موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: حكاية رجل غلب المقريزى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 27, 2017 10:42 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6113


كتبت الكاتبة هالة ذكرى على صفحات جريدة الأهرام
يبدأ زمن هذه الحكاية ...فى عام 1940 ويمتد لخمس سنوات، أما الأحداث فتدور فى منطقة العتبة الخضراء الشهيرة بوسط البلد، وتحديدا فى مقر إحدى دور النشر بمصر المحروسة.


ولكن قبل أن نتعرف على ما حدث، يكون سؤالنا..أين هذا الذى لم يحب القاهرة ويقع فى هواها؟ فهى الوريثة لكل حكايات بر مصر، مدينة بلا بداية أو نهاية، أيامها ممتدة وعمرها موصول. فكل من عاش فيها، هو قصة من قصصها، فلا هى وطن لأولاد البلد وحدهم ولا المتمصرين، ولا المعممين فحسب أوالمطربشين، ولا هى مدينة الأحياء الراقية بشوارعها المتسعة، ولا الحوارى الشعبية التى تضيق عند كل عطفة وزقاق....فهى كيان متعدد متنوع يعرف القصر والبيت و الحارة والشارع.
ولهذا يبدو لى أن كل من جلس على مقهى فى ساعة عصارى ، لابد وأن يكون قد دارت فى رأسه نفس الخواطر التى دارت فى رأس حسن قاسم.
أما من يكون حسن قاسم؟ فهو واحد من ملايين البشر الذين جاءوا إلى بر مصر، وإن كان لم يتوقف عند حدود الخواطر التى يمكن أن تشغله فى ساعة عصارى. هو أحد المغاربة المنتمين لعائلة عريقة، لكنه وجد أن ما عرفه ودرسه فى بلاده لا يقارن بأى حال بما رآه فى القاهرة. فهذا الكيان الرحب والجميل تجاوز كل ما قرأه ورآه، ولهذااختار أن يكتب ويرصد ويتابع كل تفاصيل القاهرة التى غزت قلبه وعقله.
نذكركم اننا فى بدايات القرن العشرين، وأن القاهرة التاريخية التى رآها حسن قاسم كانت لاتزال حاضنة لبيوت ذات مشربيات تحار العيون فى جمالها، ومدارس وتكايا وخانقاوات ومساجد كان الناس يأتون إليها ليتعلموا. كانت المياه تجرى فى الأسبلة، ورائحة الريحان والنعناع والياسمين تسيطر على المكان.
ظهر كل هذا الود فى متابعة حسن قاسم للقاهرة المتحضرة، وبعد زمن على اشرافه على مجلة «هدى الاسلام»، وجد أنه، بعد مضى هذه السنوات من البحث وراء معالمها التاريخية وخططها القديمة و تراجم علمائها وأنساب أسرها، يمكنه التصدى لكتابة موسوعة كاملة تحمل اسم «المزارات الإسلامية والآثار العربية فى مصر والقاهرة المعزية».
فالمعروف أنه كان نسابا يحاول اقتفاء أثر الأسر ومعرفة أنسابها، إلا أنه، فى هذا العمل الذى صدر فى سابعة أجزاء فى الفترة ما بين عامى 1940و 1945،كان نسابا للقاهرة، بكل عصورها ، وإن حالت الحرب العالمية الثانية بينه وبين وجود ورق للطباعة، فأصبح الحصول على نسخ وافية من هذه الموسوعة عزيزا.
ومع هذا لم يتوقف، فإصدار موسوعة متكاملة عن آثار المحروسة ظل الهدف، وهو ما يمكن أن يلحظه القارئ للأجزاء الأولى من موسوعته، التى أعتبرها أوفى مصدر لتاريخ مساجد القاهرة والقطر المصرى، ونتيجة لبحث ومشاهدات وتحقيقات دُونت على مدى أعوام وسنوات طوال.
الموسوعة فى بدايتها تستعرض فقه العمران، وأفكار العمارة الإسلامية فى مصر، والطفرة الكبيرة التى شهدتها عمارة المساجد فى القرنين الثامن والتاسع الهجرى.
يحدد حسن قاسم عدد الآثار الاسلامية الموجودة بالقاهرة، و يبدو واثقا من وجود ما يزيد عن 600 أثر من بينها نحو 400 جامع و مسجد وقبة أثرية، والبقية موزعة بين قصور وأسبلة و فنادق وحمامات، ليضيف إليها مساجد آل البيت وآثار المسلمين الأوائل والصالحين، وعدداً من المساجد التى أنشئت فى عهد أسرة محمد على.
كما يؤكد أيضا وجود 300 أثر إسلامى مهم اندثر مع مرور الزمن، بداية من القرن الأول وحتى القرن الثانى عشر الهجرى، مع تحديد أماكنها و بيان موقعها. ولا يكتفى بهذا، فالتاريخ بشر ورجال ومواقف، ولهذا يذكر تاريخ كل دولة مع بيان ملوكها ووزرائها وعلمائها وصالحيها.
ولهذا فأنت عندما تقرأ والكلمة لحسن قاسم-عن القاهرة المعزية، ترى ماضيها وحاضرها وعابرها وغابرها، والكلام على تأسيسها وخططها ومسالكها وشوارعها وحاراتها وأزقتها، ودروبها وخلجانها وقناطرها وأبوابها كاملة، وحماماتها وأسواقها، ومساجدها الجامعة، ومزاراتها ومشاهدها وسقاياتها ومدارسها ومعاهدها العلمية، مستدركين ما فات العلامة صاحب الخطط تقى الدين المقريزى، الذى يرجع إليه الفضل الأكبر فى تمكيننا من هذا العلم، مصححين بعض ما وقع من أغلاط فى خطط الوزير على مبارك باشا.
مرة أخرى يؤكد المؤلف قدراته، فيذكر كل الجوامع والمساجد، ومنها جامع عمرو، الذى يحمل رقم الأثر 319، مبيناً مساحته وبدء البناء فى عام 21 من الهجرة ، ثم يشير إلى أسماء كل من زادوا فى مساحته وأولهم عمرو بن العاص ثم مسلمة بن مخلد والى مصر فى عهد معاوية بن سفيان، وكل من أضاف إليه فى عصر الدولة الأموية ومنهم عبد العزيز بن مروان والد الخليفة عمر بن عبد العزيز، وحتى صالح بن على أول أمير لمصر فى عهد الدولة العباسية، ثم عمارة الاخشيديين والفاطميين وصلاح الدين الأيوبى وبيبرس وقلاوون، ومحمد على باشا والخديو عباس حلمى الثانى والملك فؤاد، ليصل إلى مشروع تجديده الذى طرح فى الأربعينيات.
وليست المساجد وحدها هى كل ما يشغله، فهناك الأبواب والمسالك والطرق، وأطول شوارع القاهرة العتيقة المار من الحسنية وحتى مسجد السيدة نفيسة رضى الله عنها والذى قدر طوله بنحو 460 مترا ويضم 1200 حانوت.
أما القصور، فيكفى أن نعرف أن القصر الواحد بلغت مساحته ما يماثل جميع الأرض التى يوجد عليها بيت القاضى و مسجد الحسين ، وخان جعفر، والباب الأخضر، وبيت المال، والمدرسة الظاهرية القديمة، والمدارس الصالحية، وشارع القمصانجية، وجميع الأرض التي يقوم عليها خان جركس الخليلي، ومدخل السكة الجديدة أو القائد جوهر الآن، والربع الأخير من شارع الصنادقية إلى بعض ميدان الأزهر فشارع الحلوجي، فرأس شارع الشنواني، فشارع فريد ، فقصر الشوك، فسبيل عبد الرحمن كتخدا وقصر بشتاك، ومدرسة النحاسين. ويحكى قاسم أن بيوت القاهرة كانت من خمس أو ست طبقات فى عهدها الأول، كما لا ينسى ذكر تخريب الحملة الفرنسية لبعض الدور عند بركة الرطلى وجامع الرويعى وخاير بك المقابل لباب الفتوح، ويتحدث عن قصة أم الخير زينب- من سكان حارة الباطلية بالجمالية- التى تحملت عن طيب خاطر نفقة فتح الطريق من باب البرقية من مالها الخاص.
وينتقل إلى القاهرة فى زمن الملك فاروق، فينتقد اطلاق اسم الشيخ جمال الدين الأفغانى على شارع القشاشين، وكان الأولى به - فى رأيه - شارع البيطار لتلاقيه بشارع تلميذه الإمام محمد عبده.
أما تاريخ السرايات القديمة، مثل سراى أيتميش بشارع باب الوزير، فيحكى قاسم قصة المكان الذى يعكس «لعبة السلطان»، فيشتريه الملك الاشرف برسباى المملوكى، ومن بعده خاير بك أول حاكم عثمانى على مصر ثم يسكنه الأمير إبراهيم أغا مستحفظان.
تواريخ و أسماء وحكايات لشخصيات كادت أن تضيع سيرتها لولا هذه الموسوعة، التى أضاف إليها الكاتب تعديلات وتنقيحات ليصل عدد المجلدات إلى 10 أجزاء، والتى تصدرها قريبا مكتبة الاسكندرية بعد الحصول على نسخة أصلية بمبادرة كريمة من الشيخ على جمعة، ليتم تحقيق هذا العمل الكبير بالاشتراك مع المجلس الأعلى للآثار.
يكفى أن هذه الموسوعة الأم وصفت الفسطاط ومدينة القطائع ومنطقة الحمراء القصوى التى عاش بها المسلمون الأوائل وجبل المقطم وصحراء المماليك، و أنها أوصلت الماضى بالحاضر عندما ضمت المساجد التى أنشأتها هيئة الأوقاف فى الأربعينيات.. ويبقى أن نقول ... أليس من الواجب الالتفات أيضا إلى نشر أعمال أخرى تكاد تندثر،قدمها كبار الأثريين المصريين، بداية من أحمد كمال باشا الذى لم تنشر موسوعته إلى الآن، ومرورا بحسن عبد الوهاب وعبد العزيز صالح وسيدة الكاشف وغيرهم..فمتى نقرأ هذه الأعمال الجليلة والعلم الذى ينتفع به؟! مجرد سؤال!.



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 18 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط