين ولقد كانت مدفونة في عسقلان والتي أصبحت في خطر في مهاجمة الصلبيين لها وهذا القول مغلوط لآن المشهد الحسيني أقيم سنه 549 هجرية أي قبل بناء الجامع بنحو ست سنوات
وهو جامع صغير أوواوينة مرتبة على نسق الجامع الأقمر ويمتاز بأنه من المساجد المعلقة والمنبر الموجود في المسجد صنع بأمر الأمير بكتمر الجوكندار سنة 699هجرية وكان قد جدد مأذنتة أيضاً عقب سقوط المأذنة الأصلية بسبب زلزال سنه 702 هجرية , وبناء هذا المسجد بهذا الموضع شكل خطورة حربية على المدينة ولقد شعر الصالح طلائع بهذا الخطر بقرب وفاته فقال ما ندمت قط في شيء ألا في ثلاث منها أولها بنائي لهذا المسجد على باب القاهرة فأنة صار عوناً عليها .
روى البخارى فى تاريخه أن رأس الحسين حمل إلى المدينة ودفن بها فى البقيع عن قبر أمه ( وروى ) هذه الرواية محمد بن سعد فى كتاب الطبقات الكبرى ج 5 فى ترجمة عمرو بن سعيد ص 176 قالوا لما قتل الحسين وعمرو بن سعيد على المدينة فبعث غليه يزيد بن معاوية برأس الحسين فكفنه ودفنه بالبقيع . هذه ضروب من الاختلاف التى ذكرها فريق من المؤرخين فى رأس الحسين ومسيره بعد الموقعة وهى لا تخرج الباحث بأى نتيجة التضارب أقوالهم الكثيرة فإذا أمعنا النظر مليا فى أكثرية الشواهد التاريخية وجدنا إن قول من ذهب إلى أن الرأس بالمشهد القاهرى هو الصواب لتواطىء الكثير من المؤرخين على صحة ذلك ، والعادة تحيل تواطؤ جماعة وسمو بميسم العدالة على الكذب وقد رأينا فى هذا الفريق الذى أثبت وجود الرأس الشريفة بالقاهرة جماعة من رجال الحديث والتاريخ لا يستهان بقدرهم ، وأقلية سحيقة لم تبلغ فى العدد ما بلغه هؤلاءفى الكثرة لا نذكر بجانبهم والتواتر فى مثل هذه الأخبار تحقيقا يفيد القطع ، وقد تعقبت ما روى عن البخارى فى تاريخه المتناول فلم أجده وابن سعد مؤلف كتاب الطبقات الكبرى وإن كان ثقة إلا أن بعض مروياته ورد فيها الضعف وقد كان تلميذا للواقدى وعدالة الواقدى تكاد تكون مجروحة ، راجع كتب الجرح والتعديل ونقد الرجال للحافظ الذهبى وابن حجر وغيرهما وأيضا هو يذكر العبارة على سبيل الاحتمال وهذا لا يعتبر حجة . (ونأمل) ما حققه على بك جلال فى تاريخه من الشواهد التى أثبتت وجود الرأس بالقاهرة (قال) بعد أن استدل بنوع من الشواهد التاريخية . هذه الأمارة فى هذا الزمان المتأخر دلت على صحة دفن الرأس الكريم بدمشق أولا ، ثم بعد ثبوت ذلك رأينا انه مكث فيه مائة عام ثم ظهر بعد هذا المشهــــد ( مشهد عسقلان ) فرأينا فى كتب التاريخ أنه جرت به العمارة فى أواخر القرن الخامس من بدر الجمالى الوزير وجرت به أيضا عمارة اقتضت إخراج الرأس الكريم من المشهد ومكثها فى غيره أياما ثم إعادته فيه بعد بنائه ثم إخراجه على يد الملك الصالح طلائع ابن رزيك فى نصف القرن السادس ، هذا أيضا يثبت أن الرأس الكريم مكث بمشهد عسقلان زمنا طويلا ثم ما أحدثه الزمان فى المشهد المصرى القاهرى من أن المرحوم عبد الرحمن كتخدا القزدغلى لما أراد توسيع المسجد المجاور للمشهد الشريف قيل له إن هذا المشهد لم يثبت فيه دفن فأراد تحيقيق ذلك فكشف المشهد الشريف بمحضر من الناس ونزل فيه الأستاذ الشيخ الجوهرى الشافعى والأستاذ الشيخ الملوى المالكى وكان من كبراء العلماء العاملين ----------------------------------------------------------------------------------------
