موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: من كتاب تاريخ الجندية الإسلامية لحسن قاسم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد أكتوبر 21, 2018 3:17 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6129

حضرة النبى صلى الله عليه وسلم جاء
فأصلح العوالم ونظم الحياة



هم يصورون حضرة النبى صلى الله عليه وسلم بأنه عظيم العظماء وونابغة نوابغ العالم بم ح جاء فاصلح المجتمع وعمم الثقاة والتعليم وألبس الناس لبسا جديدا ، بوفرة ذكائه وحسن سياسته ، وعظيم كياسته وتوفيقه بين الأمة العربية ، الأمر الذى لم يحاول أى فرد أن يوفق اليه بمثله أو بعضه ، أجل هو ذا ، وذا هو ، وهو عظيم العظماء ؛ وسيد ولد آدم وافضل الخلق على الأطلاق وهو جامع شتات العرب ومجمع شعثها ، حتى صارت أمة واحدة تسعى وراء غاية كبرى ، هو الذى يظهورة أينع ثمار الأ مة العربية بعد أن كانت خاملة الذكر فى الخمول ، وكانت أمما متباغصة متفككة العرى مهيضة الجناج : لا جامعها أدبيا أو دينية تجمعها ، ولا شعور قومى يربط أجزاءها المتباعدة المتنافرة قد فرقتها شتى العوامل ،
فمن سياسة أجدادها الخرقاء إلى غارة الأمم المحيطة بها التى كانت تشن عليهم كلا آونة وأخرى إلى جهل مستحكم وحضارة زائفة وقومية متطرفة ، وتزوع دائم إلى نظام البلوة ؛ وعيشة القبائل المتأصلة فى طباعهم أجيالا الى غير ذلك من الأسباب التى لا تخلوا منها تاريخ أمة عظيمة فلما ظهر النور الذى تلألأ بين ظهرانيهم وانبلج فجر الاسلام وشاع سنا هدية ، وامتد ظله الوارف على جزيرتهم وانكشف عنهم دثار الخمول واستنشوا نسيم الحياة وسار ذكرهم كل مسير ، وأطلق كبلهم وارسل وثاقهم وانجلت عنهم الغفوة بعد أن تخر منهم بوائق الدهر وبواتره وتحيفتهم نوازل الأحداث وصدمهم الزمان بكلكة ووطئهم بأظلافة وقصمتهم القواصم ، فأخذت الأمة العربية من ذلك الحين تتحفز للدخول فى كور جديد وليس ىخر من حياتها التاريخية استولدت فيه وحدتها القومية المنشودة وتوحدت فهي كلمهتها المفوقدة فصارت أمة بكل ما فى هذا اللقظ من معنى ؛ فلئن تحصنت بعدئذ شامح الذرا منيه المرتقى يناغى السماء محوف بالمنعة ، ولئن بلغت الذروة العليا وعالى السنام فى الفصاحة والبيان ، فمن ذلك النبع المعين ، السلسبيل العذب وبدهى أن يكون كذلك ، لأنه من قريش ، ولكن اتى لقريش من فصاحة لسانه وعذوبة بيانه واستقامة كلامه وسلامته حتى ما تجد فيه لغوا ولا سقطا ولا عوجا ولا شططا قد برىء من الكلفة وجل عن الصنعة ، فمن غيجاز هو الاعجاز وإطناب يستهوى الأفئدة ويملك الألباب قد أحكم تهذيبه وفاضت عصونه بآيات الموعظة ، وتفجرت من جوانبه فأنىلفطرة قريش من هذه القدرة ؟
فان كانت قريش قد أوتيت فصاحة اللسان وعذوبة البيان شرف اللغة وسلامة اللهجة وسعة الغنى والثروة ، وإن كانت بادية بنى سعد مجال بلاغة وميدان الفصاحة ، فحضرة النبى صلى الله عليه وسلم قد رق كلامه وعذب منطقه فلا فصيح منطبق بدانيه ، ولا خطيب مصقع يباريه ، كلامه قد حف بالعصمة ، وايد بالتوفيق وغشى بالقبول ، وتعطر بعطر المحبة ، جمع له بين المهابة والجلال ، فلا كلام قط أعم منه نفعا وأصدق قولا وأحسن موقعا
