موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: 27- المستفاد من العلماء والأولياء
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين أغسطس 28, 2017 1:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114


32 – الشيخ العطار



( توفى ) فى هذه السنة 1250هـ -1834م ( أبو السعادات ) العلامة المحقق حسن بن محمد بن كنون الشافعى الشهير بالعطار صناعة ابيه المغربى الأصل السيوطى الأقامة شيخ الجامع الأزهر أحد العلماء الأعلام وممن جمع بين العلوم الشرعية والعلوم الكونية وتبحر فيها وهو من عائلة مغربية من مدينة فاس بالمغرب الأقصى تعرف بكنون وغرب والده من فاس الى مصر فتدبرها واحترف بصناعة العطر وبيعه ( وولده ) المترجم له بالقاهرة فى سنة 1190 – 1776 ولم يقع أشركه ابوه معه فى عمله ولم يتوجه به الى طلب العلم فامتثل ارادة ابيه على تكه وتخوف وكان كلما سنحت له فرصته تسلل الى الأزهر للتعليم ، ولما علم ابوه بميوله الى العلم لم يمنعه ذلك وساعده على طلب العلم فأخذ ينهل منه حتى أرتوى فأجيز فى سنة 1223 – 1808 ، وارادت مشيخة الأزهر ان تصدره فى التدريس بعد اجازته ليعلم الطلبة والمجاورين بالأزهر فأبى وسافر الى الحجاز فى السنة التالية ، وقفل بعد منصرفة من الحج الى حيت بيت من المرحلة والجوابان فى طلب العلم والاستزادة منه وملاقاة العلماء واستجازتهم فرحل الى بلاد شرق الأردن وزار عاصمتها عمان وغرب منها إلى جدون وزار مشاهدها المقدسة ولقى علماءها وانساب منها الى القدس فأنزله نقيب اشرافها منزلا كريما – واجتمع على علماء بيت المقدس فاستجازهم واستجازوه وسمعوا عليه دروسه فى البيت المقدس ، ثم سار من القدس إلى الديار الشامية فزار عاصمتها دمشق والتقى بالعلماء وسمع منهم وسافر منها إلى بيروت ومنها إلى العراق ثم زارد بلاد الروم والأناضول والآستانة وصار يتنقل من بلد لآخر طلبا للعلم ورغبة فى الاستزادة منه والتحصيل حتى اصار إلى أسيوط من مصر فتديرها وصار يتردد منها إلى القاهرة وقد أشار إلى رحلة وتنقلاته فى البلدان فى انشائه ص 152 بقوله:
( ولما ) نزحت عن الاوطان وترامت بى البلدان وفارقت الاخوان والخلان وتباعدت عن السكن والجيران أخذت اتنقل من بلد الى بلده واتقلب فى اطوار السفر من سرور الى تكدة أجوب أرضا بعد أرض بين رفع وخفض نوترحال وضيق وبسط حتى لاح لى وجه الرجاء بعد القنوط واتخذت بلدة أسيوط فشاهدت أحسن بلد بها يلهوا الوالد عن الولد منزل فسيح وهواء صحيح ، فلما نظرت الى ذلك الحسن ذهب عنى ما أجده من الحزن وأتحت الرحل عجلا وقلت مرتجلا

سفيا لأسيوط ذات الظل والشجر ومربع اللهو واللذات والرفض
منازل بصنوف العيش عامرة يلهو النديم بها فى مشتهى العطر



( ولما ) عاد الشيخ العطار الى مصر اخذ يتصدر للتدريس بالأزهر ، فقرأ فى التفسير البيضاوى وكانت الهمم قد رغبت عن دراسة وحصر طويلا وقل من العلماء من يرغب دراسة فتقاطر العلماء لسماعه وأحاطو به ، فكان يقرأ لهم فيه قراءة لم يتعددوا سماعها من الشيوخ الذين تقدموه حتى أتم ، ثم أخذ فى دراسة المطولات من المنقول والمعقول حتى شحذ الأذهان ومنه إلى علوم كانت زويت وحرم منها الأزهر وطلابه ( وتسامع ) علماء الأقطار الشرقية بالشيخ العطار فكانوا يقرون الرحلة اليه واستجازه كثير منهم بالمراسلة والمكاتبة واستجازه من المغرب الأقصى جماعة منهم كاتب سلطان المغرب العلامة سيدى العربى الدمناق وقد نعته فى كتبا استجاذته بقوله :
فيارب الذكاء الرائع وحامل العلوم التى سد بها الزرائع والمطيل بلسانه فى حفظ علوم الشرائع والمستولى على المعرفة والفقه والفرائض ومذلل جناح الأصول اذا لم يزل لها رائض واستاذ العربية والحساب وخائض بحر المنطق الذى اكتسب به الادراك اى اكتساب

ايا من خاض فى الآداب بجرا خصما لم يخض احد مجازه
ويا من بالبيان آتى وابدى حقيقة من أبان به مجازة
يراعك راع اهل الكتب لم لا وكتبك كعبة تبدى حجازة
فجد لى يا ابن عطار بسؤلى وسؤلى من جلالك لى اجازه
وقد أجابه الشيخ العطار بما تيم عن أدب وجم فى قصيدة :
وبعد قانى لنائك ملبى * يا من اخذ بمجامع مع قلبى ولبى * واقف موقف الوجل * مخافد الخجل
طلبت اجازة منى وانى * لحافى الرجل فى هذى المفازه
ومالى ان منعتكها اقتدار * وما لى ان منحتكها اجازه
وكيف اجوز فى ميدان قوم * حقيقة فضلهم ارجو مجازه
وكل منهم علم جليل * له فضل الى العليا اجازه
لهم فى كل فن فضل سبق * ومثلى ما له فيه حيازه
وما انا مصلت سيفا كهاما * لدى فهم اذا سلوا جرازه
وانت اجل مولى انا اتاه * دعى الفضل فتشه ومازه
ونقدك للكلام اجل نقد * به يكسى من الحسنى طرازه
فكيف اسوق نحوك غث قولى * وقولها ليس يخلو عن حزازه
ولكنى قبولك ارتجيه * تسر به وتغتنم انتهازه



( وكان الشيخ العربى المذكور قدم مصر حاجا ، فالتقى به صاحب الترجمة ، كما اشار الى ذلك بقوله ( قدم ) علينا بالقاهرة بعد اداء الحج ، قدوم الضيف على المحل فأحيا كل ريع وقج وتلاقى مع فضلاء بلادنا وعلماء مصرنا وتكلم فى أنواع الفنون ببديع بيان فى للعقل فنون ومامنهم الا بقدر اعتررف وفى بحر فضله اغترف
وكان الفقير ممن تشرف بملاقاته وورقف من بحر فضله على ساحاته وكاتبنى وكاتبته وساجلت وساجله واجاذنا أطراف الكلام وان كان قد جاء بالزهد وجئت بالتمام فرأيت فى الافاق الكامل والعرفان الشامل فلله هو من امام فى كل فن وهمام للمعارف أنفى ( وكان ) الشيخ العطار فى مصر بعد ذلك مطاف المرحل والجواب من علماء الشرق والغرب واجتمع عليه بالقاهرة أفواج من الفرنجة ممن يبحث منهم فى العلوم الاسلامية فكان الواحج منهم لا يجد فى علماء العصر ملجأ يفزع إليه فى حل ما أعرض ليه من المشاكل التى لم يتفهمها الا صاحب الترجمة وكان يفسح لهم صدره ويتباحث معهم مبينا لهم كا ما اشكل عليه وعجروا عن فهم من العلوم مساعدا لهم فى كل رغباتهم واستطاع الشيخ العطار من كثرة اجتماعتهم وتررددهم عليه ان يحذق لغتهم فكان يتكلم الفرنسية والانجليزية الى جانب ما تعلمه من اللغات الشرقية الأخرى أثناء تجوله .
( وكان ) رحمه الله تعالى قد أعطى القبول من الخاص والعام وأحبه كل قاص ودان منهم وبعد ذلك وكان ذكيا حاضرا الذهن وضرب بذكائه المثل الأعلى ( يقول الشيخ شهاب شاعر الوقت ) أن الشيخ العطار كان آية فى حدة النظر وشدة الذكاء كان يزورنى ليلا فى بعض الأحيان فيتناول الكتاب الدقيق الخط الذى تعسر قراءته فى وضح النهار فيقرأ فيه على نور السراج وهو فى موضعه وربما استنارنى من الكتاب فى مجلدين فلا يلبث عنده الا اسبوع او الأسبوعين ويعيده الى وقد استوفى قراءته وكتب فى كرره على كثير من المواضيع .
( وكان ) محمد على يحبه ويجله ويحترمه لعلمه وادبه ونزاهته وشهرته ) ولما ) توفى الشيخ الدمهوجى فى سنة 1246 – 1830، أختلف العلماء فيمن يولونه شيخا على الأزهر ، ومبلغ محمد على باشا خلافهم ،وكان من شأنه لا يتدخل فى شؤون مشيخة الأزهر ويتركها لاختيار العلماء ، لكنه اختار صاحب الترجمة وأبان له وجه تدخله فارتاحوا لذلك ، وصدر البيورلدى ( الأمر ) بتعينه باجماع آراء كبار العلماء ورغبتهم ، ونشرت الوقائع المصرية خبر تعينه فى العدد 276 بتاريخ الشرين من شوال بما نصه :
( فى اليوم الرابع من شهر شوال تولى مشيخة الجامع الأزهر الشيخ حسن العطار من أكابر العلماء بدلا من المرحوم الشيخ أحمد الدمهوجى شيخ الجامع الأزهر المنتقل إلى رحمة الله تعالى ( واصدر ) محمد على باشا مرتبه السنوى إلى مائة وخمسة وعشرين من الجنيهات ، وهذه أول مرة يصدق فيه مرتب الجامع الأزهر الى هذا القدر العظيم ، وعلى أثر توليته أخذ العشراء يمتدحونه بالتقصائد الحان وارخ الشيخ درويش تاريخ توليته فى هذين البيتين )