(1) يروى هذه العبارة سماعا عن حفيد الشيخ محمد الجوهرى صاحب الحديث ( المرحوم محمد باشا أمين فكرى نائب الوكيل العمومى فى عهد الخديوى إسماعيل باشا فى كتابه جغرافية مصر راجع ج1 ص 252 ) ورواها كاتب هذه الأسطر عن بعض من سمعها من لفظ الاستاذ الجوهرى كبير هذه الأسرة القريب العد بوفائه وعدالة بيت الجوهرى لا تحوم الشبهات راجع تراجمهم وآثارهم والأمير عبد الرحمن كتخدا بن حسن قازدوغلى وكيل مصر فى القرن الثانى عشر الهجرى المتوفى سنة 1190هـ 1776م ولهذا الأمير منشأت كثيرة أحدثها فى خلال توليته كتخدانية ( وكالة ) مصر من سنة 1162هـ الى سنة 1178هـ فمنها العمارة الكبيرة التى استلحقها للأزهر الشريف التى تشغل الايوان الكبير ورواق الحريمن ورواق الصعايدة ومدفنه ومنها سبيل ووكالة كتخدا بشارع بين القصرين وجامع السيوفية وجامع الحفنى ومشاهد آل البيت كمشهد الإمام الحسين والسيدة زينب والسيدة رقية والسيدة عائشة والسيدة سكينة والسيدة فاطمة النبوية والإمام الشافعى والسيدة نفيسة وغير ذلك من آل البيت بمصر والمساجد كما أنه له مسجدا كبيرا بأسمه فى ميدان الأوبرا بوسد القاهرة أما الأزبكية وله زاوية مسجلة بالأثار بشارع المغربلين قبل الخيامية
(2) أحداهما وهو الجوهرى وكان شيخا للأزهر والثانى كان شيخ المالكية راجع تاريخ الجامعة الازهرية للكاتب ويقال أن ما أجراه عبد الرحمن كتخدا كان باشارة الشيخ على الصعيدى شيخ رواق الصعايدة
-------------------------------------------------------------------------------------
وشاهد ما بداخل البرزخ ثم ظهر وأخبر بما شاهده وهو كرسى من الخشب الساج عليه طست من الذ هب فوقه ستارة من الحريرر الأخضر تحتها كيس من الحرير الأخضر الرقيق داخله الرأس الشريفة فانبنى على أخبارهم تحقيق هذا المشهد وبنى المسجد والمشهد وأوقف عليه اوقافا يصرف على المسجد من ريعها إلى الآن ويظهر أن قول من ذهبوا الى وجود الرأس الشريف بمشهد القاهرة اقرب إلى الصواب لما يؤيده من الأدلة وما فيه من التفصيل يتصرف من تحقيقات على بك جلال ولبعض معاصرينا من شيوخ المؤرخين تحقيقا دقيقا تؤيد هذا البحث وقد استوعب جلها الشيخ عثمان مدخون إمام وخطيب مسجد الحنفى فى كتابه العدل الشاهد فى تخقيق المشاهد المطبوع بمصر ويؤيد هذا البحث أيضا ما تعقبناه قديما وحديثا من الأقوال التى لا شبهة فيها ونكتفى بذكر من اتفقت الأمة على قبول ما روى عنهم من الأخبار لعدالتهم *
وهم لا يحصون كثرة وقد كنت احصيتهم قديما فبلغوا إلى أربعين ونيف بينما الأخرين ما تعدوا العشرة * والقاعدة تقديم المثيت وهذا أمر مقرر فى مظانه *
وقال المقريزى فى الخطط ج1 ص 427 ناقلا عن المؤرخ ابن ميسر فى شعبان سنة 491 هـ خرج الأفضل بن أمير الجيوش بعساكر جمة إلى بيت المقدس وبه سقمان وابلغازى ابنا أرتق فى جماعة من أقاربهما ورجالهما وعساكر كثيرة من الأتراك فراسلهما الأفضل يلتمس منهما تسليم القدس اليه بغير حرب فلم يحيباه لذلك فقاتل البلد ونصب عليها المجانيق وهدم منها جانبا فلم يجد ابدا من الإذعان وسلما اليه فخلع عليهما وأطلقهما وعاد فى عساكره وقد ملك القدس فدخل عسقلان وكان بها مكان دارس فيه رأس الحسين بن على بن أبى طالب فأخرجه وعطره وحمله فى سفط إلى أجل دار بها وعمر المشهد فلما تكامل حمل الأفضل الرأس الشريف على رأسه وسعى بها ماشيا إلى أن أحله مقره وقال فى ج 4 ص 81 ابن عبد الظاهر كان الصالح ظلائع بن رزيك لما خيف على مشهد الإمام الحسين إذ كان بعسقلان من هجمة الفرنج وعزم على نقله قد بنى هذا الجامع ( جامع طلائع بن رزيك المعروف بجامع الصالح طلائع ظاهر باب زويلة تجاه مدرسة فرج بن برقوق المعروف بمدرسة دهيشة (1) * ليدفنه به لفما فرغ منه لم يمكنه الخليفة الفاطمى وقال لا يكون إلا داخل القصور الزاهرة وبنى المشهد الموجود الآن ودفن به (وذكر)المقريزى أيضا نص العبارة باختلاف فى اللفظ فى جزء 2 راجع كلامه على قصور الفاطميين ------------------------------------------------------------------
(1) مدرسة دهيشة : المعروفة بسبيل فرج بن برقوق وبزاوية الدهيشة وهى الكائنة بأول شارع تحت الربع تجاه باب زويلة وتنسب هذه الزاوية الى منشئها الأمير جمال الدين يوسف الأستادار ناصر الخاصة الملكية فى البلاط الناصرى البرقوقى . أنشأها بأمر الناصر فرج بن برقوق سنة 811هـ 1408م ومنقوش على شباكها البحرى ما نصـــه : ( أمر بأ نشأ هذا السبيل المبارك مولانا السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق عز نصه ) ولهذا الأمير أثر آخر وهو مدرسته التى أنشأها فى سنة 810هـ بمنطقة الجمالية
---------------------------------------------------------------------
(ونقل) صاحب كتاب مرشد الزوار إلى قبور الأبرار وهو موفق الدين عبد الرحمن بن أبى الحزم مكى بن عثمان الشافعى الأنصارى من علماء أوائل القرن السابع الهجرى عن بعض العلماء ممن عاصره الفاطميين أن هذا الرأس الذى وضع بهذا المكان يعنى المشهد الذى بالقاهرة هو رأس الإمام الحسين كان بعسقلان فلما كان فى ايام الظافر الفاطمى كتب عباس إليه يقول له أن الفرنج أشرفوا على أخذ عسقلان وأن بها رأس الحسين بن على بن أبى طالب فأرسل اليه من تختاره ليأخذه فبعث اليه مكنون الخادم فى عشارى من عشاريات الخدمى فحمل الرأس من عسقلان وأرسى به فى الموضع المعروف بالكافورى من الخليج الحاكمى ( منطقة شارع الشعرانى الجوانى وما تقارب منها ) فحمل وأدخل إلى القصر وأستقر فيه كما هو الأن ، وأراد الظافر أن يحلــه فى مسجــده (الخربوطلى نسبة لمجدده أخيرا بشارع العقاديين بالقاهرة ) ليجعله فيه واراد ظلائع بن رزيك أن يبنى مسجدا بظاهر باب زويلة ليجعله فيه فاجتمع رأيهم على أن يجعلوه فى القصر فى قبة تعرف بقبة الديلم وانشد المهذب بين الزبير (1) قصيدة أولهـــا ( أنتبه ثم أنف عنك الوسنا )-------------------------------------------------------------------------------------
(1) الحسن بن علي بن إبراهيم بن الزبير الأسدي القرشي الأسواني المعروف بالمهذب وهو أخو الشاعر الرشيد الأسواني. شاعر مطبوع، قال عنه العماد الأصفهاني: (لم يكن في مصر أشعر منه في زمنه)، وقدمه غير واحد في الشعر على أخيه الرشيد. توفى سنة 561 هـ
-----------------------------------------------------------------------------------
بعده