اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm مشاركات: 6125
|
فراسة حاكم معاصر
ومن هذا القبيل حوادث كثيرة لباشا مدينة فاس بالمغرب المدعو محمد البغدادى الذى توفى من عهد قريب وذلك الرجل كان جاهية وكان على جانب عظيم من الدهاء والذكاء وقد كانت حل قضاياه وأحكامه مبنية على الفراسة ، ولقد شهدنا له حوادث كثيرة نذكر منها حادثة له مروعة وقع فى بعض أحياء المدينة جناية كان القاتل فيها مجهولا فلا عرضت هذه القضية على الباشا المذكور فكر مليا ثم ما لبث ان صرف الحاضرين وقال اتركونى فتركوه – فلما كان فى غد ذلك اليوم بكر إلى ديوانه على العادة فى ذلك فلم يمكث فيه قليلا حتى خرج منه وكانت عادة غير مألوفة إذ لم يشهد أهل فاس مغادرته الديوان إلا فى ميعاده للعلوم فصار الناس يتساءلون عن هذه المغادرة فى تلك الساعة ولما يمضى وقت يذكر بعد مرورن عليهم لكن احدا لم يتجاسر الكلام فى هذا لأنه كان ذو بطش وله هبة فى القلوب وروعة من شدته وبطشه فى بعض الأحيان فلما غادر الديوان علىتلك الهنيئة ركب جواده وصار يعدو به عدوا سريعا وينهب الأرض نهبا والأعجب من ذكك أنه لم يسمح للحرس الخصوصى متابعته كالمتبع إجراؤه بل سار بمفرده وسرعان ما ولج ذلك الحى الذى وقعت به تلك الجناية المجهولة فاملها فذهب من ساعته إلى مؤدب صبيان ( معلم أطفال ) فلما رآه ذلك المؤدب ارتع وانهلع قلبه فسكنه ثم طلب منه قراءة الفاتحة وتلك كانت عادة عند أهل فاس لمن رام منهم حاجة من حوائج الدنيا فيها شىء من التعسير كأنهم كانوا يعتبرون هؤلاء المؤدبين أهل تقديس وبركة وهم كذلك لحملهم كلام الله تعالى فى صدورهم وكان البغدادى باشا أراد بما فعله التموية على ما جاء لأجله حتى لا يفطن أحد فلما قرأ كلاهما الفاتحة رجع إلى ديوانه ثم أمر بالعيسس أن يذهبوا إلى ذلك الحمى يأثونه بذلك المؤدب طوعا أوكرها فأرجف الرجل وأرعد وأزبد فلما قدموا به لاطفه الباشا وقال له حينما فارقتك وذهبت من عندك من جاءك بعدى من أهل ذلك الحى قال فلان وسماه له قال له ما الذىقاله لك قال إنه سألنى عن سبب قدومك ، قال فاذهب إلى حيث أتيت – ثم بعث العسس فاتوه بهذاالرجل الذى سماه له المؤدب مكبلا فقال له فلم قتلت هذا الرجل ؟ ثم أخذ يجرى معه التحقيق حتى اعترف بجريمته فاقتص منه وله من أمثال هذه الحادثة كثير يعرفه عنه أهل بلدته حتى عدوا موته خسارة رغم تجبره وعتوه
|
|