أنت السادة سهلة منقاوة لامام هذا العصر أو صددناالزمن
والعد ساعدها وقوى عز مها والفضل أرخ شيخ ار



ثم أخذ الشيخ العطار يتوجه بالأزهر الى الأوج ، فأول ما بدأ به تنظيم الدراسة فيه بنظام أحكم وأوسع مدى كانت عليه من قبل وكان من اهم ما ادخل على برامج الدراسة درساة العلوم الكونية كالحساب والرياضة والفلك والفلسفة والهدسة والطب وغيرها من العلوم والفنون ، فكانت مدة مشيخته اشبه شىء بمدة سلفه الشيخ محمد بن عبدالمنعم الدمنهوجى المتوفى بعد ولادة الشيخ العطار بعامين وكانت قد ركطت هله العلوم وقصرت الهمم عن تحصيلها بعد موته إلى أن أعادها سيرتها الأولى صاحب الترجمة فصار الطالب فى الأزهر يقرأ مع كتب التفسير والحديث والفقه وغيرها من علوم الشريعة وسيلة ابن الهائم والمعدلة له فى الحساب ومنظومة الياسمينى فى الجبر ووقائع الحقائق فى حساب الدرج
والشيخ العطار هو أول من أدخل علم التوثيق فى الأزهر إذ نظر فوجد الموثقين فىالمحاكم من العامة ومن الدهماء لا يحسنون المتوثقاتالشرعية وليس لهم من حظ فى العربية فكانت توثيقاتهم أبدا مشوهه فأحب الشيخ العطار أن يمحوا هذا العار عن المحاكم المصرية فوضع كتابه التوثيقات الشرعية لطلبة الأزهر وأدخله فى برامج التدريس واقترح على محمد على ان لا يوجد موثق فى المحاكم الا من طلبة الأزهر ممن تخصص فى هذا الفن فحسنت التوثيقات الشرعية وسلمت فى الخطأ والخطل .
( وألف الشيخ العطار مؤلفات شتى فى العلوم بشقسيها والعلومالكونية ( فمن ) مؤلفاته شرح المقولات المسمى بالجواهر المنتظمات للسجاعى ، تقارير على كتاب ارسطو طاليس – حاشية على لايته الافعال فى الصرف – تقريرات وتقاييد على حمع الجوامع فى الأصول ، تقارير على تفسير البيضاوى ، رسائل فى الطب والفلسفة والهندسة والحساب والفلك والميقات والجبر والمقابلة ، والطبيعة وله كتاب رحلته ويقول المرحوم رفاعة بك الطهطاوى وجدا بخطه هوامش جليلة على كتاب تقويم البلدان لأبى الفداء وهوامش على طبقات الأطباء لأبن أبى أصبيعة ، قال وكان يطلع دائما على الكتب المصرية من تواريخ وغيرها وكان له ولوع شديد بسائر المعارف البشرية مع غاية الديانة والصيانة وله مشاركة فى كثير من هذه العلوم
( ولما ) وضع الشيخ العطار حاشيته على شرح التهذيب فىعلمى المنطق والكلام وتناولتها ايدى العلماء فى الأمصار كتب اليه عالم المغرب الشيخ الدمنانى واتم ببارىء النسم وهو ابر النسم انها محواش تتبنىء عن خفايا المعانى بأضواء شهاب وقطغى بعذوبة ألفاظها نار التشوق وهى فى توقد والتهاب كيف ومؤلفها واسطة العقد الميمنى والفاضل الذى تلقى راية الدراية باليمنى .. ملاك الأوطار فى طبقت محاسنة الأقطار أبو على سيدى حسن بن محمد العطار ( واشتهر ) الشيخ العطار بالأدب وله منظومات ومنثورات فى غاية الاجادة جمع الكثير منها كتاب انشائه المطبوع فى مطبعة الجوانب بالقسطنطينية فى سنة 1299 – 1881 يشتمل على ثلاثة انواع وخاتمة والقسم الثانى منه فى التوثقات الشرعية مما كان يلقنه لطلبة الأزهر ويدل إنشاؤه على شيوخه فى فن الأدب الربيع ( ومما ) ورد من نثره فى وصف القدس قوله :
( وأما ) بيت القدس ومحل الأنس فقد لاق بى سكناها وتجل على سناها وطاب مأواها ومرعاها ، فلا يمثل نفسى لية سواها

بلد طاب لى الأنس به حينا وصف العود فيه والأبداع
فسقت عهد العهد وأروت منه تلك النوادى الانداء



تتجلى بمشاهدة حرمه الشريف همومى وتزول غمومى وينشرح صدرى وتصفو مرآة فكرى وتعذب مواردى وتحمد مصادرى ومواردى ناهيك برقة نسيم ومرأى وسيم وعيش عهده عند ذميم وكأن ساكنه فى جنات النعيم

اضواءه طيف المنا وهواؤه يشتاق الولهان ع الاسحار
والطبع معتدل فقل ماشئته فى الظل والانهار والازهار


أقمت فيه زمانا كأنه لقصره ساعة وكان الشمل بالأحباب مجتمعا فأبى الدهر الا انصراعه فبنت بالرغم عنها وكانت جنتى فخرجت منها
وفرق بيننا ومصر شؤون له ولع بتفريق الجموع
فأصبحت سليبا لذلك العيش النهى وندمت ندامة الكسعى ثم أخذت اتذكر حسن زمان مضى وعيش بالسرور قد انقضى ، وعهد لنا بذات الفضا ، افرءت عنه بالرغم الا الرضا
والأمر يطول شرحا فاعرض عنه صفحا ، واطوى كشحا ، وأنتظر من كرمه سبحانه فتحا ، ومن فيض احسانه منحا فليس ثم الاالتذرع بالعبد الجميل والا لتجاء اليه سبحانه فانه نعم النصير والكفيل

من حط ثقل همومه فى باب خالقة استراج
ان السلامة كلها حصلت لمن القى السلاح



وها أنا قد القيت سلاحى ، ولويت رأسى تحت طى جناحى ، منتظرا عوائده الجميلة ، مرتقبا مواهبه الجليلة إذ قد عود فى فى السابق الاحسان ، وقلد فى قلائد الامتنان ، وهواطرم الكرماء ، المتفضل بجلائل النعماء ، فلا تسطع عنى عوئده ، ولا يخفى ان أقتحم موائده

من بعد ان بلغت سن الأربعين بفضله فى نعم ورخاء
تمضى البقية هكذا فى شدة حاشا وكلا ان



( والشيخ العطار ) فى هذا المنظوم والمنثور يشكو سراءه وضراءه وحياته فى عهد والده وحياته بعد موته وانزواء الدنيا عنه وحسن ظنه بالله تعالى ، وقد تحسر لجلائه عن الأرض التى أحبها والبلد الذى عشقه وهوى به ( وقد ) أجاب الله سبحانه وتعالى ملقه حيث أقبلت عليه الدنيا بعد مقدمه مصر وجمع الله سبحانه له الحسنيين ( والى ) كفاف عيشه وانزوائ الدنيا عنه يقول ( ولقد شغلنى تطلب كفاف العيش عن ارتكاب الخلاعة والطيش وقنعت من الزمان بهذه المنحة وأرحت نفسى من التطلع الىغيرها فالعمر وان طال كلمحة والعاقل من صرف همته لتكميل نفسه بانواع المعارف وجعل يقينه استفادة عوائد المعارف اذ كمال النفس الانسانية بانواع العلوم لا يحسن الملابس والمشارب والطعوم فمن جعل ذلك فى الدنيا يغنيه وصرف اليه عمته فنما كانت عناينه يتدبيره جسم لا بتكميل روحه التى هى مناط شرفه وكرمه فتجاوز حد العرفان فانالمرء بالروح لا بالجسم اسنان ومن صرف عن الدنيا أمله ورضى منها بما يقيم به ويصلح عمله وأكب على تحسين باطنه غير ميال بتحسين الظاهر عاش فيها رغدا غير مشغول البال ولا مكدر الخاطر .

وما هذه الدنيا بدار اقامة ولكن طريق للمسافر للعلا



ومالى وللتشبث بها وآمالها والدلوج فى غمرات أهوالها والتورط فى مخاوفها والاغترار بزخارفها وقد التجم لجتها ناس قبلنا فبادوا بصفقه مفبون وعيشه محزون وضروب من الفنون وخرجوا منهاكما دخلوا وفارقوها وارتحلوا وفى نقد الاشياء بينن الاستبصار وتأملها تأمل ذى اعتبار علم يقينا ان الكفاف كافى وما يسد الريق من الدنيا وافى ، والزيادة على ذلك تعب وعنا وانخداع بسراب المنى ولقد حليت الدهر اشطى ورأيت أخضره واغبره فاذا هى الأيام من صابرها ظفر ومن عاندها خشروا وان حيث المشارق والمغارب وقطعت البرارى والسباسب ، واقتحمت لجج البحار الزاخرة وتجشمت تلك المشاق المتكاثرة فلا أحصل الا الرزق المقسوم والعيش المقدر العلوم على ان الطامح ببصره الى الرقية العيا والجارى مع النفس طلقا فى كل ما يتمنى مع رجوع الدهر القهقرى ومنه ال ىوراء قد تكلف ما لايستطاع واغتر بسراب لماع وافى العمرء الوصول الى الأمل ومقابلة زمانه له بالمسرة والجذل والدنيا طبعها الغدر وشرابها الكور

طبعت على كدر وأنت تريدها صفوا من الافذائ والافذار
ومكلف الأيام ضد طباعها متطلبى فى الماء جذوة نار



ووكلما باء ذو أدب من دهره بصفاء ، وعاملته ايامه بصداقة ووفاء حتى لقد ضرب المثل بعيش الأديب وان زمانه زمن عصيب ومن نظر فى التواريخ علم صدق هذا المدعى وان الدهر ما وفى لصاحب فضله وحقه رعى ، والدهر دهر الجاهلين وأمر اهل العلم فاقر ، لا سوق اكد فيه حسن سوف المجالس والدفاتر والصر اولى عند تصادم الاهوال والحمدلله على كل حال
( والشيخ العطار ) فى هذه المقامة الأدبية التى كشف بها حاله وشرح بها مالقيه فى حله وترحاله ، قد وصف الدنيا وسف وأبان ان الغنى ليس بالمال وانتمت سعادة اخرى يسعى اليها طلابها ثم شرح بالتالى حال كشفه عن سر خطير فى خصر محمد على فيبنى ماكانت عليه العلماء من الفقر والفاقة اذاهم لم ينزلقوا الىمحمد على ويقروه على مظالمه وبالتالىيبين لنا عزوفه عن مظاهر ما أثرت فيه صنائع محمد علىمن علماء الأزهر وشيوخه وكف يده عن أن يمدها الى غير ماربت له ثم يبنى فساد العصر وجهل اهله وما بالناس من مخاول وان الثراء ان لم يأت عن طريق العزة والكرامة فهو وباء
( والشيخ العطار ) لم يقبل مشيخة الأزهر لهذا المال الذى رتب له انما قبلها ليصلح النفوس ويصعد بالأزهر وطلابه الى القمة فى حدود حفظ كرامة العلم وتقديس العلماء وان الزج بهم مقابل السحت عار و
( ثم ) شرح الشيخ العطار حال الأدباء فى مصر ورخص الأدب فيها واملاق المحصلين له والمشتغلين به ، وأشار الى صحائف التاريح الملاى بأخبار المغلوكين من حملة العلم والأدباء مما جمع له ابو العباس احمد بن على الدلمى الحمدى من مفلوكة أدباء الفنون الالثامن الهدرى كتابه ( الفلاكة والمفلوكون ) وفيه طائفة من العلماء والأدباء ممن زويت الدنيا عنهم واملقوا املاقا شديدا وقد ملآوا الدنيا علما
( وللشيخ العطار ) مقامة أخرى يصف فيها البلاد الرومية التىجابها وجاس غ لالها يقول فيها رأيت بها ما يملأ العين قرة وعليه عن الأوطان كل غريب فيها قدم أخبار ذووهم كبار ابطال حرب وطغى وضرب يتقلبون بين افراء ضيف واهمال سيف لهم فى المعالى معهم عوالى ومقام معروف وعزم موصوف ولحكام بلادهم ورؤساء أمجادهم حسن سياسة وفضل رياسة وبذل مال ولين مقال موائدهم لكل قادم مضوبة وعوئد برهم لكل طالب مرغوبة فهم امراء الكرام وكرام الامراء ولا ينفكون من نار الوغى الى نار القراء فمامنهم منأحد الا ولهمك سيف مسلول وما لطلاب الحوائح مندول وجاه عالى وعز ضرب شرادقه بين الصوارم والعوالى

هم القوم ان قالوا أصابوا وان دعوا
اجابوا وان اعطوا اصابوا واجزلوا
ولا يستطيعوا الفاعلون فعسا لهم
وان أحسنوا فيما أتوه وأبسلموا
إلى آخر ما ذكره بشأنها فى أنسائه ص (175 – 176 )



( وكان ) الشيخ العطار بمصر لا يخالط أقرانه الا بقدر الحاجة اليه واليهم وكانت اقامته بالأزبكية وله فى وصفها بيات ومقامة يقول فيها
( وأما ) بركة الأزبكية فهى مسكن الأمراء وموطن الرؤساء قد أحدقت بها البساتين الوراقة الظلال العيديمة المثال فترى الخضرة فى خلال تلك القصور المبيضة كثياب سندس خضر على أثواب من فضة يوقد بها كثير من السراج والشموع ، فالأنس بها غير مقطوع ولا ممنوع وجمالها يدخل على القلب السرور ويذهب العقل حتى كأنه فى النشوة مخمور ولطالما مضت بالمسرة فيها أيام وليالى هى فى سمط الأيام من من تييم اللآلى ، وصورة البدر منطبعة فى وجناتها وفيضان لدى نوره على حافاتها وراحاتها والنسيم بأذيال نوب مائها الفضى لعاب وقدسل على حافاتها من تلاعب الأمواج كل فى ضاب وقام على منابر ادراحا فى ساحة أخراجها مفردات الطيور وجالبات السرور فلذيد العيش بها موصول _ وفيها أقول –

بالأزبكية طابت لى مسرات ولذ لى من بديع العيش أوقات
حيث المياه بها والفلك سابحه كأنها الزهر تحويها السموات
مدت عليها الروابى خضر سندسها وغردت فى نوا فيها حمامات
والماء حيث سرى رطب النعيم به وحل فيه من الارواح زهرات
كسابقات وروع فوقها نقط من فضة واكرار الورد كعنات
وللنديم بها عيش تساعده على اغتنام مساعية المسرات
يروح منها صريح العقل حين يرى على محاسنها دارت زجاجات
وللزمان بها جمع ومفترق كما غدت وهى للغد مان حانات



( وقد ) بقى الشيخ العط\ار فى مشيخة الأزهر اربع سنوات ثم مات فى اليوم الثانى عشر من شهر شوال من هذه السنة وتعين بدله الشيخ حسن القويسنى الشافعى واختفل بجنازته من بيته الى الأزهر فى مشهد حافل وشيعه الأمراء والكبراء وبرر له أهل الأزهر من على مآذنه وخرج اهل القاهرة مشهود جنازته ودفن فى قبر منفرد على شرعة الطريق بأرض بستان العلماء وخارج باب البرقية ورثاه الشيخ محمد شهاب الدين بمثية
( وأسرة الشيخ العطعار ) وتزوج صاحب الترجمة بسيدة مصرية رزق منها بولده اسعد فى سنة 1247 – 1831 وعاش أسعد هذا الى سنة 1310 – 1892 ومات بالزقازيق حيث كان مقيمامع ولد له يمسى محمد اسعد العطار كان من موظفى الحكومة بهذا البلد ثم مات بعده بقليل عن غبر غضب وانقطع عقب المترجم له ( وأسرة ) العطار التىتقيم بالقاهرة بالخراطين ليست من المترجم له وانما هى من محمود بك العطار الشامى سرنجار القاهرة



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 12 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
cron
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط