اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm مشاركات: 6254
|
وفى مقال صادر فى 27 / 1/ 1934م فى مجلة الإسلام ص 21 فى ( الحقيقة والتاريخ ( رواية شاهد عيان ) قال جدى النسابة حسن قاسم فى :
حول كتاب تاريخ سيدنا الحسين عليه السلام لمؤلفه الاستاذ البحاثة حسن قاسم فى وصف موكب قدوم رأس الحسين عليه السلام إلى مصر يقول :
ما ظهر كتاب تاريخ الحسين رضى الله عنه حتى أنهالت علينا رسائل الشكر والتقدير ممن تناول هذا الآثر القيم الذى بحث حقيقة كانت لا تزال موضع عناية الباحثين من سائر طبقات المؤرخين ، فلعمر الحق لقد كان لظهور هذا السفر الخالد أثر عظيم وأهمية كبرى فى صحائف التاريخ وليس فى فيه من فضل يذكرو أو أثر يحمده إذا الفضل بيد الله سبحانه – ومن أهم ما وصلنا من هذه الرسائل رسالة لصديق لنا عبر فيها عن شعوره نحو هذا المؤلف بما يشكر عليه ثم أرده فى ذلك بحجة تاريخية لضمها بين دفات هذا البخث أهمية عظمى ، إذ ورد فيها رواية شاهد عيان رحالة من رحالة العرب زار الثاهرة فى سنة 548هـ فى خلافة الفائز الفاطمى ووزارة الصالح طلائع ين رزيك وصادق مقمامه شهود الحفل العظيم بقدوم رأس الحسين من مدينة عسقلان إلى القاهرة ولأهميتها هذه نستدركها على صفحات المجلة – نشرت أحدى المجلات الإسلامية عندكم فى مصر شذرات ممقتبسة من رحلة قديمة لأحد رحالة مسلمى الجزائر عن وصف موكب رأس الحسين بن على عليه وسلم ولعلكم ما وقفتم عليها لبعد عهدكم عنكم – ولهذا أوثر نقل ما يتعلق بوصف هذا الموكب من هذه الرحلة وقد كانت فى حيازتى قبل هذا التاريخ وعهدى بها الآن فى إحدى مكاتب برشلونة أو اشبيلية من بلاد الأندلس الاسبانية فما أذكر – وأؤمل أن يتيسر لى جمع ما كنت قد عنيت بنقله منها لجملة مواضع فى صحائف عندى – وفى يوم الأحد ثامن جمادى الآخر – اصبح الناس فى القاهرة يتأهبون لاستقبال وقد جليل وركب مقدس يقدم عليهم من نحو الشلام – وكانوا على اختلاف أجناسهم وطوائفهم يظهرون الاسف والحزن ويتأهبون من أعمال قلوبهم – وهناك نفر من الزعانف الذين لا يبالون كانوا يقفزون ويغنون وهم فى غفلتهم هائمون – وكان العقلاء ينهونهم ويؤنبونهم ويقولون لهم إن الاجدر بكم أن تبكوا وتندبوا لا أن تغنوا وتضحكوا – وكانت علا ئم الحزن واللوعة بادية على وجوه شيعة الفاطمين وأهل مذهبهم أكثر من ظهورها على الطوائف الأخر – التى يتألف من مجموعها سكان القاهرة كالأتراك والمغاربة والسودانيين والشاميين والعاقيين الذين ينسبون إلى الدولة العباسية – ويدعون إلى مبايعتها فى السر وكانت زرافات من الناس يمشون فى الأسواق وينشدون المرائى والأشعار المحزنة . وكنت أرى بعض التجار من محبي الخير والاحسان يوزعون الصدقات والثياب على الفقراء والمعوزين وبعضهم يفرش فى حانوته سفرة من أدم ويضع عليها ألوان الطعام وزبادى الأجبان والسلائط والمخللات والألبان الطازجة وصحاف عسل النحل والفطير والخبز – ثم يدعو المارة ايا كان نوعهم الى الأكل عن روح سيد الشهداء الحسين رضى الله عنه – وهناك حانوت آخر جمع فيه صاحبه الوعاظ والقراء والشعراء فكانوا يقرأون * قصة مصرع الحسين ) ويعدون فضائله ومناقبه وقد بلغ الحزن ببعض الناس أن كانوا يمشون حفاة ملتثمين فى غير زيهم المعتاد وكنت أرى الغيظ والحنق يقطر من وجوههم – وكانت الشوارع على الجانبين مرصوصة بالمصاطب والدكك لا سيما الشارع الأعظم المؤدى إلى الجامع الحاكمى وباب الفتوح
حيث ينتظر أن يمر الموكب المقدس – وكنت أرى المتفرجين متراصين على تلك المصاطب ويتنهدون ويتحسرون وآخرون يتخاصمون ويتحاكمون ومنهم قوم يتساءلون فى أى وقت يمكن أن يصل فيه الوقد – وكان بين المتفرجين رجلان أحدهما شاب ولد على ما علم لى منه فى القاهرة ونشأ على المذهب الشيعى الأسماعيلى الذى كان مذهبا للفاطميين – وله غيرة على مذهبه – وكان يجادل فيه ويناضل عنه بقوة وتبدو على وجهه آيات الذكاء والفطنة وتدل لهجته فى حديثه أنه يحب أن يكون له تاثير على جليسه – أما رفيقه فقد كان فى سن الشيخوخة وأصله من بلاد العراق وقد وفد على لقاهرة من أجل تجارة – ثم طابت له السكنى فيها – ولم يكن على المذهب الشيعى ولكنه يتظاهر به أحيانا ترويحا لاشغاله ومصالحه ورغبته فى الامتزاج بالمصريين الذين كان معظمهم شيعيا – وكان العراقى يحب البحث والمذاكرة ويكثر من المطالعة ويميل الى معاشرة العلماء والفضلاء – ولذلك كان يرتاح إلى حديث الشاب ويدعوه إلى حانوته من يوم لآخر – وكان يود وصول الموكب قبيل العصر لكن أذن العصر .
وهتف المؤذنون من على منابر جامع الحاكم
بحى على العمل – والموكب لم يصل فقال الشاب الفاطمى لصديقه الشيخ العراقى هيا بنا نتفسح خارج باب الفتوح ونستقبل الموكب ثمة فأجابه إلى سؤاله وأخذا وأخذت معهما نخترق الجموع تارة ونتنحى من طريق الجماعات المتدافعة فى السير تارة أخرى – حتى وصلنا إلى باب الفتوح فجاوزناه إلى الرحبة خارجه حيث المنظرة من تلك المناظر التى اتخذها الخلفاء للنزهة والأشراف منها على الجمهور . وكان ثمة بستانان كبيران ينتهيان إلى مينة مطر ثم اخذنا فى التجول هنا وهناك حتى وصلنا إلى الباب الآخر المسمى بباب النصر – فيممنا رحبته الخارجية عند مصلى العيد ثم عدنا إليه فجعل الشاب وصديقه يتأملان فى بناء الباب وإحكام صنعه – ثم قال الشيخ إنى أرى فى الشرفة العليا نقوشا وخطوطا لم أفقه لها معنى فقال له الشاب الفاطمى إنها كتابة كوفية ومعناها *( لا إله إلا الله محمد رسول الله . على ولى الله صلوات الله عليهما ) ثم قص عليه خبر ذلك ذلك البابا وباب الفتوح وأنهما من آثار أمير الجيوش بدر الجمالى الذى قلده الخليفة المستنصر وزارتى السيف والقلم ولم يقبل أمير الجيوش الوزارة مالم يمكنه الخليفة من سجن أمراء مملكته فصرفه فيهم – فجمعهم الوزير فى داره من
أجل دعوة صنعها لهم ثم فتك بهم –
ثم تنفس الشاب الصعداء وقال إن أول عناية بالرأس الشريف رأس سيدنا الحسين عليه السلام إنما كانت من هذا الأمير الجليل فانه لما بلغه قتل ولده شعبان فى مدينة عسقلان إحدى مدن ساحب بحر الروم فى سنة 460 نهض إليها وبلغه أن بها مكانا دارسا فيه رأس الحسين فأهتم بالأمر وشرع فى بناء مشهد فخم فى عسقلان على نية أن يودع فيه الرأس الشريف ثم قال الفتى الفاطمى لكن العهد برأس الحسين عليه السلام أنه بقى فى دمشق فما الذى جاء به إلى عسقلان ؟ فأجابه الشيخ العراقى يغلب على ظنى أن العباسيين هم الذين أرسلوه إلى عسقلان – فقد ذكره رواة التاريه انه بعد وقعة كربلاء وإرسال رأس الحسين وأهل بيته إلى دمشق مكث الرأس مصلوبا فيها ثلاثة أيام ثم أنزل فى خزائن السلاح حتى ولى سليمان بن عبد الملك . الملك – فبعث إليه فجىء به وقد حمل وبقى عظما أبيض ، فجعله فى سفط وديبه وجعل عليه ثوبا ودفنه فى مقابر المسلمين ، فلما ولى عمر بن عبد العزيز بعث إلى خازن بيت السلاح أن وجه إلى برأس الحسين بن على . فكتب إليه أن سليمان أخذه وجعله فى سفط وصلى عليه ودفنه فلما دخلت المودة سألوا عن موضع الرأس الكريم فنبشوه وأخذوه والله أعلم ما صنع به . ثم طلب الشيخ العراقى من صديقة الفاطمى أن يتمم له صديقه عن المشهد الذى كان شرع أمير الجيوش فى بنائه ليودع فيه الرأس فقال إنه لم يكمله هو وإنما أكمله أبنه شاهنشاه الملقب بالأفضل الذى تولى الوزارة بعده . فان الأفضل كان خرج فى سنة 491 إلى بيت المقدس وبها بعض أمراء الأتراك فاستخلصها منهم وعاد منها فدخل عسقلان ورأى ما كا شرع فيه والده فاجتهد فى اكماله ثم أخرج الرأس المباركة من مكانه وعطره وحمله فى سفط على صدره وبقى به ماشيا إلى أن أحله فى مقره فى المشهد العسقلانى . وهاهم اليوم يحملونه من ذلك المشهد إلى القاهرة وقد جاءت الأخبار من عسقلان إلى بعض التجار بأنهم حينما أخرجوا الرأس الشريف من مشهده وجدوا دمه لم يجف وله رائحة كرائحة المسك . ** فتبسم الشيخ العراقى – ثم سأل الفتى الشيخ عن جثة الحسين عليه السلام ومصير أمرها بعد استقرار الرأس فى دمشق ثم فى عسقلان فقال له – فقال له إن الجثة بقيت بعد أن أخذ الرأس إلى دمشق مطروحة – واستمرت فى الفلاة حتى دفنها أهل الفاضرية وهم قوم من بنى أسد . فى أرض الطف وبقيت بحيث تعرف وتزار إلى زمن المتوكل العباسى فأمر أن تسوى كربلاء وتمهد وأن تزرع حنطة وشعير . ففعلوا . وبقيت الأرض هكذا مدة أربع عشرة سنة حتى قتل المتوكل وخلفه أبنه المنتصر فأذن بزيارة قبور شهداء كربلاء ن ثم ان الشيعة غلبوا الحدس والتخمين فى تعيين مكان الجثة وأقاموا قيه قبرا ، ان لم يكن على الجثة نفسها فهو على مقربة منها وهم إلى الآن يزورون ذلك المشهد بكربلاء ويحجون إليه . فاغر ورقت عينا الفاطمى بالدموع وقال حقا إن الأمة لم تنصف آل البيت ولم ترع فهم ذمة – فلما رأى ذلك الشيخ العراقى سب اللعائن على ( يزيد ) وقال يكفى أن قبره فى الشام مسبة للمارة وأهل دمشق يرجمونه ، فالتفت اليه الفتى الفاطمى وقال له وهل قبره معروف للناس حتى انهم – يرجمونه – قال نعم يا ولدى هو فى دمشق الشام فى تربة الباب الصغير فى شرقيها بموضع يعرف بالنحالية وهو مسنم والناس اذا مروا عليه فى غدوهم ورواحهم – تراهم يحملون معهم حجارة صغيرة فيرجمونه بها ولذلك ترى عليه تلا عظيما من الحجارة – هذا جزاء من يضطهد آلبيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويشاققهم – ثم لم يرع الشيخ العراقى وفتاه الفاطمى الا طلائع الموكب تبتدىء لهم عن بعد فهرولنا جميعا الى ناحية ننتظر مرور الموكب فسمعنا أصوات الناس تتعالى من كل جانب بالبكاء والدعاء والنحيب وكان خدم قصر الخليفة يمشون فى ثنيات الموكب وعليهم دلائل الاهتمام وامارات القلق والاضطراب وكانوا ينظرون شزرا إلى مماليك الوزير الصالح بن رزيك الذى كان هو والخليفة اذ ذاك ينتظران الموكب فى المنظرة خارج باب الفتوح فكان الفتى الفاطمى يتفرس فى وجوه أولئك المماليك والخدم كلما مر من أمامه أحد منهم فسأله صاحبه عن شأنهم وما للخدم والمماليك – فقال له الفتى ان فى الأمر مشكلا عظيما – قال وما هو ؟ قال ان وزيرنا ابن رزيك قام فى نقل الرأس الشريف من مشهده بعسقلان إلى القاهرة وكان قد هيأ له جامعا خارج الباب الكبير باب زويلة واحب أن يدفن الرأس فيه ليكون له بذلك الشرف والفخار على كر الدهور والأعصار . قال الشيخ العراقى ومن الذى يعارضه فى ذلك والخليفة والدولة فى قبضة يده ! قال الفتى نعم . غير أن خدم قصر الخلافة تعصبوا وتألبوا وابوا الا ان يدفن عندهم فى قبة الديلم حيث احد أبواب القصر الشرقى الكبير فبنوا له مشهدا ونقلوا إليه الرخام ليكون ليكون الفخر لهم لو لأجل ان يظهروا للملأ ان قصر الخلافة لم تزل فيه بقية من الارادة والسلطة والاختيار فقال الشيخ وكيف ترى ولمن تكون الغلبة ؟ قال الفتى لا أراها الا لأولئك الخدم ومن
التف حولهم لأن المسألة مهما كانت عظيمة لا تتعدى أنها دينية ووزيرنا ابن رزيك انما يهمه القبض على أزمة سؤون المملكة وان تخلص السلطة له ، على أنه اذا لم يتيسر للوزير الظفر بهذه المنقبة فانه فاز بمنقبه اسمى منها وهو انه كان السبب فى نقل الرأس من مشهد عسقلان الى هنا – فقد مضى على بناء مشهد عسقلان زهاء خمسين سنة وهى المدة ما بين الأفضل ابن أمير الجيوش ووزيرنا الحالى الصالح بن رزيك ولما رأى هذا استفحال أمر الصليبيين وتمسكهم من فلسطين ومدن الساحل اشفق على مشهد الحسين من عسقلان من أذاهم وعبت يدهم فأرسل وفدا من العلماء والنقباء والقضاه والشهود الى عسقلان وامرهم ان يتحققوا من مكان المشهد واستقرار الرأس الشريف فيه ثم ينقلوه باحترام الى القاهرة وقد فعلوا ما أمرهم به وهذا هو اليوم المشهود الذى يصلون فيه فالتفت الشيخ العراقى غلى صاحبه الفاطمى وقال له لكن يا ولدى بالأمس سمعت بعض الناس يقول ان الخليفة أمير المؤمنين الفائز هو الذى امر باحضار الرأس الكريم من مشهد عسقلان وتولى ذلك الوزير الصالح طلائع – فقال له الفتى نعم هذا ما كان يفهمه بعض الناس ولكن ما قولك إذا علمت أن الخليفة لم يعلم بذلك إلا البارحة حيث دعاه الوزير لحضور الموكب فى هذا اليوم – أنظر يا سيدى هذا هو الموكب وكان فى مقدمة الركب الأمير سيف المملكة تميم والى عسقللان ومن خلفه العلماء والقضاه يتقدمهم قاضى القضاه أبو عبد الله النعمانى وعن يمينه قاضى المملكة والرأس الكريم محمول فى طست من ذهب يحمله رجل طويل القامة آدم اللون متطيلس بطيلسان أخضر وفوق الطست ستائر من المخمل والديباج وكان يمشى بين يدى الرأس الكريم مشارف عسقلان عبد الله المؤتمن ابن مسكين ولما وصلوا به إلى بستان كافور قدمه الاستاذ مكنون وأنزله فى البستان ثم حمل إلى قصر الزمرد ثم دفن عند قبة الديلم وكان كل من يدخل من الخدمة يقبل الأرض أمام القبر * هذا ما أقتبسته لك من رواية هذا الشاهد العدل فيما يتعلق ببحثكم وهى نفطة تارخية لما أهمية عظمى يجب ان لاتطوى ذكرياتها ، وان كنت قد رأيتكم قد اوردتم ما يعبر عن هذا المعنى ينوع من الافاضة فى مؤلفكم غير ان هذه الرواية من هذا المصدر الممتع قد تكون حجة ( وأى حجة ) لمن ينكر وجود رأس الحسين عندكم بالقاهرة . ( أنتهى )
|
|