وماذا عسى الكاتب أن يكتب فى فضله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الله تعالى فى حقه ( وما ينطق عن الهوى ) ( إنا أرسلناك رحمة للعالمين ) بل بعد أن افاض كلام الله القديم بذكر فضائله حتى لم يدع أى عضو من أعضائه الشريفة صلى الله عليه وسلم حتى ذكره مقرونا بالتعظيم – كما فى الآيات الكريمة – نزل به الروم الأمين على قلبك ( القلب ) فانما يسرناه بلسانك ( اللسان ) ما زاغ البصر وما طغى ( البصر ) قد نرى تقلب وجهك فى السماء ( الوجه ) ألم نشرح لك صدرك ( الصدر ) الذى أنقض ظهرك ( الظهر ) ولا تصعر خدك ( الخد ) ولا تجعل يدك ( اليد )
بل لم يقف الأمر عند هذا الحد فحسب ، فقال تعالى فى حقه لقد جاءكم من الله نور : لقد جاءكم رسول من أنفسكم ، ورفعنا لك ذكرك ؛ فأنك بأعيننا ، فأنك اليوم لدينا مكين أمين ، إنك لعلى خلق عظيم ، وألقيت عليك محبة منى ، غنى اصطفيتك على الناس برسالاتى وبكلامى ، إنى جاعلك للنا إماما ، إنا فتحنا لك فتحا مبينا ، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على نبل قدره وعلو فضله
بربط ! عظيم اتسم بهذه السمات ، وزعيم له هذه الميزات : أيفهمه قوم لا خلاق لهم قد أوتوامن العلم قشورا ؛ حسبنا بهم وصفهم له عليه الصلاة والسلام بأنه عظيم ، عظيم فى كل مناحى حياته من تربية لا فضل لبشر عليه فيها إلى ذكاءطبيعة – إلى سياسة حكيمة – ونظم للحياة الاجتماعية والعمرانية يعجز عن وصفها البشر – إلىعلوم أنست بها حظيرته من تشريع وطب وحكمة وفلسفة ، إلى غير ذلك .
لعمرك أنى لبشر أن يمنح تلك المنح جلها أو كلها ؟ أنى لبشر أن يؤتى جوامع الكلمة ويختصر له الكلام اختصارا ، أنى لبشر أن يفتدى فقراء أمته من لدن ثلاثة عشر قرنا مضت ، أنى لبشر تكون له هذه المعرفة التى اشار اليها فى قوله أنا أعرفكم بالله وأخوفكم منه ، أنى لبشر يكون عينه نورا وعبسه سرورا ، أنى لبشر .... أنى لبشر !!!
هل فهمالمستشرقون أو من قلدهم واحتذى حذوهم – أن الله تعالىقد حرم التقدم بين يديه صلى الله عليه وسلم ورفع الصوت عليه والجهر له بالقوم ، وتوعد فاعل ذلك بحبوط عمله
فهل فهموا أن اللهتعالى حرم على الأمة نداءه باسمه مطلقا فى قوله تعالى ( لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ) أى لا تجعلوا دعاءه وتسميته كنداء بعضطم بعضا بأسمه . نحو : ( يا محمد ) أو بكنيته نحو يا أبا القاسم ، ورفع الصوت عليه والنداء من وراء الحجرات ، بل قولوا : يا رسول الله يا نبى الله ،وعظموه يعظكم الله ، وإذا ذكرتم اسمه أو كتبتموه فى كتاب عنطم فاقرنوه بما لقبه الله له ، هل أدركوا مغزى محاطبة الله تعالى له بيا أيها المزمل ، يا أيها المدثر ، يا طه ، يا يس ، الى غير ذلك من سمات التقديس ، ولم يخاطبه بيا محمد .
هل فهموا حكمة اختبائه فى غار ثور هو وصاحبه رضى الله تعالى عنه ، ومشيه على أطراف أصابعه حينما أدركه قومه يريدون ليطفئوا نور الله
أتراه كان خائفا يترقب غيلتهم – وقد علم أنه محمد رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين – ألم يكن الله سبحانه وتعالى وقتئذ قادرا على أن يرسل اليه جنودا لا نعلهما ولا يروها ، تحمله من مكة إلى المدينة فى أقل من طرفة عين ?
هل فهموا حكمة ما كان يأتيه أحيانا من مقتضيات البشرية حتى لا ييفتتن به أصحابه ولا قومه فيتخذوه إلها من دون الله ، كما أتخذ اليهود نبيهم ( عزيزا ) والنصارىالمسيخ بن مريم ?
فهل فهموا سر مؤاخاته بين المهاجرين والأنصار وتوطيد صلات الأخوة بين الأوس والخزرج حتى توحدت قواهم واندمح بعضها فى بعض وانصرهت فى بوثقة الاسلام فصارت كتلة قوية متماسكة تشعر بشعور واحد وتعمل لغاية واجدة وترمى الى مقصد واحد – وهو نشر كلمة الوحيد وبث روح العدل والمساواة :
فهل فهموا مبلغ سماحته فى تحديد العلاقات بين المسلمين وأهل الكتاب تحديدا صريحا واعترافه لهم بأنهم أمة مستقلة ، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليم مالم يخونوا عهد الله وميثاقه – الأمر الذى جعلهم يأتونه أفواجا افوجا خاصتهم وعامتهم معترفين له بالفضل ، مقريين لله تعالى بالوحدانية وله بالرسالة حتى آمن سوادهم
فهل فهموا معنى قوله صلى الله عليه وسمل لما نزلت عليه آية الشورى ( وشاورهم فى الأمر ) فقال : أما إن الله ورسوله لغنيان عنها ولكن الله جعلها رحمة لأمتى فمن شاور منهم لم يعدم رشدا ، ومن ترك المشاورة منهم لم يعدم غيا
هل فهموا أن الصلاة عليه الصلاة صلى الله عليه وسلم من الله تعتبر قديمة لا حد لها ، كما أنه ليس لقدمه تعالى حد محدود ?
هل فهموا مقصده الأسمى وغايته النبيلة من قوله لبنى عبد المطلب – إن الرائد لا يكذب أهله – والله لوكذبت الناس جميعا ما كذبتكم ، ولو غررت الناس جميعا ما غررتكم ، والله الذى لا غله إلا هو إنى لرسول الله إليكم خاصة وغلى الناس كافة – والله لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما تستيقظون ولتحاسبن بما تعملون ، ولتجون بالاحسان إحسانا ،وبالسوء سواءا : إنها لجنة ابدا ولنار ابدا .
هل فهموا السر فىهجرته من مكة إلى المدينة والتجائه إلى غار ثور ، وتعجيله الرحيل ، تخفيه وصاحبه ،وتكليفه ابن عمه أن يرد الأمانات الىأهلا ؛ واصطحابه الدليل واتجاهه الى عسفان ، ثم القصيمة فرابغ فالمدينة فقباء ، وتزوله ضيفا على ( مكتوم ) بن الهرم وتأسيسه مسجد ( قباء ) الذى هو أول مسجد فى الاسلام وصلاته أول جمعة بالمدينة وخطبته البليغة التى هى منار الخطباء
كل هذا ما فهموه ، ويعيد عن أذهانهم أن يفهموا هذه المعانى وما أوتوا من العلم الا قليلا
فاذا عرفنا نحن معشر المسلمين ذلك بما توراثناه عن أسلافنا وبما فطرنا عليه ، أفنفتن بهولاء الذين لا يكادون يفقهون حديثا ، وما غايتهم إلا أن يشتروا به ثمنا قليلا من عرض الدنيا ، ويلبسون على ضعاف العقول الحق بالباطل ، ويموهون عليهم أنهم يحسنون صنعا ( الله أعلم حيث يجعل رسالته )


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 38 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط