اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm مشاركات: 6254
|
الإمام أبي البركات ،أحمد الدردير رحمه الله تعالى....
يقول حسن محمد قاسم فى كتابه :
( أبو البركات الدردير ) ( ....-1210 )
البحر الزاخر ، والكوكب الساطع الزاهر ، أوحد وقته فى الفنون العقلية والنقلية ، شيخ أهل الإسلام ، وبركة الأنام ، قطب العارفين ، سلالة الماجدين ، ذو المآثر والمناقب ، الذاكر الناسك ، العابد الزاهد ، حجة الأولياء ، وتاج الأتقياء ، قطب دائرة المحققين ، وسلطان العلماء العاملين ، مفتى العاملين ، مفتى الديار ، ومالك زمام الأسرار ، المجاهد المغازى فى سبيل الله ، الخاشع العابد الذاكر ، الأواه ، شيخ الطريقين ، وواحد الفريقين ، أبو الركات سيدنا الشيخ أحمد بن محمد بن أحمد بن أبى حامد العدوى المالكى الشاذلى الخلوتى الملقب الدردير . ولد رضى الله عنه وحفظ القرآن الكريم ، وأتم بعض العلوم ، وورج الأزهر ، وسمع دروس الأشياخ ، وبعد أن امتلأ من العلوم الظاهرية ، وأسندت إليه رئاسة المالكية ، سلك طريق القوم ، وشمر عن ساعد الجد ، فتلقى طريق الخلوتية ـ وقطع الأسماء .
قال رضى الله عنه فى ( رسالته ) لما لقننى شيخى وقدوتى سيدى شمس الدين سالم الحفناوى رضى الله عنه الذكر ، وقد سيقت لى إشارة ربانية قبل الاجتماع به أنى سأسير بسيره ، فلما لفننى الاسم الأول ، مكثت نحو ستى أشهر نذكر به حتى أحرق الذكر جسمى ، واذهب لحمى ودمى ، حتى صار مجرد جلدى على عظمى .
ولما بلغ رضى الله عنه ونفعنا به الذكر معه منتهاه ، وصارت روحانيته ذكرا فى ذكر من ذكر إلى ذكر ، صار فى هذا المقام لا يعى شيئا ، مع أنه كان يخاطب الناس بأحسن خطاب ن وبعد التمام رفع له الحجاب ، ونال ما نال ، وعد من الرجال ، واشير غليه بالكمال ، وغلب عليه حال الوجد والهيام ، ونزلت بساحته السادة الأعلام ، ثم تحقق وأظهر التحقيقات البديعة ، وصارت له أحوال عديبة .
تلقى طريق الشاذلية النقشبندية وسلك بهما وسلك وربى إخوانا على الصدق وأعوانا .
كان رضى الله عنه مهذب النفس ، كريم الخلق ، شهدت بفضله أهل مصر والمغرب والشام والعراق وقصدته سائ العباد من أقصى البلاد ، كان رضى الله عنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، وله فى السعى على الخير يد بيضاء .
توفى رضى الله عنه ساس ربيع الأول سنة 1200 وصصلى عليه بالأزهر بمشهد حافل ودفن بزاويته التى أنشأها بخط الكعكيين بجوار ضريح سيدنا يحيى بن عقب رضى الله تعالة عنهما ، وضريحه مهبط للزائرين وكعبة القاصدين ومحل التجليات ومركز البركات ومعه فى هذا المقام من الأولياء خليفته بعد وفاته على الفقراء السيد السباعى الكبير وولده ذو الفضل الغزير ، والعالم الكبير رضى الله عنهم أجمعين ، ونفع المسلمين بعلومهم واسرارهم ، آمين .
وهذا المشهد المبارك مشهور بالركات ، روضة من رياض الجنة ، تفوح من جوانبه روائح المسك ، ويقصده القاصى والدان ، نفع الله به أمة سيد ولد عدنان ، اللهم ثبت قلوبنا على محبتك ومحمد منبع الجود والكرم ، وآله وأصحابه وورثته وحزبه . آمين ، آمين ، آمين .
هو الشيخ أحمد بن أحمد بن أبي حامد العَدوي المالكي الأزهري الخَلْوَتِي، الشهير بأحمد الدردير، ولد بقرية بني عدي التي تسكنها قبيلة بني عدي القرشية في أسيوط بصعيد مصر، وينتهي نسبه إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقد تلقب بـ (الدردير)؛ لأن قبيلة من العرب نزلت ببني عدي، وكان كبيرهم رجل مبارك من أهل العلم والفضل يدعى الدردير، فلُقِّبَ الشيخ أحمد به تفاؤلا. وقد ولد -رحمه الله- سنة سبع وعشرين ومائة وألف للهجرة (1127هـ)، وقد حفظ القرآن وجوَّده، وحُبِّب إليه طلب العلم، فقدم الجامع الأزهر وحضر دروس العلماء الأجلاء.
شيوخه
وقد أخذ الشيخ الدردير عن جملة من الأعلام المبرزين:
سمع الحديث المسلسل بالأَوَّلِية عن الشيخ محمد الدفراوي بشرطه.
وأخذ علوم الحديث عن الشيخ أحمد الصَّباغ. وتلقى الفقه على الشيخ علي الصعيدي العَدوي، ولازَمه في كل دروسه حتى ظهرت نجابته ونباهته. وأخذ طريق التصوف وعلومه على الشيخ شمس الدين الحفني، وبه تخرَّج في طريق القوم، فَتلقَّن الذكر وطريقة الخلوتية منه حتى صار من أكبر خلفائه.حضر دروس الشيخين الملَّوِي والجَوْهري وغيرهما.
تلاميذه
أخذ عن الشيخ الدردير كثرة من العلماء الأجلاء تخرجوا به وانتفعوا بعلومه، منهم: الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي.أبو الخيرات
مصطفى العقباوي الذي أكمل شرح أقرب المسالك. أبو العباس أحمد الصاوي. أبو الفلاح صالح بن محمد بن صالح السباعي. أبو الربيع سليمان بن محمد الفيومي.
مؤلفاته
للإمام أحمد الدردير مؤلفات كثيرة رائقة فائقة، منها:
شرح مختصر خليل. الذي هو عمدة الفقه المالكي، أورد فيه خلاصة ما ذكره الأجهوري والزرقاني، واقتصر فيه على الراجح من الأقوال.
أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك. متن في فقه المالكية فرغ من تأليفه سنة 1193هـ، وطبع بالقاهرة عام 1321هـ ثم تعددت طبعاته بعد ذلك.
الشرح الصغير على أقرب المسالك. وصل فيه إلى باب الجناية ثم أكمله تلميذه الشيخ مصطفى العقباوي، وهذا الشرح هو الذي أقرَّه جميع المالكية في الفتوى، وعليه مشهور المذهب المالكي والأقوال المعتمدة فيه، واعتمده الشيوخ في تلقين المذهب للطلاب، وفي الفتاوى على مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى، وقد طبع في بولاق بالقاهرة سنة 1281هـ.
نظم الخريدة السَّنِيَّة في العقيدة السُّنيَّة. في علم التوحيد على مذهب الأشاعرة، وشرحها كذلك.
تحفة الإخوان في آداب أهل العرفان في التصوف. شرح على ورد الأذكار للشيخ كريم الدين الخلوتي.
شرح مقدمة نظم التوحيد للسيد محمد كمال البكري. رسالة في المعاني والبيان. في علوم البلاغة.
رسالة أفرد فيها طريق حفص في القراءات. رسالة في المولد النبوي الشريف.
رسالة في شرح قول الوفائية «يا مولاي يا واحد يا مولاي يا دائم يا عليُّ يا حكيم». شرح على رسالة الشيخ البيلي في مسألة «كل صلاة بطلت على الإمام بطلت على المأموم».شرح على منظومة للشيخ أحمد البيلي في المستثنيات.شرح على رسالة في التوحيد من كلام العلامة الدمرداش.
رسالة في الاستعارات الثلاث. شرحٌ على آداب البحث والتأليف.شرحٌ على الشمائل المحمدية ولم يتمه.رسالة في صلوات شريفة اسمها (المورد البارق في الصلاة على أفضل الخلائق). التوجه الأَسْنَى بنظم الأسماء الحسنى. وتسمى بمنظومة الدردير أو منظومة الأسماء الحسنى للدردير. مجموعٌ ذكر فيه أسانيد الشيوخ الذين أخذ عنهم العلم. شرح على رسالة قاضي مصر عبد الله أفندي المعروف بططر زاده في قوله تعالى {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} الآية.
رسالة في متشابهات القرآن. رسالة تحفة السير والسلوك إلى ملك الملوك. العقد الفريد في إيضاح السؤال عن التوحيد.
صفاته
كان الإمام -رحمه الله- أوحد وقته في الفنون العقلية والنقلية، لُقِّبَ بشيخ أهل الإسلام وبركة الأنام، وقد كان صوفيا نقيا سنيا زاهدا، قوَّالا للحق، زجارا للخلق عن المنكرات والمعاصي، لا يهاب واليًا ولا سلطانًا ولا وجيهًا من الناس، وكان سليم الباطن مهذب النفس كريم الأخلاق ولما توفي الشيخ علي الصعيدي تعين الشيخ أحمد الدردير شيخًا على المالكية، وفقيهًا وناظرًا على «وَقْفِ الصعايدة» بل وشيخًا على «رواق الصعايدة» بالأزهر، بل شيخًا على أهل مصر بأسرها في وقته حِسًّا ومعنى، فكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر كلا من الراعي والرعية، ويصدع بالقول مع صولة الحق، ولا تأخذه في الله لومة لائم وله في السعي على الخير يد بيضاء.
وقد أظهر الله تعالى على يديه كثيرًا من الكرامات ولذا لُقِّب بأبي البركات، وقد تواردت بذلك أخبار المؤرخين الثقات المعاصرين له كالجبرتي وغيره.
وقد اشتهر عنه -رحمه الله- أنه كان مجاب الدعوة بسبب تحريه أكل الحلال، وأنه كان لا يأكل طعامًا فيه شبهة، فإذا دعاه أحد من الناس على طعام سأل عن مصدر رزقه ليتحرى الحلال.
وقد ذكر عنه أن الوالي العثماني كان قد أجبر الناس على السخرة في عمل من أعماله وأغلق أبواب القلعة، فذهب الإمام الدردير مع الناس ووقف أمام الباب ودعا وأمّن الناس، فوقعت المواصيد والأقفال، ودخل حتى وصل إلى الخزائن وكلما وجد بابًا موصدًا وقف ودعا فينفتح الباب.
ومن أشهر مواقفه المشهودة التي تواتر الخبر بها موقفه مع أحد الولاة العثمانيين والذي أراد فور تعيينه أن يكون الأزهر هو أول مكان يزوره حتى يستميل المشايخ لعلمه بقدرتهم على تحريك ثورة الجماهير في أي وقت شاءوا وعند حدوث أول مظلمة، فلمَّا دخل ورأى الإمام الدردير جالسًا مادًّا قدميه في الجامع الأزهر وهو يقرأ وردَهُ من القرآن غضب؛ لأنه لم يقم لاستقباله والترحيب به، وقام أحد حاشيته بتهدئة خاطره بأن قال له: إنه مسكين ضعيف العقل ولا يفهم إلا في كتبه يا مولانا الوالي. فأرسل إليه الوالي صرة نقود مع أحد الأرقاء فرفض الشيخ الدردير قبولها وقال للعبد «قل لسيدك من مدَّ رجليه فلا يمكن له أن يَمُدَّ يديه» فكان الشيخ رحمه الله قدوة في الحال والمقال.
وفاته
تعلّل أياما ولزم الفراش مدة حتى توفي في السادس من شهر ربيع الأول سنة 1201هـ، الموافق 27 من ديسمبر سنة 1786م وصلي عليه بالجامع الأزهر بمشهد عظيم حافل، ودفن بزاويته التي أنشأها بجوار ضريح سيدي يحيى بن عقب، وهو مسجد عامر الآن.
|
|