موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: لا نسب إلا بالتقوى لحسن قاسم فى 1/1/1937
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 03, 2017 1:26 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6125

لا نسب الا بالتقوى
وإذا افتخرت بأعظم مقبــــورة والناس بين مكذب ومصدق
فأقم لنفسك فى انتسابك شاهدا بدليل فضل للحديث فحقـــق
فى 1 / 1 / 1937 بمجلة هدى الإسلام


هذه مقدمة صدرنا بها بعض مالنا من تصنيف فى علم النسب وقد رأينا من المناسب نشرها فى هذه الآونة تذكيرا لمدكر وليميز الله الخبيث من الطيب فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض ، وما يعقلها إلا العالمون .
قال الله تعالى ( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )
قال المفسون فى هذه الآية : معناه إن الحكمة التى من اجلها جعلوا شعوبا وقبائل هو أن يعرف بعضهم نسب بعض فلا يعتزى أحد إلى غير آبائهلا أن يتفاخروا فى النساب ويدعوا التفاضل فى الآباء والأجداد ثم بين الخصلة التى يفضل بها الأنساب غيره ويكتسب الشرف والكرم عند الله فقال إن اكرمكم عند الله أتقاكم ولذا قال عليه الصلاة والسلام من سره أن يكون أكرم الناس فليق الله ، وفى جامع العتبية ما نصه ، حدثنى أبو عبد الله محمد ابن احمد العتبى عن عيسى قال بلغنى أن إعرابيا دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد فيه سلمان الخير وصهيبا وبلال وسالما مولى أبى حذيفة فقال لهم تخلفتم يا معشر العلجة كأنكم من الأوس أو الخزرج ، وسعد بن أبى وقاص يصلى ويسمع كلامه فعجل وسلم ثم قام إلى الأعرابى فلببه بردائه ثم قال يا عدو نفسه تقول هذا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذهب به سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واخبره بمقالته فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعا فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال : ايها الناس إن الرب واحد والدين واحد والأب واحد ومن اسرع به عمله لم يبطئ به نسبه ومن ابطا به عمله لم يسرع به نسبه ومن دخل فى هذا الدين فهو من العرب ، فقال سعد ما اصنع بهذا يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم ادخره إلى النار ، قال فلقد رأيته أرتد مع مسيلمة فقتل معه كافرا (قال ) ابن رشد هذا حديث بين يشهد بصحته قوله تعالى ( إن اكرمكم عند الله اتقاكم ) ومن هذا المعنى قول عمر بن الخطاب رضى الله عنه كرم المؤمن تقواه ودينه حسبه ومروءته خلقه وإنما يكون للنسب مزية مع الأستواء فى العلم والفضل ( وفى صحيح البخارى ) فى باب واتخذ إبراهيم خليلا عن أبى هريرة رضى الله عنه قيل يا رسول الله من أكرم الناس قال : أتقاكم ، فقالوا ليس عن هذا نسألك ، قال فيوسف نبى الله بن نبى الله بن نبى الله بن خليل الله قالوا ليس عن هذا نسألك قال : فعن معادن العرب تسألونى ، خيارهم فى الجاهلية فى الاسلام إذا فقهوا ، فاجابهم صلى الله عليه وسلم أولا بما هو جماع الخير كله من الفات الكسبية وهى التقوى ثم أجابهم ثانيا بما هو غاية الشرف من الصفات الوهبية وهو كونه نبيا ومن سلالة الأنبياء ثم اجابهم ثالثا بما فيه الجمع بين المكتسب وغير المكتسب وهو كون الأنسان من اهل الفقه فى دين الله ، ويؤخذ من الحديث فائدتان إحداهما أن التقوى هى أول ما ينظر إليه ويعتبر فى باب المفاضلة وانه لا يقاومها شئ من المزايا حتى لو وجد نسيب غيره تقى وغير نسيب لكان التقى أفضل ، ودليل آخر وهو أن شرف التقوى معتبر فى نظر الشرع بلا شرط وشرف النسب معتبر بشرط التقوى قال تعالى ( يا نساء النبى لستن كاحد من النساء إن اتقيتن ) ولا يخفى ان مرتبة المشروط دون مرتبة شرطه ، الفائدة الثانية قوله صلى الله عليه وسلم إذا فقهوا صريح فى ان شرف النسب إنما يعتبر مع الفقه فى دين الله لا مطلقا ويقرر فيه ما قرر فى النسب مع التقوى فتكون فضيلة التقوى وحدها مقدمة على فضيلة النسب وحدها وكذلك فضيلة العلم مع فضيلة النسب فإذا أكرم الله شخصا بالفضائل الثلاث أعنى النسب والعلم والتقوى فذلك الذى يلحق فضله ولا يبارى مجده ( وقال ) صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة يا معشر قريش إن الله أذهب عنكم نخوة الجاهلية وفخرها بالآباء مؤمن تقى أو فاجر شقى أنتم بنو آدم وىدم من تراب ألا لافضل لعربى على عجمى إلا بالتقوى ( وسئل) عيسى عليه السلام أى الناس أشرف فقبض قبضتين من تراب وقال أى هاتين أشرف ثم جمعهما وطرحهما وقال الناس كلهم من تراب إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، وقسم الشيخ ابو حامد الغزالى رضى الله عنه فى الحياء ( العجب ) إلى أقسام ثم قال القسم الرابع العجب بالنسب الشريف كعجب الهاشمية حتى يظن بعضهم أنه ينجو بشرف نسبه ونجاة آبائه وانه مغفور له ويتخيل بعضهم أن جميع الخلق له أموال وعبيد ، وعلاجه أن يعلم أنه مهما خالف آباءه فى افعالهم واخلاقهم وظن أنه ملحق بهم فقد جهل وإن اقتدى بآبائه فما كان من أخلاقهم العجب بل الخوف والأزراء على النفس واستعظام الخلق ومذمة النفس ولقد شرفوا بالطاعة والعلم والخصال الحميدة لا بالنسبب فليتشرف بما شرفوا بخ وقد ساواهم فى النسب وشاركهم فى القبيل من لم يؤمن بالله واليوم الآخر وكانوا عند الله شرا من الكلاب واخس من الخنازير ولذلك قال تعالى ( ياايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ) أى لا تفاوت فى أنسابكم لا جتماعكم فى اصل واحد ثم ذكر فائدة النسبب فقال وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ثم بين أن الشرف بالتقوى لا بالنسب فقال إن اكرمكم عند الله أتقاكم ( ولما قيل ) لرسول الله صلى الله عليه وسلم من اكرم الناس من أكيس الناس لم يقل من ينتمى إلى نسبى ولكن قال أكرمكم وأكيسكم أكثركم للموت ذكرا واشدهم له استعدادا وغنما نزلت هذه الآية حين اذن بلال يوم الفتح على الكعبة فقال الحرث بن هشام وسهيل بن عمرو وخالد بن أسيد هذا العبد الأسود يؤذن فقال تعالى إن أكرمكم عند الله أتقاكم ( وقال ) النبى صلى الله عليه وسلم إن الله اذهب عنكم عبية الجاهلية أى كبرها كلكم بنو آدم وآدم من تراب وقال النبى صلى الله عليه وسلم يا معشر قريش ليأت الناس بالأعمال يوم القيامة وتأتون بالدنيا تحملونها على رقابكم يقولون يا محمد يا محمد فأقول هكذا أى أعرض عنكم ، فبين أنهم إن مالوا إلى الدنيا لم ينفعهم نسب قريش (( ولما )) نزل قوله تعالى وانذر عشيرتك الأقربين ناداهم بطنا من بطن حتى قال يا فاطمة بنت محمد يا صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم إعملا لأنفسكما فانى لا أغنى عنكما من الله شيئا فمن ، عرف هذه الأمور وعلم أن شرفه بقدر تقواه وقد كان من عادة آبائه التواضع اقتدى بهم فى التقوى والتواضع وإلا كان طاعنا فى نسب نفسه بلسان حاله مهما انتمى اليهم ولم شبههم فى التواضع والتقوى والخوف والاشفاق وفى هذا المعنى يقول بعضهم

وإذا افتخرت بأعظم مقبــــورة والناس بين مكذب ومصدق
فأقم لنفسك فى انتسابك شاهدا بدليل فضل للحديث فحقـــق



وقال آخر وأحسن

قال النبى مقال صدق لم يـــــــزل يتلى على الأسماع والأفـــــواه
من غاب عنكم اصله ففعالــــــــه تنبيكم عن أصله المتناهــــــــى
ولقد فعلت فعال سوء اصبحـــــت بين الانام قليلة الأشيـــــــــــــاء
وزعمت أنك من سلالة ما جــــــد أفأنت اصدق أم رسول اللــه ؟


( ثم قال ) أبو حامد رضى الله عنه ( فان قلت ) فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قوله لفاطمة وصفية إنى لا أغنى عنكما من الله شيئا إلا أن لكما رحما يابلها ببلالها ( وقال ) عليه الصلاة والسلام أترجوا سليم شفاعتى ولا يرجوها بنو عبد المطلب فذلك يدل على أنه شيخص قرابته بالشفاعة ( فأعلم ) أن كل مسلم (1)
-----------------------------------------------------------------------------------------
(1) قد نصوا على أن القرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أقسام – لأنها إما قرابة فى الصورة أو المعنى أوفى الصورة أو المعنى وفى الصورة والمعنى فأما القرابة فى الصورة فلا يخلو ، وإما أن تكون بحسب طينته كالسادة الشرفاء أو بحسب دينه وعلمه كالعلماء والصالحين والعباد وسائر المؤمنين المتقين وكل منهما نسبة صورية – وأما قرابته عليه الصلاة والسلام فى المعنى فهم الأولياء والولى هو المؤمن حقا وصدقا الذى قد عرفنا الله تعالى به فقال عز من قائل ، الله ولى الذين آمنوا – ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون – الذين آمنوا وكانوا يتقون .
فالولى الذى هذا نعته هو ولد الرسول الروحى بما تهيأ لقبوله من معناه ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ( سلمان منا أهل البيت ) إشارة إلى القرابة المعنوية ، وأما القرابة فى الصورة والمعنى معا فهم الخلفاء والأئمة والقائمون مقامه المهتدون بهيه السائرون على نهجه ، وهذه أعلا مراتب القربة وتليها القرابة الروحية ثم القرابة الصورية الدينية ، ثم القرابة الطينية فان جمعت ما قبلها فهى الغاية .

فهو منتظر شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والنسيب أيضا جدير بأن يرجوها لكن بشرط أن يتقى الله ويخشى أن يغضب عليه فأنه غن يغضب عليه فلا يأذن لحد فى شفاعته لأن الذنوب منقسمة إلى ما يوجب المقت فلا يؤذن فى الشفاعة له وغلى ما يعفى عنه بسبب الشفاعة كالذنوب عند ملوك الدنيا فان كل ذى مكانة عند المل لا يقدر على الشفاعة فيما اشتد عليه غضب الملك فمن الذنوب ما تنجى منه الشفاعة وعنه العبارة بقوله تعالى ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وبقوله من ذا الذى يشفع عنه إلا بإذنه وبقوله ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له وبقوله فما تنفعهم شفاعة الشافعين * وإذا انقسمت الذنوب إلى ما يشفع فيه وإلى مالا يشفع فيه وجب الخوف والاشفاق لا محالة ولو كان كل ذنب تقبل فيه الشفاعة لما أمر قريشا بالطاعة ولما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة رضى الله عنها عن المعصية ولكان ياذن لها فى اتباع الشهوات لتكمل لذاتها فى الدنيا ثم يشفع لها فى الآخرة لتكمل لذاتها فى الآخرة فالا نهماك فى الذنوب وترك التقوى انكالا على رجاء الشفاعة يضاهى انهماك المريض فى شهواته اعتمادا على طبيب حاذق قريب مشفق من أب أو أخ أو غيره وذلك جهل لأن سعى الطبيب وهمته وحذقه ينفع فى إزالته بعض الأمراض لا فى كلها فلا يحوز ترك الحمية مطلقا اعتمادا على مجرد الطب بل للطبيب أثر على الجملة ولكن فى الأمراض الخفيفة وعند غلبة اعتدال المزاج ، فهكذا ينبغى أن تفهم عناية الشفعاء من الأنبياء والصلحاء للأقارب والأجانب فانه كذلك قطعا وذلك لا يزيل الخوف والحذر وكيف يزيله وخير الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وقد كانوا يتمنون أن يكونوا بهائم من خوف الآخرة مع كمال تقواهم وحسن أعمالهم وصفاء قلوبهم وما سمعوه من وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بالجنة وسائر المؤمنين بالشفاعة عامة فلم يتكلوا عليه ولم يفارق الخوف والخشوع قلوبهم فكيف يعجب بنفسه ويتكل على الشفاعة من ليس له مثل صحبتهم وسابقتهم ا هـ كلام الغزالى رحمه الله * وقال أيضا قبل هذا فى الكلام على الكبر ، ما نصه فالذى له نسب شريف قد يستحقر من ليس له ذلك النسب وإن كان أرفع منه عملا وعلما وقج يتكبر بعضهم فيرى إن الناس له موال وعبيد ويأنف من مخالطنهم ومجالستهم وثمرته على اللسان التفاخر به فيقو لغيره يانبطى ويا عندى ويا أرمنى من أنت ومن أبوك فأنا فلان بن فلان وأنى لمثلك أن يكلمنى وينظر إلى ومع مثلى تتكلم وما يجرى مجراه وذلك عرث دفين فى النفس لا ينفك عنه نسيب وإن كان صالحا وعاقلا إلا أنه قج لا يترشح منه ذلك عند اعتدال الأحوال فان غلبه غضب أطفأ ذلك نور بصيرته وترشح منه كما روى عن أبى ذر أنه قال قاولت رجلا عند النبى صلى الله عليه وسلم فقلت له يا ابن السوداء فقال النبى صلى الله عليه وسلم يا ابا ذر طف الصاع طف الصاع ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل فقال أبو ذر رحمه الله فاضطجعت للرجل وقلت له : قم فظأ على خدى فانظر كينبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أنه رأى لنفسه فضلا بكونه ابن البيضاء وأن ذلك خطأ وجهل (وانظر) كيف تاب أبو ذر وقلع من نسه شجرة الكبر بأخمص قدم من تكبر عليه إذ عرف أن العزلا لا يقمعه إلا الذل < ومن ذلك > أن رجلين افتخرا عند النبى صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما للآخر أنا فلان بن فلان فمن أنت لا أم لك فقال النبى صلى الله عليه وسلم افتخر رجلان عند موسى عليه السلام فقال أحدهما للآخر أنا فلان بن فلان حتى عد تسعة آباء فأوحى الله تعالى إلى موسة عليه السلام قل للذى افتخر بل التسعة من أهل النار وأنت عاشرهم s وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدعن قوم الفخر بآبائهم وقد صاروا فحما فى جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التى تدوف بآنافها القذر ا هـ . كلام الغزالى رحمه الله .
ونقل عن الامام على زين العابدين أنه قال مخاطبا بعض من تغالى فى محبته – ويحكم : أحبونا لله تعالى فان أطعنا الله تعالى فأحبونا وإن عصينا الله فأبغضونا .
وقال السيد على الرضا بن موسى الكاظم من حديث طويل له مع أخيه زيد حين خرج على المأمون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم – قال إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار هذا لمن خرج من بطنها مثل الحسن والحسين فقط لا لى ولا لك والله ما نالوا ذلك إلا بطاعة الله – وقال المناوى فى شرح حديث سألت ربى ألا يدخل أحدا من أهل بيتى النار فأعطانيها . قال هم على وفاطمة وابناهما وزوجاته :
( وقال ) الشيخ أبو على الحسن بن مسعود اليوسى فى صدر المحاضرات حين لكلم على النسب ما ملخصه : ويتعلق بأمر النسب أبحاث ( البحث الأول ) أعلم أن نسب الانسان الأصلى هو الطين قال تعالى ( وبدا خلق الانسان من طين ) وقال عليه الصلاة والسلام < أنتم بنو آدم وآدم من تراب > ويقال لآدم عليه السلام عرق الثرى قال أمرؤ القيس

إلى عرق الثرى وشجت عروقى وهذا الموت يسلبنى ثيابى



وهذا هو الأصل لجملته ( ثم لكل فرد منه آدم أصل آخر وهو النطفة ) قال تعالى ( ثم جعل نساء من سلالة من ماء مهين ) فاذا استوى الانسان كله فى أنه من طين وأنه فى الجملة من ماء مهين لم يمكن أن يكون له فضل فى نفسه باعتبار أصله ولا أن يكون لبعضه فضل على بعض بذلك لاستوائه فى الجميع ولهذا نبه صلى الله عليه وسلم على هذا فقال : إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء أنتم بنو آدم وآدم من تراب ونبه الله تعالى الانسان على نفسه فى آيات كثيرة ليتنبه فيعرف نفسه ويعرف اقتدار خولاه ( وقال ) مولانا على كرم الله وجهه مالا بن آدم والفخر وإيمنا أوله نطفة وآخره جيفة ويقال أوله نطفة مذرة وآخره جيفة قذرة وهو فيما بين ذلك يحمل العذرة وعقد الشاعر كلام الأول فقال :

ما بال من أوله نطفة وجيفة آخره يفخر



( نعم ) يشرف الانسان بخصوصية تزداج على جسمه الطينى كالعقل والعلم والدين مثلا فيثبت له الفضل ويثبت لبعضه على بعض ولعيه فنقول إن ابن آدم متى افتخر قيل له إن كان فتخارك بأصلك فلا فخر لك بل كما يقال ضعيف (1) عاذ بقرملة ثم لا فخر لك به على غيرك لا نكما فيه سيان ون كان بمزية فهاتها فمن ثبتت له او لأبيه مزية ثبت حينئذ فخره بنفسه أوبأبيه لأجلها وإلا فلا ( البحث الثانة ) العم أن ما أشرنا اليه من المزايا التى يشرف بها الانسان قد تزيد وتعظم حتى يشرف بشرفه من انتسب اليه وهى كثيرة ( منها دينية كالنبوة وهى أجلها وكالعلم والصلاح ومكارم الأخلاق وغير ذلك ودنيوية كالملك وهو أعظمها وكالنجدية والكرم والقوة وكثرة العدد والمال والجمال والجمال ونحو ذلك وكثير منها يصلح أن يكون دينيا وأن يكون دنيويا كالقوة والعز والكرم وسائر مكارم الأخلاق وبعضها دينى ودنيوى معا كالنبوة والخلافة والعلم وبعض ذلك حسى وبعضه
(1) قال ابن منظور فى لسان العرب القرمل نبات وقيل شجر صغار ضعاف لا شوك له واحدته قرملة قال اللحيانى القرملة شجرة من الحمص أى بفتح فسكون ضعيفة لا ذرى لها ولا سترة وللا ملجاء قال وفى المثل ذليل عاذ بقرملة وبعضهم يقول ذليل عائذ بقرملة يقال هذا المن يستعين ممن لا دفع له وبأذل منه والعرب تقوله للرجل الذليل يعوذ ممن هو أضعف منه .
معنوى وبعضه وجودى وبعضه عدمى إلى غير ذلك فلو اعتبر رجلان متساويان فى الخلق والخلق والنسب وسائر الأحوال فلا مزية لأحدهما على الآخر ولو اختص أحدهما بالفقه مثلا فهذه مزية وجودية يفضل بها الآخر ولو اختص أحدهما بكونه ظلوما فهذه مزية مذمومة عند الشارع وقد سلم منها الآخر فله الفضل بمزية هى عدمية وعند الجاهلية بعكس هذا ولذا تأتى للشاعر أن يهجو بقوله :

قبيلة لا يفخرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل



فالخصلة الحميدة تكون مفخرا لمن اتصف بها ولمن انتسب إلى من اتصف بها فيشرف نسبه بذلك ثم لا يخفى أن آدم أبا البشر صلى الله عليه وسلم قد حصل له الشرف بالنبوة وغيرها من الخصال الحميدة وبسجود الملائكة وغير ذلك مما هو معلوم فجميع بنية شريفهم ومشروفهم ورشيدهم وغويهم يحصل لهم بالانتساب اليه شرف من هذا الوجه يفضلون به غيرهم ممن ينتسب إلى جنى او يهيمة ثم من انتسب إلى آدم ونوح عليهما السلام فقد انتسب إلى مصطفيين
ثم من كان من ولد ابراهيم عليه السلان بعد ذلك فهو أفضل من بقية ولد نوح لأنه بعد ثلاثة انبياء بخلاف من قبله ثم ولد ابراهيم عليه السلام يتفاوتون فى الشرق بقدر انسابهم فمن ازداد بنبى أو نبيين أو أكثر ازداد درجة الشرف فأولاد إسرائيل وهو يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم أشرف من أولاد العيص ابن اسحق ولهذا قال عليه الصلاة والسلام فى يوسف الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم } وأما { أولاد اسماعيل بن ابارهيم فلهم الشرف بابراهيم واسماعيل اولا ثم استكملوا الشرف آخر بسيد الوجود وسر الكائنات سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم فاليه يساق حديث الشرف العد ، وباسمه يرسم عنوان صحيفة المجد ، فيه شرف من قبله كما شرف من بعـــده ( وقد ) كان آدم عليه السلام يكنى به تشريفا له بأشرف أولاده فيقال له أبو محمد وكما يشرف الولد بشرف الوالد بشرف الوالد كما قال ابن الرومى

وكم أب قد علا بابن ذرى شريف كما علت برسول الله عدنان



ثم قال ( البحث الثالث ) الأنسان قد يفتخر بنسبه على ما مر وقد يفتخر بنفسه أى بالخصال التى اتصف بها والدرجة التى نالها فى الدين والأول هو الفخر العظامى لأنه فتخار بالعظام الرفات ؛ والثانى هو الفخر العصامى وهو منسوب إلى عصام صاحب النعمان بن المنذر وكان يقول

نفس عصام سودت عصاما*وعلمته السكر والاقداما*وصيرته ملكا هماما



فكل من جاءه السؤدد من تلقاء نفسه فهو مصل عصام المذكور وفخره عصامى والناس لم يزالوا مختلفين فى هذا المنحى فقوم يعتنون فى افتخارهم بذكر الآباء وقوم يفتخرون بأنفسهم وهذا الوجه أيضا كثير جدا لأنه طبع الآدمى لا يكاد يسلم منه احد لولا يحصى ما وقع فيه من كلام الناس نظما ونثرائم إن كثيرا من الناس لا يلتفتون للنسب ولا يقيمون للمفتخر به وزنا كما قال الحريرى

لعمرك ما الانسان إلا ابن يومه
على ما بدا من حالة لا ابن أمــه
وما الفخر بالعظم الرميم وإنمــا
فخار الذى يبغى الفخار بنفســـه



والحق أن كرم النسب فضيلة وأى فضيلة قال تعالى ( وكان أبوهما صالحا ) وقال صلى الله عليه وسلم فى بنت حاتم الطائى إن أباها كان يحب مكارم الأخلاق ووصف الانسان وسعيه هو الشأن والنسب زيادة فضل فألغاء النسب رأسا جور والاقتصار عليه فجز والصواب ما قال عبد الله بن معاوية الجعفرى رحمه الله

لسنا وان أحسابنا كرمت يوما على الأحساب نتكل
نبنى كما كانت أوائلنـــــا تبنى ونفعل مثل ما فعلوا

وقال الخليفة الراضى بالله العباسى

لا تعذلى كرمى على الأسراف ريح المحامج متجر الأشراف
اجرى كابائى الخلائف سابقـا وأشيد ما قد أسست أسلافــى
إنى من القوم الذين أكفهـــــم معتادة الاخلاف والاتـــــــلاف



فهذا وأبيك الفخر العالى البنيان * المتأسس الأركان ( واعلم ) أن الناس فى هذا الباب ثلاثة * رجل كان اصيلا ثم جاء هو أيضا فشاد بنيانه وحاط بستانه كالذى قبله فهذا أكرم الناس وأولاهم بكل فخر * ورجل لا اصل له ينتمى إليه ولا حسب يعرج عليه ولكنه نهض فى اقتناء المآثر واقتناص المفاخر حتى اشتهر بمحاسن الخلال وصار فى عداد أهل الكمال وانشد لسان حاله

ما بقومى شرفت بل شرفوا بى وبنفسى فخرت لا بجدودى



فهذا حرى أن يشرف بوصفه واله وأن يشرف به من بعده ويكون هو أساس بيته وعرق شجرته ورجل له أصل وقديم شرف ثم لم يبنه ولم يجدده وهو إما أن تخفى عوامله فلم يبن ولم يهدم مع أنه فى الحقيقة من لم يكن فى زيادة فهو فى نقصان فهذا لا فضيلة له إلا مجرد النسب والفخر العظامى كما مر وأما أن يهدمه بمبلابسة ضد ما كان عليه سلفه فهذا بمنزلة من هدم الدار ثم حفر البقعة فأقسدها فهذا مذموم بما جنى على نفسه وبما جنى على حسبه ونسبه ومن هذا النمط من يخلف آباءه الصالحين فى زماننا هذا نسأل الله العافية (وفى) هذا الصنف يقول الشاعر

لئن فخرت بآباء لهم شرف لقد صدقت ولكن بئس ما ولدوا



احسب أن ما ذكر فى هذا الصدد فيه مجزاة نسأل الله الكريم أن يوفقنا لذلك ويحققنا به
وأعود فأقول . أنى لنا بنقابة أشراف كالتى خبرناها من نقابات العالم ، إذا أتاها نسيب لا تسجل له نسبا ولا تقبل له صرفا ولا عدلا حتى يتبين لها صحة ما يدعيه على بينة يرتضيها لدين والعلم – أملنا فى الله تعالى أن نتوجه يد الاصلاح الذى ننشده غلى هذه النقابة فتعود إلى ما كانت عليه فى عصورها الأولى }وهنا إشارة يحسن بى ذكرها {
فى دار الكتب المصرية نسخة من كتاب موسوم ببحر الأنساب ينسب لشخص مجهول يدعى الباز الأشهب – وهو متداول فى كثير من الأيدى
وهذا الكتاب هو أس البلاء ومنبع الفساد فى الأرض وأصل كل بلية ورزية جر إلى النسب النبوى مصاعب ومتاعب وبلايا ورزايا وسماحة نفيب الأشراف وهو من كبار موظفى الدار وقد يعرف هذا الكتاب ويعرف بلاياه فنهيب إليه أن يأمر باحراقة وإغراقه لأن حجزه عن الجمهور وحسب ليست فيه الغاية الموجوة والضالة المنشودة كما يأمر بماله من صولة ودولة فى هذه الناحية لمصادرة المتداولة منه فى الأيدى بالطرق الناجعة التى قد تكون ميسورة لدى سماحته ، لأنه إيجيل محرف خطته يد أثيمة سطت على عفاف هذا النسب الشريف يجرأة وإقدام من غير ما خشية ولا خوف ، وربما أعود إلى هذا الكتاب فى فرصة أخرى مع كتب من نوعه فأمزقها شر ممزق وأقطعها إربا حتى نستريح من تلك الجناية التى جناها ذلك الرهط الفاسد . اللهم حوالينا ولا علينا .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 7 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط