موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة رضى الله تعالى عنه
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 19, 2018 4:03 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112

اشتغال أبى حنيفة بعلم الفقة



نشأ أبو حنيفة – رحمه الله – فى أخصب البيئات العلمية ، وأزهى العصور الاسلامية ، فى الوقت الذى استقدم فيه بنو العباس اعلام العلماء من الحجاز إلى العراق لنشر السنة ، وتوسيع دائرة البحث العلمى ، حتى استبحر العلم فى العراق ووصل إلى ما لم يصل إليه فى بلد آخر ، ولما اتجهت نفس الامام إلى الاشتغال بالعلم اختار علم الكلام ، وتغلبه عليه ، ما ذكر فى مفتاح السعادة ومصباح السيادة ، فى موضوعات العلوم للمولى أحمد بن مصطفى المعروف بطاش كبرى زاده قال : ( روى ) أن دهريا من الروم ناظر علماء الاسلام فأفحمهم إلا حمادا ، وكان الامام إذ ذاك صبيا ناشئا ، فخاف حماد إن هو ناظر الدهرى أن يلزمه الحجة فيهون أمر الاسلام ، فنام ليلته فرأى أن خنزيرا أكل شعب شجرة وفورعها وما بقى إلا أصلخا فخرج من أصل الشجرة أسد فقتل الخنزير ، فلما اصبح ذهب إليه الامام ليزوره فرآه مهموما مغتما من اجل الدهرى ولهذه الرؤيا التى رآها فى منامه ، فقال له الامام – الحمد لله – الخنزير هو ذلك الدهرى الحبيث ، والشجرة العلم ، وفروعها غيرك من العلماء ، وأصلها أنت ،والاسد أنا ، وسأقهر الدهرى بعون الله تعالى ، فذهب الامام مع استاذه – رحمها الله – إلى الجامع ، قائلا : هات كلامك ، فتعدب الدهرى من جرأته ، ثم قال : كيف يمكن أن يوجد شىء لا أول له ولا آخر له ؟
فقال الامام : هل تعرف العدد ؟ قال : نعم ، قال : : ما قبل الواحد ؟ قال : هو الأول ليس قيله شىء ، فقال : إذا لم يكن قبل الواحد المجازى اللفظى شىء ، فكيف يكون قبل الواحد الحقيقى ! ! ! قال الدهرى : فى اية جهة وجهه وكل شىء لا يخلو عن الجهات ؟ قال الامام : إذا أوقدت السراج فألى أى وجه نوره ؟ قال : تستوى لنوره الجهات ، قال : إذا كان هذا حال النور المجازى المستعار ، فكيف بنور السموات والأرض الباقى الدائم ! ! ! . قال الدهرى : فى أى مكان هو ، وكل موجود لا بد له من مكان ؟ فأتى الامام بلبن ، ثم قال للدهرى هل فى هذا اللبن سمن ؟ قال : قال : نعم ، قال فى أى مكان منه ؟ قال : لا يختص بمكان دون مكان ، فقال إذا كان حال الحادث الزائل هكذا ، فكيف حال الباقى الدائم خالق الأرض والسماء ! ! ! . قال الدهرى وبماذ يشتغل هو ، فقال له الامام : سألت هذه الأسئلة وأنت على المنبر وأجبتك عنها وأنا على الأرض ، والآن أنزله إلى الأرض ؛ وأصعد أنا المنبر ، فنزل الدهرى ، وصعد الامام ، وقال : إذا كان على المنبر مشبه مثلك أنزله ، وإذا كان على الأرض موحد مثلى رفعه ( كل يوم هو فى شأن ) فبهت الذى كفر
من هذه المناظرة التى تعرض لها أبو حنيفة فى الوقت الذى كان يخشاها فيه أستاذه حماد ، ومن هذه الاجابة السديدة التى كان يفحم بها خصمه نفهم أن الامام كان ذكى الفؤاد ؟ حاضر البديهة ، حاد الذهن ، لذلك لم يقتصر على الاشتغال بعلم الكلام ، بل صرف عنايته إلى علوم الدين كلها ، فأتقنها ، وحذقها ، ومهر فيها ، وما هى إلا أنتقدمت به السن قليلا حتى أصبح رجلا من رجالات العلم ، يتحدث إلى العلماء ، ويروى عنهم ثم يعلم الناس فيأخذ الناس عه ، ويذكر أصحاب طبقات الحنفية من أسباب اشتغال أبى حنيفة بالفقه أنه جاءت ارمأة إليه وهو يدرس لأصحابه علم الكلام ، وكانوا يجلسون قريبا من حلقة حماد بن أبى سليمان ، فسألته عن رجل اراد أن يطلق زوجته للسنة كم يطلقها ؟ فلم يحر جوابا ، وأمرها أن تسأل حمادا ثم ترجع فتخبره بما اجابها به ، فلما سالت حمادا قال : يطلقها وهى طاهرة من الحيض والجماع تطليفة ثم يتركها حتى تحيض حيضتين ، فأذا اعتسلت فقد حلت للأزواج ، فرجعت المراة فأخبرت الامام بذلك فقال / لا حاجة لى فى علم الكلام ، وجلس إلى حماد يسمع منه مسائل الفقه ومكث تلميذا له ثمانى عشرة سنة ، روى الخطيب عن زفر بن الهذيل ، قال : سمعت أبا حنيفة يقول : جلست إلى حماد فكنت أسمع مسائله فأحفظها ، ثم يعيدها من الغد فأحفظها ؛ ثم يعيدها من الغد فأحفظها ، ويخطىء أصحابه فقال : لا يجلس فى صدر الحلقة بحذائى غير أبى حنيفة ، فصحبته عشرة سنين ، ثم نازعتنى نفسى طلب الرياسة ، فأحببت أن أعتزله ، وأجلس فى حلقة لنفسى ، فخرجت يوما بالعشى ، وعزمى أن أفعل ، فلما دخلت المسجد ورأيته لم تطب نفسى أنأعتزله ، فجئت فجلست معه ، فجاءه فى تلك الليلة نعى قريب له قد مات بالبصرة وترك مالا ولا وارث له غيره ، فأمرنى أن أجلس مكانه ، فما هو إلا أن خرج حتى وردت على مسائل لم أسمعها منه ، فكنا أجيب وأكتب الجواب ، فغاب شهرين ثم قدم ، فعرضت عليه المسائل وكانت نحوا من ستين مسئلة ، فوافقنى فى أريعين . وخالفنى فى عشرين ، فآليت على نفسى ألا أفارقه حتى مات فكانت صحبتى له ثمانى عشر سنة ا هـ .
فهذه المدة من حياة أبىحنيفة – رحمه الله – مدة اشتغاله بالفقه كانت الناحية الخصبة ، ناحية الفقيه الامام الذى علم الناس علوم الفقه ، واشتهر وعرف بأنه إمام أصحاب الرآى ، وفقيه اهل العراق ، الذين كانوا يرون الاجتهاد فى الدين ، وأن يقولوا فى احكام الحوادث التى تعرض لهم بما يرون إذا لم يجدوا نصا من الكتاب أو السنة ، أو رأيا موروثا من الصحابة ، فكانت القاعدة عند الامام الأعظم فى الفقه أن يأخذ بالأحكام إذا ورد بها نص قرآنى ، فان لم يوجد نص فى القرآن الكريم أخذ بما يرد فى أحاديث حضرة النبى صلى الله عليه وسلم ، فاذا لم يصح عنده حديث ، أخذ بما يعلم من أمر اصحابة ، فاذا لم يرد نص فى القرآن ولا فى السنة نولا فيما أفتى به الصحابة كما يقول الآن أجتهد برأيى ، فهو إذن يقيد نفسه بالقرآن ثم بالحديث ، ثم بحك الصحابة ، ويرى أن غير هؤلاء الصحابة من المسلمين ليس بينه وبينهم فرق ، يرى كما يرون ، ويرد رأيهم فى غير حرج ، وقد أسلفت الكلام على هذه القاعدة قاعدة أهل الرآى

( يتبــــــــــع )




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 21 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط